موجة لجوء محتملة من كردستان لأوروبا؟
١٨ أكتوبر ٢٠١٧انسحبت قوات البيشمركة الكردية من كثير من المناطق المتنازع عليها بينها وبين الحكومة المركزية في بغداد، لتسيطر عليها القوات العراقيةا، حيث سيطرت القوات العراقية على منطقة خانقين الواقعة على الحدود بين العراق وإيران، بالإضافة إلى قضاء سنجار ذي الغالبية الإيزيدية وقضاء مخمور، وذلك بدون قتال بعد أن انسحبت منها القوات الكردية.
يأتي هذا بعد أن انتزعت قوات الحكومة العراقية السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط والتي كانت خاضعة لسيطرة الأكراد، في رد عسكري قد يغيّر ميزان القوى في البلاد. وتعد خسارة أرض بالنسبة للأكراد، خاصة كركوك التي يعتبرونها قلب وطنهم، ضربة قوية بعد ثلاثة أسابيع فقط من تصويتهم على إعلان دولة مستقلة وهو هدفهم منذ عقود.
ونزح آلاف السكان من كركوك خوفاً من المعارك إلى المناطق الأخرى في إقليم كردستان.
التخوف من سوء الأوضاع الأمنية بالإضافة للأزمة الاقتصادية التي يعيشها الإقليم منذ عدة سنوات دفعت البعض من سكانه للتفكير باللجوء إلى أوروبا من جديد، بالرغم من إدراكهم لصعوبة الطريق.
يقول آزاد أنور صالح، أحد سكان كركوك، لمهاجر نيوز إنه مستعد أن يبيع بيته وجميع أملاكه في سبيل الوصول إلى أوروبا، ويضيف: "لدينا مخاوف كبيرة من الحشد الشعبي، فلا أحد في كركوك يضمن حياته، خاصة إن كان من مذهب أو دين أو قومية أخرى".
ويتابع صالح، الذي يعمل فناناً تشكيلياً، أنه يريد أن يتوجه مع زوجته وأطفاله الثلاث إلى ألمانيا، لكي يعيش حياة آمنة، ويضيف: "السياسيون الأكراد يتاجرون بنا، فقط من أجل النفط، وها قد باعونا لإيران. لا يتركوننا نعيش بسلام، ولهذا السبب أريد الذهاب لألمانيا لأعيش حياة كريمة".
ويؤكّد صالح الذي يبلغ الثالثة والخمسين من العمر أنه سيظل يبحث عن طريق حتى يحقق مبتغاه في الوصول إلى ألمانيا، ويقول: "لو كان هناك طريق آمن، فإنني أؤكد أن الكثير من أهل كركوك سيتوجهون إلى أوروبا نتيجة لسوء الأوضاع الأمنية، وخاصة بعد التطورات الأخيرة".
من جانبه يقول الإعلامي شاهو عبدالقادر من كركوك لمهاجر نيوز أن رغبة العديد من سكان كركوك بالذهاب إلى أوروبا ليست جديدة، لكن صعوبة طريق الوصول، خاصة بعد اتفاقية تركيا مع الاتحاد الأوروبي، تجعلهم يبعدون هذه الفكرة عن ذهنهم ولو مؤقتاً، ويتابع: "لكن تفاقم الوضع قد يكون السبب في موجة لجوء أخرى نحو أوروبا، فبعض الناس تبيع سياراتها وبعض أملاكها كي تصل إلى مكان آمن".
وتثير التطورات الأخيرة مخاوف سكان الإقليم من إمكانية استمرار الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الإقليم منذ عدة سنوات نتيجة قطع الميزانية البالغة 17 بالمائة من بغداد، بالإضافة لعدم الشفافية في ملف النفط في الإقليم، ما أدى إلى قطع الرواتب واتخاذ إجراءات للتقشف، بالإضافة إلى إيقاف العديد من المشاريع، ما أدى بدوره إلى ارتفاع نسبة البطالة.
يقول عبدالقادر إن الوضع الاقتصادي صعب جداً خاصة للموظفين الذين يستلمون معاشاتهم من حكومة إقليم كردستان، ويتابع: "متوسط المعاشات الآن يبلغ حوالي 300 دولار، وهو ما لا يكفي الأسر لإعالة أبنائها". ويؤكد الإعلامي الذي يتابع أوضاع كركوك عن كثب أن العديد من العوائل تريد الوصول إلى أوروبا ولكنها لا تملك النقود لذلك، ويضيف: "مهربو البشر يطلبون 10 آلاف إلى 12 ألف دولار للشخص الواحد من أجل إيصاله بالطائرة إلى أوروبا".
ولعل القارة العجوز تدرك أن أي نزاع في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى موجة نزوح جديدة نحوها، لهذا عبرت عن موقفها مما يجري في العراق عاجلاً، وذلك لسان وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان لها بعد مكالمة مع العبادي، حيث أبدت "قلقها إزاء العمليات العسكرية للقوات الفدرالية والمواجهات التي أفيد عن وقوعها"، كما دعت الطرفين إلى حل المشكلات عن طريق الحوار.
محي الدين حسين
المصدر: مهاجر نيوز