هل أصبح العالم أكثر أمناً بعد إسدال الستار على أسطورة الزرقاوي؟
٩ يونيو ٢٠٠٦يجمع الخبراء تقريبا على أن مقتل الزرقاوي يشكل إنتصارا للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب بوجه عام، على الأقل من الناحية المعنوية. غير إنهم لا يتوقعون ان يشكل اختفاء الرجل من الساحة تهديدا على نشاط "تنظيم القاعدة"، أو أن يؤدي إلى تراجع أعمال العنف في العراق. ويتفق مع هذه الرؤية إلى حد كبير المسئولون الأمريكيون ومسئولي الحكومات المشاركة في الحرب الدولية على الإرهاب. الحقيقة الوحيدة التي يفتخر بها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش هي أن الزرقاوي" لقي نهايته ولن يستطيع بعد الآن ممارسة القتل إطلاقا"، حسب تعبير بوش الذي أعترف في نفس الوقت ان العنف في العراق لن ينتهي بانتهاء الزرقاوي.
تنظيم القاعدة بعد غياب الزرقاوي
رغم الإشادة بالزرقاوي في الكثير من المواقع الإسلامية على الانترنت وظهور الكثير من الأصوات التي تترحم عليه، فإن الحقيقة هي إن الرجل لم يكن يلعب دورا مهما في التنظيمات الإرهاببة العالمية. ويعود السبب في ذلك حسب رأي الخبراء لافتقاره إلى الموقع المالي والفقهي والى شبكات دولية متينة البنية. في هذا السياق يعتقد الخبير الفرنسي في شئون الحركات الإسلامية دومينيك تومان، بأنه سيكون لمقتله وطأة رمزية على الإرهاب. في هذا السياق يقول تومان مؤلف كتاب: "لندنستان، صوت الجهاد"، ان الرجل كان زعيم حرب ولم يكن داعية أو يمتلك أي تأثير ديني. كما انه لم يكن يلعب دورا عالميا سوى في بعض المناطق العراقية. وبالتالي فان مقتله "لن يضعف إطلاقا تنظيم القاعدة المتشعب دوليا". ويشير الخبراء إلى ان بنية تنظيم القاعدة "اللامركزية" تمكنه من التعاطي مع كل المتغيرات بمرونة كبيرة بحيث ان فقدان أي من القيادات لا ينعكس بالضرورة على عمل التنظيم. يذكر هنا ان القاعدة نفسها سارعت إلى التأكيد على ان عملياتها لن تتأثر بغياب الزرقاوي.
إستمرار العنف في العراق
يعتقد الخبير الألماني اولريش شنيكينر ان "القاعدة" ستحاول إثبات إنها لا زالت موجودة رغم غياب الزرقاوي وذلك من خلال تكثيف عملياتها. ويضف شنيكينر إن "المقاومة في العراق ستستمر"، مشيرا بان "تنظيم الزرقاوي" ما هو إلا أحد التنظيمات الكثيرة والمتعددة في العراق. ويشير الخبراء إلى انه من ضمن الأسباب التي لن تجعل مقتل الزرقاوي يؤثر على ما يسمونها "بالحركة الجهادية"، ان المقاومة العراقية من جهة وواشنطن من جهة اخرى تعمدتا تضخيم دوره في العراق. فالمتمردون العراقيون الذين ينبثق العديد منهم من صفوف النظام السابق وأجهزته الاستخباراتية كانوا يبرزون الزرقاوي لالقاء مسؤولية عمليات قد لا تحظى بتأييد شعبي على عاتق أردني. أما بالنسبة للامريكيين الذين يواجهون في العراق عدوا متشعبا ومتعدد الأوجه، فان استخدام اسم "الزرقاوي" يمَكِن من تبسيط الصورة وتوصيف عدو يصعب تحديده، كما يعتبر الخبراء. على ذلك تواصلت أعمال العنف يومي أمس الخميس واليوم الجمعة بنفس الوتيرة التي كانت عليها قبل مقتل الزرقاوي، حيث شهدت بغداد ومناطق عراقية مختلفة عمليات تفجير واختطافات بما في ذلك اختطاف مسئولين كبار.
الحدث في مرآة الصحافة العالمية
حذرت الصحافة العالمية اليوم الجمعة من ان مقتل الزرقاوي يرتدي أهمية رمزية بامتياز. كما توقعت تعيين خلف له بسرعة على رأس تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مما يعني بقاء الولايات المتحدة في مستنقع مستمرة إلى اجل غير مسمى هناك. واعتبرت أبرز الصحف الأمريكية اليوم الجمعة ان مقتل الزرقاوي يشكل فرصة للحكومة العراقية لتثبيت سلطتها و للولايات المتحدة "للعودة إلى الهجوم العسكري. ووصفت صحيفة واشنطن بوست إن مقتله مكسب كبير. لكن الصحف أجمعت على أن ذلك لا يشكل تحولا كبيرا بالنسبة للعراق. ونصحت وول ستريت جورنال الحكومة العراقية باقتناص الفرصة لإعادة النظر في استراتيجيتها الأمنية المتداعية.
من ناحيتها اعتبرت الصحافة العربية مقتل الزرقاوي فرصة للوحدة العراقية، لكنها شككت هي أيضا في انتهاء دوامة العنف، فيما لزمت الحكومات العربية الصمت حيال مقتل الزرقاوي. واتفقت كل من صحيفة"الوطن" و"أراب نيوز" السعوديتين و "الإتحاد" الإماراتية وكذا صحيفة "الحياة" اللندنية على أهمية ان يتجاوز العراق الماضي وإرث الزرقاوي ويسعى إلى إعادة بناء نفسه وتوحيد صفوفه.
دويتشه فيله + وكالات