من سوريا: فظائع على الفيديو كإستراتيجية حربية
٧ مارس ٢٠١٤ينشر النظام السوري والإسلاميون الذين يقاتلونه مقاطع فيديو تظهر انتهاكاتهم لحقوق الإنسان. فما هو الغرض من ذلك؟ عن هذا السؤال وأسئلة أخرى تجيب بينته شيلر خبيرة شؤون الشرق الأوسط لدى مؤسسة هاينريش بول في مقابلة مع DW:
DW: هل انتهاكات حقوق الإنسان في الحرب السورية جزء من إستراتيجية ما؟
بينته شيلر: أعتقد أن هناك إستراتيجية ما وراء الانتهاكات الشديدة لحقوق الإنسان التي ترتكب من قبل المجموعتين. هذا إذلال تام وجوهري. إنه تخويف يواجه به كل منهم الآخر. الجانبان المعروفان لنا بصفة خاصة في انتهاكات حقوق الإنسان، أي النظام، والإسلاميين الراديكاليين، أعطيا قيمة كبيرة ليس فقط لارتكاب الفظائع، ولكن أيضا لتسجيلها بالفيديو وتوزيعها بأنفسهم.
النظام السوري أيضا نشر مثل هذه التسجيلات؟
لقد شاهدنا ذلك بشكل غريب جدا في بداية الصراع. هناك عدد لا يحصى من مقاطع الفيديو موجودة على "يوتيوب"، فيها نرى أشخاصا تابعين للنظام، يعذبون أشخاصا. في البداية كنا نظن أن مقاطع الفيديو هذه تم الاستيلاء عليها، أي أنها مثلا عثر عليها في الهواتف المحمولة لجنود تابعين للنظام جرى اعتقالهم أو قتلهم، لكن الأمر كان مختلفا. فكثير من تلك الفيديوهات تم بيعها من قبل أولئك الذين تفاخروا بتصويرهم فيها. وهنا رأينا بشكل واضح جدا، غياب الشعور بالذنب. كان لديهم اعتقاد مؤكد بأن ما فعلوه سيمر دون عقاب.
هل تختلف أشكال انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الجهات المختلفة؟
من خلال الفيديوهات العديدة التي شاهدتها بنفسي أعتقد أنه يمكنني القول: بالنسبة لمعظم أشرطة الفيديو للإسلاميين المتطرفين، فإن المسألة تدور حول كيفية قتل شخص ما. وهنا قطع الرؤوس أمر بارز جدا. أما عندما أنظر إلى فيديوهات النظام أجد من الواضح أن الكثير منها يظهر كيف يتم تعذيب الناس.
هل من الممكن ملاحظة حدوث تغييرات في طرق انتهاك حقوق الإنسان خلال النزاع؟
في السنة الأولى كانت انتهاكات حقوق الإنسان ترتكب في الواقع من جانب النظام فقط. كانت هناك ستة أشهر في الثورة لم تظهر فيها مجموعات مسلحة. أنا أعتقد أن لدينا الآن فيديوهات كثيرة جدا، لدرجة أنه لم يعد بوسعنا أن نقول بالضبط، هل يوجد تغير في مستوى الراديكالية أم تغير فيما نراه هناك؟ لكن ربما يكون التغير في كيفية رؤيتنا للأشياء، لأن النظر إلى (ما يجري) هناك يتراجع. والافتراض العام هو أن جميع الأطراف ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، وهذا صحيح إلى حد ما. ولكن هذا لا يعني أنها ترتكبها بنفس القدر، وإنما العكس تماما. فلا زال من الواضح جدا أن النظام له هنا اليد العليا ويقتل أكثر بكثير ويعذب أكثر ويقوم بتوثيق ذلك أيضا بكل ثقة في النفس.
تزداد مساحة المتابعة الغربية لانتهاكات حقوق الإنسان التي يقوم بها إسلاميون. فهل هذا يقدم دعاية للإسلاميين والنظام على حد سواء؟
نعم، لأن هذا يوافق مصالح النظام والإسلاميين على حد سواء. فالبعض يريد أن يصور الإسلاميين كأفظع معارضة، ويلمحون إلى أنه في حالة سقوط الأسد ستقع البلد كلها تحت سيطرة الإسلاميين. كما يرى الإسلاميون أيضا فائدة في أن ينظر إليهم على أنهم وحشيون وبشعون جدا. إنهم يقاتلون هنا من أجل السلطة. فالأمر لا يدور حول رغبتهم في طريقة ممارسة هذه السلطة الآن. وهنا تتوافق مصالح الدعاية للطرفين.
هل هناك أمل في أن تلقى الانتهاكات الكثيرة لحقوق الإنسان عقابا قانونيا يوما ما؟
أعتقد ، أننا لا نزال بعيدين إلى حد ما عن تلك المسألة. إذ تكاد، لا تطرح في الوقت الراهن للمناقشة. لكن تم تقديم تقرير حاسم جدا مباشرة قبل مؤتمر جنيف الثاني. إنه عبارة عن توثيق للتعذيب حتى الموت في السجون. والتقرير موجود لدينا وهو يدور حول أحد عشر ألف (حالة) تعذيب منهجي حتى الموت. إنه موثق أيضا بالصور. وقال المحققون إنه أكبر كمية من البيانات حصلوا عليها، عن عمل كهذا، منذ محاكمات (النازيين) في نورنبرغ. وبهذا يتضح على كل حال أن هناك أدلة يمكن على أساسها إجراء محاكمات أيضا. لكن ذلك يتطلب عموما أن يقرر السوريون أولا رغبتهم في نقل ذلك إلى محاكم دولية.
تقديم التقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان، مثل تقرير وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا، هل لها أهمية وتأثير على الصراع؟
أعتقد أن من المهم القيام بذلك في كل الأحوال. لكنني، لا أعتقد أن له تأثير على أطراف النزاع. وخصوصا أن الأكثر راديكالية، وأولئك الذين يرتكبون غالبا الفظائع ضد الشعب يفعلون ذلك على الرغم من معرفتهم، باحتمالية مثلوهم أمام العدالة؛ لكنهم واثقون من أن ذلك لن يحدث على أي حال. وكذلك لأنه دعاية لهم. وبطبيعة الحال فإنهم لا يتأثرون بتقرير كهذا.
بينته شيلر حاصلة على الدكتوراه في العلوم السياسية وخبيرة في السياسة الخارجية والأمنية. وتعمل مديرة لمكتب مؤسسة هاينريش بول في بيروت. ونُشر لها كتاب "الحكمة في لعبة الانتظار السورية. السياسة الخارجية لسوريا تحت حكم الأسد".