هل بدأ الاقتصاد الروسي بالترنح تحت وطأة العقوبات الغربية؟
٩ مارس ٢٠٢٢أزمة كبرى يعاني منها الاقتصاد الروسي على خلفية تداعيات الحرب والعقوبات الدولية المتتالية على موسكو. على إثر تلك الأزمة الخانقة حظر البنك المركزي الروسي قيام البنوك ببيع العملات الأجنبية للأفراد، كما قرر أن يكون حد السحب من الودائع القائمة بعملات أجنبية عند عشرة آلاف دولار، وذلك لمدة ستة أشهر تبدأ من اليوم الأربعاء (التاسع من آذار/مارس 2022).
وأكد البنك، وفقا لما نقلته وكالة "إنترفاكس" الروسية، أن جميع الأموال في الحسابات أو الودائع بالعملات الأجنبية ستظل محفوظة وبعملة الإيداع. ويمكن للعميل سحب ما يصل إلى عشرة آلاف دولار أمريكي بالنقد الأجنبي، بينما سيحصل على بقية الأموال بالروبل بسعر صرف السوق في يوم السحب.
ولفتت الوكالة إلى أن نحو 90% من الحسابات بالعملات الأجنبية لا تتجاوز قيمتها عشرة آلاف دولار، ما يعني أن 90% من أصحاب الأموال سيكونون قادرين على الحصول على أموالهم بالكامل نقدا بالعملة الأجنبية.
ولن تقوم البنوك ببيع العملة الأجنبية نقداً للأفراد خلال الفترة التي تكون فيها هذه القواعد سارية. بينما سيكون من الممكن شراء العملات الأجنبية بالروبل في أي وقت وبأي مبلغ.
الإفلاس "محتمل"
من جانبه، اعتبر رئيس معهد "دي آي في" الألماني للبحوث الاقتصادية، مارسيل فراتسشر، أن إفلاس الدولة الروسية محتملٌ للغاية في الأشهر المقبلة.
وقال فراتسشر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إنه بسبب العقوبات الغربية التي فُرضت على روسيا جراء حربها ضد أوكرانيا، هناك خطر كبير من أن روسيا لن تخدم ديونها لدى المستثمرين الدوليين، موضحاً أنه لا يمكن استبعاد حدوث اضطرابات في الأسواق المالية حال تخلف الدولة الروسية عن السداد.
وأضاف الخبير الاقتصادي: "الدولة الروسية ليس لديها سوى القليل من الديون الخارجية"، موضحا أنه من خلال تصدير النفط والغاز حققت روسيا فوائض تجارية كبيرة وتمكنت من خفض ديونها بشكل كبير، مشيرا في المقابل إلى أنه بسبب العقوبات لم يعد لديها حرية في الوصول إلى الاحتياطيات النقدية، وقال: "أخشى أن يتمدد الصراع إلى النظام المالي العالمي، حيث ستسعى روسيا وشركاؤها إلى إحداث اضطرابات للإضرار باقتصاد الغرب".
وذكر فراتسشر أن أكبر مخاوفه تتعلق بسوق المال في منطقة اليورو، موضحاً أن البنك المركزي الروسي والبنوك الروسية الخاصة تقوم هنا بدور مهم بالنسبة للسيولة، وقال: "أتوقع أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بتوسيع مخصصاته من السيولة وتحسين شروط التمويل مرة أخرى من أجل تجنب الاضطرابات"، مشيراً إلى أنه بسبب الحرب يمكن توقع سياسة نقدية أكثر توسعية - خاصة في أوروبا.
التخلف عن سداد الديون بات "وشيكاً"
وفي سياق متصل، خفّضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني الثلاثاء تصنيف الديون السيادية الروسية من "بي" إلى "سي"، في قرار يعني أنّ تخلّف موسكو عن سداد ديونها أصبح بنظرها "وشيكاً".
وعلى غرار وكالتي التصنيف الرئيسيتين الأخريين (ستاندرد آند بورز وموديز)، خفّضت فيتش في مطلع آذار/مارس الجاري علامة الديون السيادية الروسية الطويلة الأجل إلى خانة الديون "غير المرغوب بها" أو فئة البلدان المعرضة لخطر التخلّف عن سداد ديونها. لكنّ الوكالة قرّرت الثلاثاء تخفيض هذه العلامة أكثر في ضوء "التطوّرات التي قوّضت أكثر رغبة روسيا في خدمة دينها العام".
وكلّما انخفض تصنيف الديون السيادية لدولة ما كلّما تراجعت ثقة المقرضين بالبلد وتضاءلت قدرته على الاقتراض بأسعار فائدة معقولة.
ولتبرير قرارها، استشهدت فيتش بمرسوم وقّعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 5 آذار/مارس ويسمح بموجبه بسداد مستحقّات الديون لمقرضين من دول محدّدة بالروبل بدلاً من سدادها بعملات أجنبية. كما لفتت الوكالة إلى قرار أصدره البنك المركزي الروسي وفرض بموجبه قيوداً على تحويل بعض السندات إلى غير المقيمين.
وقالت فيتش: "بصورة أعمّ، فإن تشديد العقوبات والمقترحات التي من شأنها أن تحدّ من تجارة الطاقة تزيد من احتمالية" أن تلجأ روسيا إلى خيار "يتضمّن على الأقلّ عدم سداد انتقائي لالتزاماتها السيادية". كما أشارت فيتش إلى إمكانية أن تحول حواجز تقنية، مثل القيود المفروضة على تحويل الأموال، دون أن تسدّد روسيا مستحقات ديونها.
وإذا صحّت توقّعات فيتش فستكون هذه المرة الأولى منذ 1998 التي تتخلّف فيها روسيا عن سداد مستحقات سيادية.
ع.ح./خ.س. (ا ف ب، د ب أ)