من لاعب في المنتخب الوطني إلى عاطل عن العمل
٩ أغسطس ٢٠١١عددٌ كبير ٌ من لاعبي كرة القدم الألمان الذين كانوا يوماً نجوماً بارزين في فرقهم وفي صفوف المنتخب الألماني لكرة القدم يقفون اليوم أمام مستقبل مجهول. ولكل من هؤلاء اللاعبين قصته ومسيرته الرياضية الخاصة به، لكن ثمة شيء يجمع بينهم وهو العمر. فقد بلغ هؤلاء سناً يتعارض مع مبادئ وأفكار كثير من مدربي الدوري الألماني لكرة القدم " بوندسليغا"، مثل مدرب فريق بروسيا دورتموند، يورغن كلوب، الذي يعتمد كثيراً على لاعبين شباب ومتحمسين، ولا يميل للتعاقد مع لاعبين كبار. كذلك هي الحال بالنسبة لمدرب المنتخب الألماني يواخيم لوف الذي لم يعُد يستدعي إلى صفوف فريقه الوطني إلا لاعبين شباب بالدرجة الأولى.
فمن يرغب حالياً في الحصول على عقدٍ مع فريق لكرة القدم، ينبغي له أن يكون بين 18 و 22 سنة وأن يكون واحداً من اللاعبين الناشئين الذين كبروا في مدارس خاصة بكرة القدم وأن يكون مستعداً بالكامل لخوض أقسى وأصعب أنواع التدريب، أو أن يكون على الأقل سريعاً ويتمتع بأداء قوي، مثل الروماني كيبري ماريكا الذي انتقل قبل انطلاق الموسم الحالي إلى فريق شالكه. كما يتعين على الراغب في الحصول على عقد أن يكون خالياً من الإصابات بالكامل وألا يكون من اللاعبين الأكثر عُرضة للإصابة.
كما ينبغي له أن يكون ذكياً ويتمتع بإمكانيات وكفاءات ملفتة لأنظار المدربين. هذا بالإضافة إلى أن يكون من اللاعبين الواعدين الذين يُتوقع أن تزداد قيمتهم في السوق موسماً بعد موسم، وذلك كي يستطيع الفريق بيعه بعد فترة من الزمن مقابل مبلغ مُشجع من المال. لكن كل ذلك يصطدم بانتقادات لاذعة وكثيرة في أوساط الكرة وبين مستشاري اللاعبين الذين يعتبرون أن هناك خللاً ما في سوق اللاعبين، وينتقدون التقييم غير المناسب للاعبين الشباب.
فلاعب المنتخب الألماني السابق توماس هيتسلزبيرغر مثلاً لم يتلق حتى الآن أي عرض مُغري من فرق الدور الألماني "البوندسليغا"، على الرغم من أن نجم خط الوسط الألماني السابق يتمتع بخبرة واسعة، محليا ودوليا. فقد لعب ابن الـ 29 في صفوف عدة فرق إنجليزية، من بينها فريق أستون فيلا حيث كان هيتسلزبيرغر في الموسم الكروي 2001 / 2002 معبود الجماهير. وعلى الصعيد الألماني فاز هيتسلزبيرغر عام 2007 بلقب الدوري الألماني مع فريق شتوتغارت وحمل شارة قائد الفريق السوابي لفترة طويلة. ودولياً خاض لاعب المنتخب الألماني السابق 52 مباراة مع منتخب بلاده. وفاز بالمركز الثالث في مونديال 2006 التي استضافتها ألمانيا. لكنه الآن وبعد هبوط فريقه السابق ويستهام يونايتد إلى دوري الدرجة الثانية أصبح عاطلاً عن العمل. غير أنه هناك الآن بصيص أمل له في التعاقد مع فريق آخر في الدوري الإنجليزي حيث يحظى صاحب التسديدات الصاروخية بسمعة طيبة، نظراً لأدائه القوي وتألقه في إنجلترا.
أزامواه يحلم بالتعاقد مع أحد الفرق
التعاقد مع أحد فرق كرة القدم حٌُلم يراود غيرالد أزامواه أيضاً. لاعب المنتخب الألماني السابق يتدرب حالياً مع فريق "هولس" الذي يلعب في دوري الدرجة الخامسة للحفاظ على لياقته البدنية. فمنذ هبوط فريقه السابق سانت باولي إلى دوري الدرجة الثانية يعتبر أزامواه من النجوم القدامى العاطلين عن العمل في الوقت الحاضر. وهذا على الرغم من أن أزامواه يتمتع أيضاً بخبرة واسعة وسجلّه حافل على الصعيدين المحلي والدولي. فلاعب فريق شالكه السابق (1999 - 2010) فاز بكأس ألمانيا مرتين. وكان أول ألماني من أصل إفريقي ينضم إلى صفوف المنتخب الألماني لكرة القدم. وشارك معه في بطولتي العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان و2006 في ألمانيا. وبعد 11 سنة قضاها في شالكه انتقل الألماني من أصل غاني إلى فريق سانت باولي الصاعد حديثاً إلى البوندسليغا على سبيل الإعارة. وبعد هبوط سانت باولي إلى الدرجة الثانية عاد أزامواه إلى شالكه، لكنه عقده مع الفريق الأزرق الملكي لم يُجدد.
هينكل وهيلدبراند وأودنكور يأملون
إضافة إلى هيتسلزبيرغر وأزامواه مازال ثلاثة نجوم آخرون يبحثون عن فرق للتعاقد معها، وهم أندرياس هينكل وحارس المرمى وديفد أودنكور. وجميعهم لعبوا سابقاً في صفوف المنتخب الألماني لكرة القدم وتألقوا في معظم مراحل مسيراتهم الذاتية في الفرق التي لعبوا لصالحها ودوّنوا أسماءهم على قائمة الفائزين بأحد الألقاب الكروية. فعلى الرغم من فوز لاعب المنتخب الألماني السابق أندرياس هينكل بكاس الأندية والأوروبية وكأس إسبانيا مع فريق اشبيلية ولقب الدوري الاسكتلندي مع سلتيك غلاسكو، إلا أنه حالياً عاطل عن العمل. وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى أن سيرته الذاتية تتضمن نقطتين سوداوتين تقفان حجر عثرة أمامه.
ففي أغسطس 2010 تعرّض هينكل لإصابة بليغة (قطع في الرباط الصليبي) أبعدته طيلة الموسم الماضي عن الملاعب. أما النقطة الثانية فهي أن سنّه تجاوز الـ 29. هذا مع أن هذا العمر كان يُعدّ قبل عدة سنوات كأفضل عُمر للاعب كرة قدم. لكن نظرة مدربي كرة القدم الحاليين أصبحت مختلفة في الوقت الراهن. وما يزيد من حسرة هينكل الآن هم أن فريقه السابق شتوتغارت في أمسّ الحاجة حالياً لمدافع هجومي، مثله تمامً، وأن أياً من أعضاء الفريق السوابي لم يُبد أي اهتمام به.
وهذه هي حال الآخرين أيضاً من نجوم الكرة القدامى ممن يأملون في مواصلة مسيراتهم الرياضية. لكنهم يواجهون منافسة حادة من اللاعبين الشباب تُصعّب عليهم التعاقد مع فرق جديدة. فقواعد كرة القدم الجديدة تميل للاعبين الناشئين وتُفضّلهم على غيرهم. غير أن النجوم القدامى لا يستطيعون فهم هذه القواعد الجديدة. إنهم يتفهمون ربما ميول المدربين إلى التعاقد مع لاعبين شباب وواعدين. لكن أن يحظى لاعب شاب باهتمام كبير ومبالغ به لمُجرّد أنه شاب، بغض النظر عن مستواه، فهذا ما لا يتفهمه هينك ولا هيتسلزبيرغر ولا هيلدبراند ولا أزامواه ولا أودنكور. ربما يكون هؤلاء النجوم القدامى مستعدين لكل شيء تقريباً من أجل مواصلة هواياتهم ومسيراتهم الاحترافية، حتى اللعب في دوري الدرجة الثانية، لكن ما لا يستطيع أي منهم تغييره هو أن يعود لاعباً صغير السن.
علاء الدين موسى البوريني
مراجعة: طارق أنكاي