منطقة الخليج بؤرة جذب لرؤوس الأموال الألمانية

إذا زار المرء دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة إمارة دبي، ستشد انتباهه حتماً رافعات البناء المنتشرة في كل مكان هناك، والتي تبدو للعيان من شدة ارتفاعها وكأنها تلامس السحب، ذلك أن الحركة العمرانية في منطقة الخليج العربي بوجه عام، وفي الإمارات بوجه خاص، تشهد منذ سنوات عديدة ازدهاراً لم يسبق له مثيل في العالم العربي. فشركات البناء لا تتوقف عن تشييد ناطحات السحاب هناك. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء في عام 2009 من إنشاء ناطحات سحاب تُشبه بهندستها المعمارية شكل أشجار أعياد الميلاد.

وما يثير الانتباه أيضاً أن الأراضي الصحراوية ومساحات كبيرة من المسطحات المائية في الإمارات العربية المتحدة تتحول مع مرور الوقت إلى أراض صالحة لبناء الشقق السكنية والمراكز التجارية الضخمة، بالإضافة إلى ذلك، فان قطاعات اقتصادية أخرى تحذو حذو قطاع البناء والمقاولات من ناحية الازدهار. لكن من المعروف أن اقتصاد المنطقة يرتبط بالدرجة الأولى بعائدات القطاع النفطي، الذي هو بمثابة محركه الديناميكي. إلا أن قطاعات الإنتاج والخدمات تشارك بقوة حالياً في النمو الاقتصادي. وفي السنوات الأخيرة وصلت قطاعات السياحة، الاتصالات، الإنتاج وحركة الإعمار إلى أعلى معدلات النمو. مما جعل للإمارات العربية المتحدة مكانة مهمة في السوق التجاري العالمي.

موقع متميز

يكمن سبب الانتعاش الاقتصادي للإمارات في موقعها الجغرافي المتميز القريب من قارتي أوروبا وأفريقيا وشبه القارة الهندية وكثرة الصفقات الحركات التجارية التي تبرم في المنقطة. وبالرغم من أن عدد مواطني الإمارات الأصليين لا يتعدى عدد أربعة ملايين شخصاً، إلا أنها تشكل للشركات الألمانية أكبر سوقاً في العالم العربي. ولقد أصبحت الإمارات أهم شريك تجاري لألمانيا في المنطقة العربية بعد أن بلغت قيمة مشترياتها من المنتجات الألمانية في العام الماضي 5،4 مليار يورو أي بزيادة 20 بالمائة مقارنة بالأعوام الماضية.

"أكثر من مجرد استيراد من ألمانيا..."

تقول وزيرة الاقتصاد الإماراتية الشيخة لبنى القاسمي: "إن انتعاش التبادلات التجارية بين ألمانيا والإمارات لا يرجع فقط إلى الواردات الألمانية إلى الإمارات إنما السبب يكمن في تواجد سبعة آلاف من حاملي الجنسية الألمانية و500 مكتباً ألمانياً للتمثيل التجاري و4550 علامات تجارية مسجلة ألمانية في بلدنا. الكثير من الشركات الألمانية لديها فروع ومراكز أساسية في الإمارات، وذلك بفضل البنية التحتية ذات مستوى الجودة العالمي ومناخها الاستثماري الجيد وهي مدخل لمنطقة تتكاثر فيها الكثافة السكانية بشكل كبير." علاوة على ذلك تشير وزيرة الاقتصاد الإماراتية إلى أن المستثمرين الألمان يقدرون أهمية الاستقرار المالي والنقدي في الإمارات والمعدل الكبير للنمو الاقتصادي."

في منطقة التجارة الحرة

تفتتح غالبية الشركات الألمانية فروعاً لها في المناطق الحرة في دبي وفي القسم الشمالي في الإمارات. وتعفى هذه الشركات من ضرائب الجمارك ولا يتوجب عليها دفع ضرائب الدخل والشركات. وقانون المناطق الحرة يسمح للمستثمرين الأجانب بتملك أكثر من 49 بالمائة من الشركات في بعض القطاعات التجارية والاقتصادية. وعنه يقول يورغن فريدريش مدير غرفة التجارة الخارجية الألمانية في دبي، "ان هذا القانون تم تطبيقه في دبي، أما الآن فهو مطبق في كافة الإمارات المتحدة. ومنذ وقت ليس ببعيد، استحدث في ابو ظبي تسهيل للأجانب يسمح لهم بالتملك بنسبة 100 بالمائة وفتح السوق المحلية أمامهم." بالإضافة إلى ذلك، يتم حالياً في إنشاء مركز أعمال ألماني في دبي. وسيكون هذا المركز أداة جذ ب للشركات المتوسطة والصغيرة الألمانية وتلك الراغبة في التوجه إلى الإمارات والاستفادة من فرص العمل فيها. وتقول دغمار عبد اللطيف، التي وقع الاختيار عليها لكي تكون رئيسة لهذا المركز: "إن مركز الأعمال الألماني سيقوم بتقديم الاستشارات للشركات الألمانية الراغبة بالاستثمار في الخليج وتامين شركاء لهم وذلك بدعم المستمر للتجارة الخارجية." منذ ثلاث سنوات ومركز الأعمال الألماني يتم التحضير له وسينتهي العمل به سنة 2009. وهناك عدد كبير من المستثمرين المهتمين بهذا المشروع الفريد من نوعه.