من إفلاس بنك ليمان إلى أزمة اقتصاد عالمية
١٤ سبتمبر ٢٠١٨انهيار بنك الاستثمار الأمريكي ليمان براذرز قبل عشر سنوات كان صدمة مازالت ارتداداتها مستمرة إلى يومنا هذا، وكان الانهيار تصعيدا إضافيا للأزمة المالية التي بدأت قبل عام من الانهيار. "الأزمة هزت أركان النظام المالي الغربي"، يقول أكسيل فيبر، الرئيس السابق للبنك الألماني ومدير إدارة البنك السويسري يو بي اس/ UBS. وفي 15 سبتمبر/ أيلول 2008 أعلن بنك ليمان إفلاسه.
كيف حصل الإفلاس؟
بنك ليمان براذرز كان متأثرا مثل الكثير من البنوك بأزمة العقارات المستفحلة حينها. وفي 10 سبتمبر/ أيلول أعلن رئيس البنك ريشارد فولد خسارة 3.9 مليار دولار فقط بالنسبة إلى الربع الثالث من 2008. وهو الأمر الذي زاد القلق على قدرته في توفير السيولة اللازمة لدفع التزاماته وتدمرت الثقة. ورغم المفاوضات المتسرعة لم يتم العثور على مستثمر يشتري البنك ليبقى فقط خيار الإفلاس.
ألم يكن الإفلاس متوقعا؟
قبلها بفترة وجيزة لم يتمكن الرئيس السابق للبنك الألماني يوزيف أكرمان من تصور ما حدث. وقال حينها بأن السياسة وعالم المال مدركون للمسؤولية. "انهيار بنك بهذا الحجم سيتسبب في موجة إضافية من التشوهات ومن تم جلب خسائر إضافية وخفض قيمة المدخرات لدى جميع البنوك".
لكن الضغط السياسي كان قويا لإنقاذ بنك إضافي إلى جانب ثلاثة بنوك بمليارات الدولارات من المساعدة. وكان ذلك خطأ، يقول اليوم هانس فالتر بيتر ، رئيس اتحاد المصارف الألمانية في مقابلة صحفية إن:" إفلاس البنك تسبب أولا في أزمة مالية وأزمة ثقة وجلب معه ركودا كبيرا".
ما هي العواقب المباشرة؟
بعد اتهيار ليمان براذر جاء دور انهيار الأسواق المالية، لأنها لم تثق بعد في قدرة الدولة على إنقاذها ولم تعد مستعدة لإعارة بعضها البعض الأموال، كما يحصل في الأوقات العادية. ووضعت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الست الكبرى في الاتحاد الأوروبي في الأشهر الأولى 800 مليار يورو رهن التصرف لدعم القطاع المالي.
ولتفادي الذعر وإقبال المودعين على سحب ودائعهم من البنوك قدمت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ووزير المالية السابق بير شتاينبروك ضمانات للمواطنين بأن مدخراتهم البنكية آمنة. غير أن هذا لم يمنع من حصول انهيارات اقتصادية قوية لاحقا. فملايين الأشخاص على مستوى العالم فقدوا مواطن عملهم وفي ألمانيا تم إنقاذ 1.5 مليون فرصة عمل بفرص عمل قصيرة المدى. وسجل الاقتصاد الألماني في 2009 تراجعا بخمسة في المائة.
إلى أي مدى تأثر المودعون؟
50.000 مستثمر ومودع اشتروا شهادات إيداع من الفرع الهولندي لبنك ليمان. هذه الأموال ضاعت بالرغم من أن السندات بيعت بصفة آمنة، ولم يكن أصحابها وحدهم ضحية الإفلاس. المستهلكون والمدخرون مازالوا يدفعوا التكلفة: قالمستأجرون مازالوا يشكون من ارتفاع قيمة الإيجار. والإدخارات المالية قلما تحصل على فوائد وبالتالي وجب على المدخرين توفير المزيد حتى يتمكنوا من تأمين تقاعدهم من الناحية المالية. وهذا له انعكاسات قوية، ليس فقط ماديا، بل حتى عدم الرضى يزداد وينعكس في النجاحات الانتخابية المتزايدة للأحزاب الشعبوية اليمينية.
هل البنوك الآن أكثر أمانا؟
جزئيا. الحكومة الأمريكية ضخت الأموال أثناء الأزمة في البنوك، وهي الآن في موقف جيد، يقول كريستوف شالاست، أستاذ في معهد المال والإدارة بفرانكفورت. وفي أوروبا لا يجوز أن يبقى دافع الضرائب رهينة للبنوك في حال أزمة مرتبطة بالنظام القائم حسب الخبير شالاست.
وفي كل الأحوال تم في أوروبا إنشاء إدارة مراقبة موحدة وتم ضبط الكثير. "الكثير من مدراء البنوك الرائدة يعملون في هذه الأثناء كمدراء إدارات وليس كرجال أعمال"، يقول الأستاذ ديرك شيريك، خبير البنوك بجامعة دارمشتات. على العكس من ذلك حصل القليل، كما يحذر الاقتصادي مارتن هيلفيغ. من أجل تثبيت بعيد المدى لاستقرار قطاع المال وكان ينبغي فرض نسبة ملاءة ذاتية أعلى على البنوك.
ما مدى تأثر مدراء البنوك؟
الكثير من المسؤولين غيروا حينها مواطن عملهم في اتجاه مهن مربحة ـ فالرئيس السابق لبنك ليمان، ريتشارد فولد يعمل الآن لصالح شركة المشورة المالية ماتريكس برايفات كابتال/ Matrix Private Capital. وهناك آخرون كثر أيضا تلقوا الصدمة، ويُتوقع أن يجتمعوا هذا السبت في لندن ليس "للاحتفال" بالإفلاس، ولكن "للعناية بشبكة علاقاتهم"، كما قال أحدهم.
هل نحن في حماية أمام أزمة جديدة؟
المخاطر موجودة بكثرة: أسعار العقارات المرتفعة وارتفاع ديون الدولة مثلا في إيطاليا والأزمة النقدية في تركيا والبلدان الناشئة تلقي بظلالها.
بريغيته شولتس/ م.أ.م