هل أوشكت واشنطن على تعديل سياستها تجاه الشرق الأوسط؟
١٤ يوليو ٢٠١٤خلال الاحتفال بتخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية وست بوينت العسكرية الأمريكية في الثامن والعشرين من آيار/مايو الماضي، ألقى الرئيس الأمريكي كلمة مطولة، تطرق خلالها لقضايا عديدة خاصة بشأن وضع الولايات المتحدة في العالم والشؤون الدبلوماسية والعسكرية المرتبطة بها. الملفت للنظر هو أن الرئيس الأمريكي لم يتناول في حديثه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أحد أبرز الصراعات الذي يحتل مكانة كبيرة في جدول أعمال وزير الخارجيته الأمريكي جون كيري.
بعد مرور حوالي أسبوعين على خطاب أوباما، اندلع العنف مرة أخرى في غزة، إذ لقى أكثر من 100 شخص حتفهم نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية كما استمر اطلاق الصواريخ على إسرائيل من الجانب الفلسطيني. يأتي ذلك عقب تطورات الأوضاع الناتجة عن خطف ثم قتل ثلاثة مراهقين اسرائيليين وطفل فلسطيني. ومع تزايد التوقعات بإمكانية شن عملية أرضية إسرائيلية على غزة، تدعو الأمم المتحدة كلا الطرفين إلى ضرورة التوصل الى هدنة.
ماذا سيحدث الآن؟
كيف هو موقف السياسة الأمريكية تجاه ما يحدث؟ فبعض الأصوات توجه اللوم بشكل واضح للولايات المتحدة مثل الباحث لي سميث، بمعهد هودسون والذي يرى أن "المشكلة الأساسية التي يواجهها الوزير الأمريكي جون كيري تتجلى في عدم ثقة أي طرف بالالتزام الأمريكي تجاه القضية، حيث تشير كل سياسات الإدارة الأمريكية حول الشرق الشرق الأوسط إلى شيء واحد وهو أن أمريكا ترغب في الابتعاد عن موضوع الشرق الأوسط".
السؤال المطروح حاليا هو إن كانت مساعي الوزير كيري لتحقيق السلام في المنطقة عبارة عن خطوة بائسة أخيرة، قبل أن تتحول البوصلة الأمريكية باتجاه آسيا عوض الشرق الاوسط؟ الباحث ديفيد بولوك من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى له رؤية أخرى ويقول في تصريحات لـ DW " أعتقد أن العكس هو الصحيح. أعتقد أن (جهود كيري) حافظت على السلام أو ساعدت في الحفاظ عليه لمدة عام تقريبا، وهو إنجاز لابأس به بالنظر إلى الظروف في المنطقة".
فراغ دبلوماسي
خلال ندوة نظمها مركز ولسون في واشنطن، تم التأكيد على هذا التقييم، حيث أثنى المشاركون في المنتدى على الجهود الأخيرة التي قام بها كيري في المنطقة. وخلص المشاركون إلى أن المشكلة لم تكمن في الطموحات غير الواقعية التي لم يتمكن لكيري، بل في أن اليأس تمكن منه سريعا عندما لاحظ أن خططه بشأن التوصل لتسوية نهائية بحلول نيسان/أبريل الماضي، غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع.
يصف روبرت دانين، الباحث في مركز العلاقات الخارجية، الوضع الحالي قائلا:" ما نعيشه الآن هو فراغ دبلوماسي. ما يزعجني هو عدم وجود خطة بديلة للطموحات الدبلوماسية التي كانت منشودة في نيسان/أبريل. فثمة حاجة لتوجه دبلوماسي يختلف عن منظور"إما كل شيء أو لا شيء". وأوضح دانين أن المنطقة الآن بحاجة للتحول من مبدأ "حل الصراع" إلى مبدأ "إدارة الأزمة"، فهل يعني هذا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة صياغة سياستها تجاه الشرق الأوسط بشكل جدري؟
دور قيادي لأمريكا ولكن كيف؟
ربما يكون أوباما قد أغفل تناول موضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال كلمته في ويست بوينت، ولكن هل يكفي ذلك للحديث عن تغير محتمل في السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة؟ ويرى دانين أن السؤال القائم لايرتبط الآن بموضوع قيام أمريكا بدور قيادي أم لا، بل بكيفية نهج الدور القيادي".
فهل أخفقت جهود كيري لهذا السبب بالذات؟ وهل كان على الولايات المتحدة الاستعانة بشركاء آخرين بدلا من محاولة حل المشكلة لوحدها؟ الخبير بولوك أجاب على هذه الأسئلة قائلا:" لا أرى أن الولايات المتحدة ترغب في الاستئثار بالبحث عن حلول. لكن المشكلة بسيطة للغاية وهي أن إسرائيل لا ترى وجود موقف عادل لدى الأطراف الأخرى، فإذا أرادت أوروبا على سبيل المثال، أن تلعب دورا أكبر وأكثر فاعلية فعليها تحمل هذا القلق الإسرائيلي بشكل كبير".
في الوقت نفسه ثمة تشكك في إمكانية العثور على الشريك المناسب في المنطقة. فمصر نجحت من خلال رئيسها السابق محمد مرسي الذي كان يتمتع بصلات قوية مع (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، في التوسط لوقف إطلاق النار بين الجانبين عام 2012. أما الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي فمن غير المتوقع أن يلعب نفس الدور بسبب خصامه مع حماس.