نادي بروسيا دورتموند.... مسيرة مائة عام على المسطحات الخضراء
١٩ ديسمبر ٢٠٠٩قبل انطلاق صفارة حكم مباراة فريق دورتموند ضد ضيفه فرايبورغ ضمن منافسات المرحلة السابعة العشرة للدوري الألماني، سيشهد استاد سنيال إيدونا بارك واحدا من أكبر العروض الاستعراضية التي شهدتها مدينة دورتموند في تاريخها. وتأتي هذه الخطوة من قبل إدارة الفريق للتعبير عن "شكرها" و"امتنانها" لمشجعي فريق دورتموند لكرة القدم ولحبهم وعطائهم المتواصل لهذا الفريق عبر مشواره الرياضي الطويل. وسيطفئ نادي بروسيا دورتموند اليوم (19 ديسمبر/كانون الأول) شمعة عيد ميلاده المائة.
ولن يكون ذلك العرض الفعالية الوحيدة التي سيقوم النادي بتنظيمها بهذه المناسبة وإنما ستقام مساء هذا اليوم أيضا احتفالات ضخمة بحضور إدارة النادي وأعضاء الفريق وكذلك أكثر من أحد عشر ألف مدعو من المشجعين ومشاهير المجتمع الألماني. وهذا يعني أن الفريق بقيادة المدرب يورغن كلوب عليه مهمة إتمام آخر ترتيبات الاحتفالات بانتزاع بطاقة الفوز من فريق فرايبورغ الذي سيلعب ضده على ملعب دورتموند أمام 70 ألف متفرج. وذلك لتكتمل الفرحة وينتهي الدور الأول من هذا الموسم على أحسن وجه.
كلوب يعد بالفوز
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده نادي دورتموند يوم الخميس الماضي، ظهر جليا كيف أن المدرب يورغن كلوب يحمل على عاتقه هم هذه المباراة التي قال عنها بأنها "تكتسي أهمية كبيرة"، مشيرا إلى أن فريقه "سيكون في حالة استنفار قصوى"، "والفوز هو الهدية الوحيدة التي يريد تقديمها إلى المشجعين".
وإذا ما استطاع دورتموند الفوز على فرايبورغ، فإنه سيكون بذلك قد خاض عشر مباريات من دون هزيمة. كما أن ثلاث نقاط ستضاف إلى رصيده الذي بلغ في المرحلة السادسة عشرة 27 نقطة، محتلا بذلك المركز السادس في القائمة. وهو المركز الذي أنهى منه الفريق الموسم الماضي وكان قاب قوسين من التأهل إلى بطولة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وحتى وإن أخفقت تشكيلة كلوب في الفوز في هذه المباراة، فلا يعني ذلك أن الفريق في وضع حرج. إذ ومقارنة بالفترات العصيبة التي مرت على تاريخ النادي، تعد الفترة الحالية واحدة من الفترات الوردية التي يمر بها نادي بروسيا دورتموند.
القصة والجذور
تأسس فريق دورتموند في 19 من ديسمبر عام 1909. وكان ذلك في منطقة بروسيا في دورتموند التي منحت الفريق اسمها. وقام بتأسيسه آنذاك 18 شابا كانوا يعشقون كرة القدم وقرروا تأسيس ناد خاص بهم ردا على أهالي الحي الذين حاولوا منع هؤلاء الشباب من ممارسة هوايتهم على شوارع المدينة. وسريعا، تحول هذا النادي الصغير إلى واحد من أكبر الأندية الأوروبية.
وعاش النادي عصره الذهبي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، إذ أحرز في أعوام 1956 و1957 و1963 لقب بطولة الدوري الألماني البوندسليغا، ثم كأس ألمانيا في عام 1965 وكأس أوروبا في عام 1966 في ليفربول الإنجليزية. لكن وبعد ست سنوات من إحراز اللقب الأوروبي واجه الفريق أيضا واحدة من أكبر الأزمات المالية في تاريخه كادت تعصف به وأسقطته إلى دوري الدرجة الثانية.
العودة إلى دوري الأضواء
قضى دورتموند أربع سنوات في دوري الدرجة الثانية قبل أن يصعد من جديد إلى دوري الأضواء. وفي عام 1986 كان على وشك السقوط مرة أخرى، إلا أنه نجح في الدقائق الأخيرة من المباراة الفاصلة لتحديد فرق الهبوط في الفوز على غريمه فريق فورتونا كولونيا بهدف واحد. وبعدها سحق الفريق ذاته في مباراة الإياب بثمانية أهداف نظيفة، ما جعلها تحفظ دورتموند من النزول وكانت فاتحة عهد جديد، شهد ذروته عام 1989، حين فاز بلقب بطولة كأس ألمانيا على حساب فريق فيردر بريمن.
وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي، التحق بالنادي مدير الكرة ميشائيل ماير والمدرب أوتمار هيتسفيلد. وهما الشخصيتان اللتان قادتا فريق دورتموند إلى عصر ذهبي جديد بعيدا عن إخفاقات الثمانينيات، إذ عمل المدرب إلى جانب المدير على التعاقد مع عدد من اللاعبين الإيطاليين الدوليين. وفي عام 1995 فاز أخيرا الفريق بدرع البوندسليغا بعد صيام دام 32 عاما. وفي الموسم الموالي دافع عن لقبه وفاز بثالث ألقابه. وفي 1997 حاز على لقب بطولة دوري أبطال أوروبا على حساب فريق جوفينتوس تورين الإيطالي. وفي عام 2002 أعاد الكرة من جديد وفاز بدرع الدوري الألماني.
ولكن......
ولم تنتظر رياح الأزمة الجديدة طويلا لتهب على نادي دورتموند. فبسبب الميزانية الضخمة التي خصصت للتعاقد مع لاعبين كبار وإخفاق هؤلاء في تقديم المستوى المطلوب، بلغ عجز الميزانية نحو 120 مليون يورو. وكانت جل التوقعات تشير إلى أن بروسيا دورتموند، ذلك النادي العريق قد بلغ مرحلة الاحتضار. ولازال نوربرت ديكل مهاجم دورتموند السابق وأحد أعضاء الجهاز الإداري حاليا غير مستوعب كيف أن إدارة النادي بقيادة ميشائل ماير نجحت عام 2004 في السيطرة على الوضع، موضحا "أن لا أحد كان يستطيع التكهن بما كان سيحمله الغد، والكل كان مقتنعا من أن دورتموند سيمحى من خارطة أندية كرة القدم". غير أنه لم يحدث شيء من ذلك، إذ سرعان ما نهض النادي من كبوته مرة أخرى وتعاقد صيف عام 2008 مع المدرب يورغن كلوب، الذي تبنى نظرية الاستعانة بلاعبين موهوبين على غرار المصري محمد زيدان والأرجنتيني لوكا باريوس. وثمار فلسفته ظهرت سريعا.
الكاتبة: وفاق بنكيران
مراجعة: هشام العدم