هل تساهم رئاسة ترامب في "نهوض" أوروبا؟
١٠ نوفمبر ٢٠١٦فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية بات يلقي بظلاله على الاتحاد الأوروبي، حتى قبل توليه المنصب بشكل رسمي أو الإعلان عن توجهات سياسته الخارجية، إذ توجد جملة من المشكلات التي لا يملك الاتحاد الأوروبي الأدوات اللازمة للتعامل معها، لاسيما في أعقاب القرار البريطاني الانسحاب من عضويته.
فقد انشغلت قيادات الاتحاد بتنامي الميول المناهضة لمؤسسات الحكم في القارة الأوروبية ذاتها لدرجة أنها لم تهتم باحتمال وصول رجل وصفه نائب المستشارة الألمانية بأنه "رائد حركة دولية جديدة استبدادية ومغالية في القومية" إلى قمة هرم السلطة في الولايات المتحدة.
ففي اليوم السابق للانتخابات، قال أحد زعماء الاتحاد الأوروبي إن خطة الطوارئ تتمثل في "رسم علامة الصليب على الصدور والدعاء"، في إشارة إلى عدم وجود خطة للتعامل مع فوز ترامب. وفي اليوم التالي للانتخابات، لخص دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى المعضلة بينما كانت قيادات أوروبا تتعهد بالتعاون مع ترامب، إذ قال لوكالة رويترز: "رفضنا التفكير فعلياً في هذا السيناريو، ولدينا الآن قائمة أسئلة بحاجة لإجابات. لكن كل شيء تقريباً مجهول".
آن أوان تولي قدر أكبر من المسؤولية
وفي رأي البعض، يجب على أوروبا الآن أن تنهض وتتولى قدراً أكبر من المسؤولية، سواء من أجل الأمن الأوروبي أو من أجل العالم، إذا التزم ترامب بما ردده خلال حملته الانتخابية من تقليص الالتزامات الدفاعية الأمريكية وغيرها من الارتباطات الأمريكية في الخارج.
كما تمثل العلاقات التجارية وتغير المناخ وروسيا وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مجالات قد يتعين على أوروبا أن تخط فيها مساراً لنفسها إذا انسحبت واشنطن تحت قيادة ترامب من المسرح العالمي.
وقال مانفريد فيبر، حليف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الذي يقود كتلة المحافظين في البرلمان الأوروبي: "هذه صيحة تنبيه أخرى. الأمر عائد لأوروبا الآن. علينا أن نكون أكثر ثقة بالنفس ونتحمل قدراً أكبر من المسؤولية".
من جانبه، أوضح ديدييه رايندرز، وزير خارجية بلجيكا، أن البيت الأبيض في ظل ترامب "قد يساعد البعض في أوروبا على إدراك الحاجة لتعزيز التعاون الدفاعي بين الأوروبيين".
رئاسة ترامب فرصة للمشككين في الاتحاد الأوروبي
غير أن قيادات الاتحاد تدرك أن المتشددين المشككين في الوحدة الأوروبية وما وجدوه من تشجيع في فوز ترامب وتصويت بريطانيا على الانسحاب من التكتل في يونيو/ حزيران الماضي قد يستغلون أي محاولة لتعزيز المؤسسة الأوروبية من أجل دفعهم إلى نفس المصير الانتخابي المخزي الذي لقيته المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
أما دول شرق أوروبا العضو في الاتحاد، فتشعر بالقلق من أن يستغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد ترامب بتحسين العلاقات مع موسكو، التي ترزح تحت عقوبات أوروبية وأمريكية، من أجل بسط نفوذ روسيا سياسياً وفعلياً، كما حدث في أوكرانيا.
لهذا، شعر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) النرويجي الجنسية بأنه مضطر للإفصاح عن موقفه أن ترامب لا يمكنه التراجع فيما يخص الضمانات الأمنية.
من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرو عن الزلزال السياسي الذي شهدته واشنطن في ذكرى مرور 27 عاماً على سقوط حائط برلين: "لا يمكن أن يغمض لأوروبا جفن بعد خروج بريطانيا وبعد انتخاب دونالد ترامب"، مضيفاً: "يجب أن تتحد أوروبا بشكل أكبر وأن تكون أنشط وأن تأخذ بزمام المبادرة بشكل أكبر. حتى لو كان ذلك لحماية نفسها فقط".
مزيد من الاتحاد .. مزيد من القوة؟
لكن حتى ذلك الحين ستكون مهمة صعبة بدون التواجد الأمريكي، لاسيما وأن الاتحاد الأوروبي يعاني من توترات بسبب السياسة الاقتصادية وأزمة اللاجئين وانسحاب بريطانيا من عضويته وانقسامات كبيرة في صفوف الدول الأعضاء.
هذا ورفض دبلوماسي أوروبي إشارات إلى إمكانية انسحاب أمريكا من بعض ارتباطاتها قد يعود ببعض الفوائد، مثل إرغام الأوروبيين على الاستثمار أكثر في التعاون فيما بينهم وزيادة الإنفاق على الدفاع، معتبراً أن هذا "ليس بصيص الأمل، بل تظاهر بالشجاعة".
يذكر أن وزراء خارجية الاتحاد قد دعوا إلى عقد اجتماع خاص على العشاء يوم الأحد لبحث ما يعنيه انتخاب ترامب لأوروبا. وقال جايلز ميريت من مركز أبحاث أصدقاء أوروبا (فريندز أوف يوروب) المقرب من الاتحاد الأوروبي في بروكسل إن الزعماء يجب ألا يتوانوا عن التحرك لتفادي المشاكل وقد يعملون على تنشيط اتحادهم بالمساعدة في الدفاع عن الاستقرار العالمي. وأضاف أن عليهم "صياغة رد أوروبي مشترك ... قبل أن يطأ الرئيس ترامب أرض المكتب البيضاوي".
ي.أ/ ي.ب (رويترز، DW)