ميركل تحت الضغط
٢١ يناير ٢٠١٦بعد موجة الانتقادات التي تواجهها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل منذ أسابيع داخل صفوف حزبها (الحزب المسيحي الديموقراطي)، وحليفها البافاري (الحزب المسيحي الاجتماعي)، ظهرت أخيراً بعض الأخبار السارة لميركل بخصوص النقاش الدائر حول موضوع اللاجئين، من وزير العدل الاتحادي هايكو ماس (الحزب الاشتراكي الديموقراطي). وأدلى هايكو ماس بتصريح لصحيفة "راين نيكار تسايتونغ"، يدعم فيه ميركل قائلاً: "نحن جميعا متفقون حول نفس الهدف، وهو مساعدة الناس الذين يمرون في محنة كبيرة. كما يجب علينا خفض وتيرة تدفق اللاجئين إلى مستوى معقول".
كما توقف وزير العدل عند انتقادات شركاء التحالف الحكومي الآخرين لسياسة ميركل، خصوصاً تلك التي يقف خلفها رئيس حكومة ولاية بفاريا ورئيس الحزب المسيحي الاجتماعي. وفي هذا الصدد قال هايكو ماس "التهديدات المستمرة لميركل من طرف الحزب الاجتماعي المسيحي لا تساعد كثيرا على الوصول إلى اتفاق، تماما كما هو حال حملة جمع التوقيعات داخل صفوف حزبها".
ويمارس رئيس حكومة ولاية بافاريا الألمانية، هورست زيهوفر، مزيداً من الضغوط على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في الخلاف حول النهج السليم الذي ينبغي اتباعه لمواجهة أزمة اللاجئين. وقال زيهوفر، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، في تصريحات لمجلة "دير شبيغل" الألمانية الصادرة السبت (16 يناير/ كانون الثاني 2016): "في غضون 14 يوماً سنطالب الحكومة الاتحادية خطياً بإعادة تطبيق القواعد القانونية الخاصة بالحدود. إذا لم تفعل الحكومة الاتحادية ذلك، لن يتبقى أمام حكومة الولاية شيء آخر سوى التقدم بدعوى أمام المحكمة الدستورية الاتحادية".
ميركل ترفض الرضوخ لمطالب المنتقدين
وجددت المستشارة الألمانية ميركل رفضها لطلب الحزب المسيحي الاجتماعي لها بتغيير سياستها الخاصة باللاجئين. وقالت أمس الأربعاء (20 كانون ثان/ يناير)، قبيل لقائها مع نواب الكتلة البرلمانية للحزب المسيحي الاجتماعي، على هامش اجتماعهم السنوي المغلق بمدينة كرويت القريبة من مدينة ميونيخ: "ما نتفق عليه هو ضرورة خفض عدد اللاجئين الذين يصلون ألمانيا بشكل ملموس ودائم".
فهذا الخلاف المستمر بين ميركل وحليفها البافاري أصبح منذ أسابيع مصدر إزعاج لها ولمؤيديها داخل حزبها. ففي وقت سابق من الأسبوع الجاري نصحت نائبة رئيس الحزب جوليا كلوكنر، منتقدي المستشارة ميركل بالتوقف عن انتقاداتهم وقالت حرفياً: "اخرسوا". لكن رد وزير المالية في ولاية بافاريا ماركوس سودر، لم يأت متأخراً، وعلق قائلاً: "الصمت شعار خاطئ. بدل ذلك يجب أن يكون الشعار هو: افتحوا الأعين".
كما اتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحزب المسيحي الاجتماعي في بافاريا بأنه يوسع نطاق تأييد الأحزاب اليمينية من خلال الاستمرار في توجيه الانتقادات للمستشارة الألمانية ميركل بشأن سياستها المتعلقة باللاجئين ومن خلال "الحلول الوهمية" التي يطرحها للمشكلة. ورأى رالف شتيجنر، نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) اليوم الخميس (21 كانون ثان/ يناير)، أن الحزب المسيحي الاجتماعي "يعطي انطباعا خاطئا بأن هناك مفتاحا ما يمكن تشغيله لوضع حد لتدفق اللاجئين"، وأضاف أن ذلك يصب بشكل مباشر في مصلحة اليمينيين المتطرفين والشعبويين.
حملة توقيعات ضد سياسة المستشارة
ومؤخرا وقع حوالي 44 نائبا من الكتلة البرلمانية لتحالف المستشارة الألمانية على عريضة موجهة لميركل، يحتجون فيها على سياستها المتعلقة باللجوء. ويطالب أصحاب الحملة غير المألوفة داخل الحزب برفض طلبات اللاجئين الذين لا يحملون جوازات سفر سارية الصلاحية، أو القادمين من بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى. كما عبر الموقعون على العريضة عن أملهم في أن ينضم إليهم المزيد من أعضاء الكتلة البرلمانية للتحالف، والتي تضم 310 أعضاء. لكن ميركل رفضت تلك المطالب، ويتحدث البعض عن حالة تذمر في صفوف الموقعين. كما أن الدوائر الانتخابية للحزب اتسعت فيها دائرة الرافضين لسياسة اللجوء التي تتبعها المستشارة.
ومن بين أصحاب مبادرة حملة التوقيعات النائب البرلماني عن الحزب كريستيان فون سيتن. وأوضح في حديث مع المحطة الإخبارة الألمانية N-TV، أن الأمر لا يتعلق بثورة ضد المستشارة. وأضاف أن الموقعين يريدون أن يوضحوا "الحاجة الملحة إلى احترام القانون الألماني والأوروبي على الحدود الألمانية". ويشكل أصحاب المبادرة من حزب ميركل إلى جانب 56 نائبا آخرين في صفوف الحليف البافاري مجموعة قوية قوامها حوالي 100 نائب يعارضون علنا سياسة اللاجئين لميركل.
تراجع شعبية ميركل
وحسب بعض الأصوات من داخل مكتب المستشارية، فإن ميركل تريد أولا مناقشة الموضوع على المستوى الأوروبي في محاولة منها إلى التوصل إلى اتفاق حول توزيع عادل للاجئين في أوروبا. وبعدها سيكون باستطاعتها تصحيح الوضع داخل ألمانيا، يضيف نفس المصدر. غير أن ميركل ليس لديها الكثير من الوقت لذلك، فحليفها الحزب الاشتراكي الديموقراطي، يمر في حالة توتر بسبب اقتراب موعد انتخابات البرلمانات المحلية منتصف مارس/ آذار القادم داخل ثلاث ولايات. ويتوقع البعض أن يكتسح الحزب اليميني "البديل من أجل ألمانيا" تلك الانتخابات.
كما أن نتائج آخر استطلاع لآراء الناخبين ستكون مصدر قلق لرئيسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وحسب الاستطلاع الذي أنجزه معهد "فورسا" للدراسات والأبحاث الاجتماعية لصالح مجلة "شتيرن"، اعتبر 44 بالمئة فقط من المستطلعة آراؤهم ميركل الأنسب لمنصب المستشارية، وبذلك تكون ميركل قد فقدت أربع نقاط مئوية مقارنة بالسابق. وحسب توقعات نفس المعهد، فإن المرجح أن يحصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" على عشرة بالمئة من الأصوات على صعيد ألمانيا.
وحتى اللاجئون أنفسهم بدؤوا يوجهون الانتقادات للسياسيين والإدارات بألمانيا. ومؤخرا رفع حوالي 200 من طالبي اللجوء بولاية شمال الراين وستفاليا دعوى قضائية ضد المكتب الاتحادي للهجرة، يتهمون فيها هذه المؤسسة بـ"التقاعس" في عملها. ويشرحون السبب في كون أصحاب الطلبات، الذين ينحدر معظمهم من سوريا وإريتريا، انتظروا لأكثر من سنة لدراسة طلباتهم والبث فيها.