منظمة "الأبواب المفتوحة": اضطهاد مستمر للمسيحيين في العالم
١٣ نوفمبر ٢٠١٣DW: منذ سنوات تعد كوريا الجنوبية، والمملكة العربية السعودية وأفغانستان والعراق وصوماليا من أكثر دول العالم التي يضطهد فيها المسيحيون ، فهل تغير الوضع في الآونة الأخيرة؟
توماس مولر: أساسا يمكن القول إن هذا الوضع هو السائد منذ سنوات. وقد تصدرت كوريا الجنوبية على سبيل المثال للمرة الحادية عشرة على التوالي قائمة الدول التي يتعرض فيها المسيحيون للاضطهاد والقمع. ولا أعتقد أن ذلك أمر مفاجئ بالنظر لما هو منتشر من الأوضاع في هذا البلد، مما يدفع بالأحرى إلى التساؤل عما إذا كان هناك حقا وجود للطائفة للمسيحية. ويجب القول، إن لها وجودا، غير أنها تعيش في خفاء تام، وإذا ما تمّ الكشف عن مسيحيين، فإن هؤلاء يواجهون صعوبات شاقة أو مصيرا ألعن من ذلك بكثير.
هل توجد بلدان، تمّ فيها تسجيل تراجع لحالات اضطهاد المسيحيين ومعاداتهم؟
هناك بلدان ينبعث منها بصيصا من الأمل، كما هو الشأن في بعض دول جنوب شرق آسيا. وقد لمسنا تطورا إيجابيا في ميانمار (بورما سابقا)، بعد أن تنازلت الطغمة العسكرية عن جزء من السلطة. وقد حظي الأمر آنذاك باهتمام دولي واسع. ورغم ذلك، فلا زالت أكبر أقلية في ميانمار- مثل كاخين المسيحية- تعاني من ملاحقة العسكر لها. وهنا يوضع السؤال عن ماهية الجهة الفعلية التي تتحكم في السلطة في البلاد، العسكر أم الرئيس؟. وفي كل الأحوال، فإن الأقليات المسيحية هي الضحية، كما يتم مهاجمة الكنائس،التي يلجأ إليه الناس.
يتجلى اضطهاد المسيحيين في أشكال مختلفة، بدءا من الاعتداء الجسدي المباشر على الشخص المسيحي، وصولا إلى ظلمه دون غيره وسلبه حقوقه في مجالات الحياة العامة وداخل المؤسسات الحكومية والمتاجر العامة. هل تطورت الأمور لتصبح معاداة المسيحيين تبدو في شكل عنيف أكبر؟
في السابق بدا جهاز الدولة كمصدر للاضطهاد، كما كان الأمر مثلا خلال النظام الشيوعي. لكن الوضع تغير شيئا ما في السنوات الأخيرة، لأن الحكومات لاحظت أن اضطهاد المسيحيين أو أي أقلية أخرى، يؤدي إلى تغطية إعلامية تشوه صورة الدولة في العالم. ولذلك تلجأ الحكومات اليوم إلى تحفيز جماعات تابعة لها، أو غيرها مما توصف بالمستقلة، لمهاجمة المسيحيين. ويجب القول عموما - وللأسف - أن حدة العنف لم تتراجع وأن الوضع لم يتحسن. وحتى في مصر، البلد الذي علقت عليه آمال كثيرة، تمت فيها في الآونة الأخيرة حالات هجوم شرسة ضد الأقباط الذين يبلغ عددهم بين ثمانية وعشرة ملايين شخص. فلم يعد ممكنا الحديث عن ربيع عربي هناك.
أنتم في المنظمة لا تعالجون ظاهرة اضطهاد المسيحيين من زاوية إحصائية فحسب، وإنما تقدمون تحليلا شاملا عن الأوضاع. فهل يمكن الحديث عن بوادر توجهات بدأت تطفو على السطح؟
هناك توجه عام: أعداد المجموعات الإسلاموية المتطرفة في ازدياد. وللأسف هناك منها من استطاعت الوصول إلى وسائل الإعلام الغربية. وهنا أذكر مجموعة بوكو حرام في نيجيريا التي تقتل المسيحيين. وهناك مثال آخر في هذه السنة وهو مالي، حيث قامت مجموعة إسلاموية مقاتلة بالسيطرة كاملا على القسم الشمالي من البلاد. ومؤخرا حصل اعتداء على كنيسة في باكستان، وكان هذا أكبر اعتداء بهذا الحجم على كنيسة في تاريخ هذا البلد. ومن ثمة فإن العنف يشتد ولا ينحصر على إقليم أو منطقة بعينها.
ما تصفه الآن، يظهر صورة قاتمة للوضع حاليا، فكيف هي توقعاتكم بالنسبة لمستقبل المسيحيين؟
إذا ظل مفهوم التحول الديمقراطي في عدد من الدول منحصرا على إجراء انتخابات فقط دون ربطه بحماية الأقليات، فإن الوضع لن يتغير. وهذا لا يسري على البلدان التي ذكرتها فحسب، وإنما أيضا على الدول الديمقراطية، مثل إندونيسيا، حيث تسود آليات ديمقراطية. فهناك أيضا، لا يتم حماية الأقليات، ويتمّ الاعتداء على المسيحيين، وفي بعض الأحيان يتم غلق الكنائس لأسباب واهية.
إنك تصف الوضع الآن، ولا تتحدث عن توقعاتك بالنسبة للمستقبل. فماذا عن ذلك؟
أتوقع أن الوضع لن يتحسن، على الأقل، ليس بشكل شامل. من الممكن أن تحدث تطورات في هذا البلد أو ذاك. فمثلا في دولة بوتان لاحظنا وجود تحسن في وضع المسيحيين خلال السنوات الأخيرة رغم أنهم لا يتمتعون بالحرية في ذلك البلد. وطالما بقيت المجموعات الإسلاموية فاعلة على الأرض، فإن الوضع سيبقى قاتما. وطالما ليس هناك ما يشير إلى أن هذه المجموعات ستفقد قوتها، فلا مجال للحديث عن حدوث تحسن في الوضع.
توماس مولر (اسم مستعار من غرفة التحرير)، محامي يعمل في منظمة "الأبواب المفتوحة" للدفاع عن المسيحيين المضطهدين، والعاملة في أكثر من خمسين دولة في العالم؛ وتقدم المنظمة سنويا تقريرا مفصلا عن وضع المسيحيين في العالم.