هل خبت جذوة الربيع البحريني أم أُخْمِدَت؟
٣ مارس ٢٠١٢في مثل هذه الفترة من العام الماضي كانت البحرين مسرحا لاحتجاجات واسعة استلهمت أحداث الربيع العربي في تونس ومصر، حيث خرج عشرات الآلاف من البحرينيين إلى الشوارع للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية وإقامة مملكة دستورية، غير أن زخم حركة الاحتجاجات شهد في الأشهر اللاحقة تراجعا واضحا. حلقة هذا الأسبوع من برنامج مع الحدث على قناة دي دبليو عربية ناقشت آخر التطورات في البحرين وموقف الغرب منها.
وعود على الورق وقمع على أرض الواقع
الكاتب والشاعر البحريني المعارض المقيم في ألمانيا علي الجيلاوي يرى أن تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية التي شكلت برئاسة الخبير الأمريكي القانوني شريف بسيوني تشير إلى انتهاكات عدة من قبل الحكومة البحرينية، مثل القيام بتشويه الجثث وبفصل عدد كبير من الموظفين بشكل تعسفي، ويضيف: عندما سمح بضرب دوار اللؤلؤة في الفترة الأولى وخرج سمو الملك واعتذر عما حدث من وزارة الداخلية ونتج عنه قتل الأبرياء، تُرك الناس فشعروا بالأمان وخرجوا للتظاهر، لكنهم قمعوا وسحلوا، فأصبح الناس يخافون".
من ناحية أخرى، ينتقد الجيلاوي الاتهامات الدائمة للمعارضة بأنهم "أياد خارجية" وبأنهم عملاء قائلا: دائماً ما يتم إلقاء مثل هذه الاتهامات في الدول العربية، من قبل كنا نتهم بالعمالة للسعودية ومن بعدها للاتحاد السوفيتي ثم القومية العربية... لماذا يتعاملون معنا وكأن ليس لنا حقوق وأياد داخلية؟ كل ما نطالب به هو حقوقنا وتحقيق الديمقراطية وحكومة منتخبة." ويشدد الكاتب البحريني على أنهم طالما حصلوا على وعود من الملك البحريني وولي العهد، لكن ما يحدث بعد ذلك هو أن يتم قمع المتظاهرين.
المعارضة ترفض الحوار
لكن الدكتور عمر الحسن، مدير مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية والدبلوماسي البحريني السابق يرى من جانبه أن هناك تجنيا من جانب المعارضة على الحكومة البحرينية، متهماً المعارضة برفض الدخول في حوار مع الحكومة وبتعطيل العمل في البلاد، حيث قال: "حينما سمح للمعارضة أن تعود للدوار وبقيت فيه أكثر من 35 يوماً والحكومة تحاول أن تقنعهم بالحوار، رفضت المعارضة الحوار، وانتقلوا إلى المرفأ المالي ثم ذهبوا وقطعوا الطرق في البلد وعطلوا اجتماعات مجلس الشورى ومجلس النواب وذهبوا بعد ذلك إلى وزارة الداخلية وإلى الديوان الملكي ودخلت البلاد في فوضى."
من ناحية أخرى يرى الدكتور الحسن أن تدخل الأمن والاستعانة بقوات درع الجزيرة كانت تهدف لحماية "جميع المواطنين البحرينيين من سنة وشيعة" بعد أن اجتمع مئات الآلاف من كل تيار، ويضيف في هذا السياق: "قوات درع الجزيرة ليست قوات بريطانية أو أمريكية أو إسرائيلية وهي جزء لا يتجزأ من منظومة مجلس التعاون الخليجي وجاءت لتحمي المنشآت المدنية في البحرين."
"حكومات دول الخليج في ورطة"
من جانبه يرى يوآخيم باول، الخبير في مؤسسة هاينريش بول المقربة من حزب الخضر الألماني ومدير فرعها الجديد في القاهرة، أنه أصبح واضحاً أن هناك تجاوزات كبيرة لحقوق الإنسان في البحرين، وأن التقرير الذي أصدرته لجنة التحقيق الدولية المستقلة أوضح ذلك، وأن العائلة المالكة قبلت بهذا التقرير، لكن شيئاً لم يتغير على هذا الصعيد، ويضيف: "يجب أن يكون هناك وضوح في عملية تنفيذ توصيات اللجنة الدولية" مشيراً إلى أن الحل الأمني لا يمكن أن يكون هو الحل للأزمة، ويضيف في هذا السياق: "حكومات دول الخليج في ورطة، فهي من ناحية تسعى لتثبيت سلطتها من خلال نظام أمني دون أن يشارك الشعب في ذلك، ومن ناحية أخرى لا تفتح أي باب لتحقيق إصلاحات سياسية في البلاد". وشدد الخبير الألماني على ضرورة تنفيذ المطالب الشعبية بالمشاركة السياسية موضحاً أن على البحرين أن تنظر أيضاً للتغيرات السياسية في المنطقة العربية كلها.
"حوار الحكومات العربية بلغة النار"
أما عن آراء مستخدمي صفحة دي دبليو عربية على الفيسبوك حول هذا الموضوع، فكانت في معظمها مساندة للمعارضة. سلمى لاغريغوف أعربت عن صعوبة فهم مواقف الحكومات العربية قائلة: "بصراحة لا أستطيع أن أعتقد أي شيء بالنسبة للسياسات العربية، فهي لا تحتكم لأي منطق." أما أحمد ماد فقال ساخرا: "الحكومة البحرينية جادة ومستعدة للحوار... لكنه الحوار مع الشعوب في الشوارع بلغة الأنظمة العربية". وعلى صفحة Revolution von Bahrain على الفيسبوك نقرأ: "في ألمانيا يستقيل رئيس بسبب دعوى قضائية، أما البحرين فلديها رئيس وزراء يقبع في الحكم منذ 40 عاماً وهو غارق في قضايا الفساد"، إن "الاحتجاجات لن تتوقف في مختلف مناطق البحرين لأن الحكومة تمارس الحوار بلغة النار، والعنف يولد العنف."
واختلف"حضن الغريب" مع هذا الرأي، حيث قال في تعليقه على صفحة فيسبوك: "ما يحدث في البحرين هو مجرد صراعات ما بين دول الخليج وإيران، هكذا هو الحال، وقد يستمر الصراع ولكن سوف تحتويه الدول بكافة الطرق، ومن وجهة نظري المتواضعة فهي ليست ثورة، وإنما هي ثورة أقلية ضد الأغلبية". ووافقته الرأي شيماء البلوشي قائلة: "ما يحدث في البحرين ليس إلا امتدادا لحكم ولاية الفقيه الإيرانية ولولا تدخل درع الجزيرة (وهي ليست قوات سعودية فقط .. بل تشمل كل دول الخليج وهذه معاهدات قديمة بين سياسات دول الخليج) .. لكننا الآن تابعون لسلطة إيران".
سمر كرم
مراجعة: عبده جميل المخلافي