هل تصبح ألمانيا الوجهة الدراسية البديلة للطلبة السعوديين؟
٣ نوفمبر ٢٠١٣تخصصات مثل الهندسة الميكانيكية والهندسة الكهربائية وتقنية المعلومات والهندسة المدنية والطب التي تدرسها الجامعات الألمانية استحوذت على اهتمام الطلبة السعوديين في السنوات الأخيرة مما زاد من أعدادهم بشكل ملحوظ. ويرى الكثيرون من الطلبة السعوديين الدارسين في ألمانيا أن براعة الأخيرة في المجال الهندسي والريادة في التكنولوجيا كان لهما الدور الحاسم في اتخاذهم قرار الدراسة في الجامعات الألمانية وليس في غيرها من جامعات الدول الأنجلوساكسونية التي كانت القبلة الدراسية للطلبة السعوديين على مدى السنين.
ألمانيا وجهة دراسية محببة لطلاب الهندسة
وعن أسباب اختياره ألمانيا كوجهة دراسية يقول الطالب السعودي راكان الشمري الذي يدرس هندسة الاتصالات في جامعة كاسل في حوار مع DWعربية: " ألمانيا من دول التكنولوجيا المتميزة عالمياً، وبما أني أردت دراسة هندسة الاتصالات فلن أجد أفضل من الجامعات الألمانية تناسباً مع تخصصي". ويضيف راكان: "لكن هذا ليس السبب الوحيد، فطموحي في تعلم لغة أخرى جديدة والرغبة في التعرف على ثقافة وحضارة الشعب الألماني شجعاني على اتخاذ هذا القرار".
ويوافقه في ذلك الطالب أُبي رفقي الذي يدرس الهندسة الكهربائية في جامعة بريمن للعلوم التطبيقية، والذي أشار إلى أن تفوق ألمانيا في المجال الهندسي كان له الأثر الأكبر في اختياره ألمانيا للدراسة، ويضيف أُبي في حواره مع DWعربية: "كان لدي هوس في تعلم لغة جديدة غريبة إلى جانب الدراسة، لذا اخترت اللغة الألمانية لأنها لغة جديدة كلياً بالنسبة لي".
اللغة، أكبر التحديات
إلا أن الدراسة في ألمانيا لا تخلو من المصاعب، فاللغة الألمانية تعد لغة صعبة جداً خاصة وأن الطلبة السعوديين لم يتعلموا في دراستهم الثانوية سوى اللغة الانجليزية أو لغات أخرى غير الألمانية ما يعني أن عليهم أولا تعلم الألمانية. وإلى ذلك يقول أُبي: "من المصاعب التي واجهتني هي صعوبة اختبار اللغة بالإضافة إلى المستوى الأكاديمي في الجامعة من حيث التنظيم والاختبارات وغزارة المنهج". ويرى أن الاندماج في الثقافة الألمانية هي مشكلة يعاني منها بعض الطلاب الأجانب كما يعاني منها بعض الطلبة الألمان أيضاً، إذ أن مفهوم الاندماج لا يقتصر فقط على الأجانب، بل يشمل كذلك الألمان ورغبتهم في التعاطي مع الطلبة الأجانب.
لكن راكان يرى أن الاندماج لا يجب أن يكون عائقاً، ذلك أن الطالب الذي اختار ألمانيا للدراسة يعرف من البداية أن هذا المجتمع يختلف بشكل كبير عن المجتمع الذي يعرفه، وبالتالي ينبغي الانفتاح على هذه الثقافة والنهل منها من كل ما هو مفيد. ويضيف راكان أن "المشكلة الحقيقية في رأيي هو نظام الرسوب في الجامعات الألمانية، إذ أن لكل مادة محاولات إعادة اختبار محدودة، قد تصل في أحسن الأحوال إلى ثلاث مرات"، ويكمل مستشهداً بحالة عاشها أحد أصدقائه: " أنا أعرف زميلاً لي أنهى جميع المواد إلا مادة واحدة ولم يوفق للمرة الثالثة فطرد من الجامعة".
إنشاء معاهد لغوية
وعن رأيه فيما إذا كانت هناك تدابير تستطيع أن تقدمها ألمانيا مستقبلاً لتشجيع الطلبة السعوديين للدراسة فيها يقول أُبي: "في المملكة العربية السعودية لا تتوفر معاهد وهيئات ثقافية ألمانية كافية، وهذا يعني أن الطالب يسافر إلى ألمانيا من دون خبرة كافية باللغة. لذا يستوجب إنشاء معاهد لتعليم اللغة الألمانية هناك لتمكين الطلبة من تعلم اللغة قبل السفر". ولا يعتقد أُبي أن ألمانيا ستحل في المنظور القريب محل دول يقصدها الطلبة السعوديين منذ سنين كالولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة وذلك لأن عامل اللغة عامل مهم جداً، فالطالب السعودي معتاد على سماع اللغة الإنجليزية وممارستها في كثير من المجالات منذ طفولته.
راكان يعتقد عكس ذلك ويرى أن الانفتاح الذي تمارسه ألمانيا تجاه الشرق الأوسط ـ ولو أنه مازال متواضعاً بعض الشيءـ إلا أنه قد يغير من صورتها مع مرور الزمن، مؤكداً: "نحن الطلبة السعوديين المتواجدون حالياً في ألمانيا نتواصل مع أصدقائنا ومعارفنا عبر شبكات التواصل الاجتماعي في المملكة وننقل الصورة الايجابية التي نعيشها أثناء دراستنا في ألمانيا". ويكمل راكان: "بدأ عددهم يزداد حتى منهم من يكتب لي ويريد تبادل الخبرات".
وعن قدرتهم على المواءمة بين حياة الانفتاح والحداثة في ألمانيا وحياة المحافظة والتقاليد في بلادهم يقول راكان: "أعتقد أننا نعيش في عصر العولمة ولا يخفى على أحد أن الكثير من الشعوب بدأت تنفتح على العالم وتحاول تطبيق ما يسمى بالثقافات المشتركة". ويضيف: "نحن نواجه احترام من قبل الشعب والحكومة على حدٍ سواء، كما أننا أتينا للدراسة وليس للعيش وهذا يخفف عنا بعض الشيء". من جانبه يقول أُبي: "بالاجتهاد والحرص على أداء الواجبات وما تربينا عليه، كذلك بتعلم كل ما هو مفيد وجيد في الثقافة الألمانية نستطيع المواءمة بين هذه الأمور".