منافسة حادة في أبو ظبي على بطولة العالم في الفورمولا واحد
١١ نوفمبر ٢٠١٠بفوز سائق فريق ريد بول سباستيان فيتل بلقب جائزة البرازيل الكبرى تأجل حسم لقب بطولة العالم في الفورمولا واحد إلى المرحلة الأخيرة من سباقات بطولة العالم التي ستُقام الأحد المقبل ( 14 نوفمبر 2010 ) في العاصمة الإماراتية أبو ظبي. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2004 التي لا يُحسم فيها لقب السائقين في البرازيل.
والمنافسة على لقب الموسم الحالي انحصرت بعد سباق البرازيل بين ثلاثة سائقين بالدرجة الأولى، وهم سائق فيراري الإسباني فيرناندو ألونسو، متصدر الترتيب العام برصيد 246 نقطة، وسائقا ريد بول - رينو الأسترالي مارك ويبر الذي يحتل المركز الثاني برصيد 238 نقطة والسائق الألماني الشاب سباستيان فيتل ثالث الترتيب العام برصيد 231 نقطة، أي بفارق 15 نقطة عن ألونسو المتصدر. وهناك فُرصة ضئيلة لسائق ميكلارين البريطاني لويس هاملتون (222 نقطة). أما سائق ميكلارين الآخر وبطل العالم جنسون باتون، فلم تعُد لديه أي فرصة في الاحتفاظ باللقب الذي تُوّج به العام الماضي.
ألونسو الأقرب للظفر باللقب
وبناء على ذلك بات فيرناندو ألونسو الأقرب إلى الظفر بلقب بطولة العالم. ففي حال فاز ألونسو بجائزة أبو ظبي الكبرى، المرحلة الأخيرة من سباقات بطولة العالم، فسيكون لقب بطولة العالم من نصيبه دون منازع وبغض النظر عن النتائج التي سيحققها منافسوه وعلى رأسهم سائقا ريد بول مارك ويبر وسباستيان فيتل. لكن المركز الثالث يكفي ألونسو أيضاً للفوز باللقب، لكن بشرط ألا يفوز مارك ويبر في أبو ظبي. وحتى لو حصل سائقا ريد بول فيتل وويبر على المركزين الأول والثاني على التوالي في أبو ظبي وحلّ ألونسو رابعاً، فسيكون اللقب من نصيب ألونسو أيضاً. وبذا يكون نجم الفورمولا واحد الإسباني فيرناندو ألونسو أصغر سائق في تاريخ فورمولا 1 يتوج بلقب بطولة العالم ثلاث مرات.
إذن حظوظ الأسترالي مارك ويبر في انتزاع اللقب من ألونسو أكبر من حظوظ
زميله في الفريق سباستيان فيتل. ففي حال فاز ويبر بسباق أبو ظبي وحصل فيتل على المركز الثاني، فسينتزع ويبر لقب بطولة العالم من ألونسو ليضمن لفريقه ريد بول لقب السائقين أيضاً بعد أن حسم لقب الصانعين في سباق جائزة البرازيل الكبرى، المرحلة قبل الأخيرة من بطولة العالم.
أما فُرصة فيتل في انتزاع لقب بطولة العالم من الإسباني ألونسو ومن زميله في الفريق مارك ويبر، فلا بأس بها. لكن ذلك لا يعتمد على ترتيبه في آخر سباقات الموسم في أبو ظبي فحسب، بل أيضاً على أداء الثنائي المتصدر ألونسو وويبر. فحتى لو فاز فيتل بالمركز الأول في أبو ظبي، فلن يكون ذلك كافياً لانتزاع اللقب، إلا إذا حلّ ألونسو في المركز الخامس في أحسن الأحوال وويبر في المركز الثالث أو أكثر.
نظام النقاط الجديد زاد من حدة المنافسة
بتطبيق نظام نقاط جديد خلال الموسم الحالي ازدادت حدة المنافسة بشكل ملحوظ بين السائقين، فالنظام الجديد في توزيع النقاط يقضي بحصول أول عشرة سائقين في كل سباق على نقاط، مع وجود فارق أكبر بين صاحبي المركزين الأول والثاني ( 7 نقاط )، وذلك من أجل زيادة حدة المنافسة على تحقيق المركز الأول في كل سباق. أما في الماضي، فكان أصحاب المراكز الثمانية الأولى في كل سباق يحصلون على نقاط، مع فارق ضئيل بين الأول والثاني. وبموجب نظام النقاط الجديد يحصل صاحب المركز الأول على 25 نقطة، بينما يحصل الثاني على 18 نقطة والثالث على 15 نقطة والرابع على 12 نقطة والخامس على 10 نقاط، ثم 8 نقاط و 6 و 4 و 2 وأخيراً نقطة واحدة فقط لصاحب المركز العاشر.
فيتل مؤمن بفرصته
على الرغم من كل هذه الحسابات إلا أن نجم الفورمولا واحد الألماني سباستيان فيتل، مُصمّم على إحراز لقب بطولة العالم. وهو يرى أن تحقيق ذلك ليس بالأمر بالمستحيل، إذا أتت الرياح كما تشتهي سفينته، أو بالأحرى سيارته. ففي آخر ثلاث سباقات ضمن بطولة العالم فاز فيتل بسباقين. ولولا تعرّض محرك سيارته لعطل في سباق جائزة كوريا الجنوبية الكبرى قبل تسع لفات من نهاية السباق، لكان لقب كوريا الجنوبية من نصيبه، خاصة أنه كان مسيطراً على السباق بالكامل.
لكن الحظ لم يكُن حليفه وحرمه من 25 نقطة ثمينة كانت ستضعه في صدارة الترتيب العام للسائقين وستجعل فُرصه في الفوز بلقب بطولة العالم الأكبر. لكن ذلك لم يُقلّل من عزيمته وإصراره على مواصلة المنافسة على لقب بطولة العالم. وهذا ما أظهره على حلبة جوزيه كارلوس باسي في ساو باولو حيث فاز بسباق البرازيل بجدارة، متقدماً على زميله في الفريق مارك ويبر ومتصدر الترتيب العام فرناندو الونسو. وهو الآن يتطلع إلى الفوز بلقب المرحلة الأخيرة في أبو ظبي، على أمل أن يتعثّر الثنائي المتصدر ألونسو وويبر.
المنافسة على اللقب بروح رياضية
عقب سباق البرازيل برزت تساؤلات كثيرة عن موقف فريق ريد بول في السباق النهائي في أبو ظبي وعما إذا كان الفريق سيلتزم بالروح الرياضية والمنافسة الشريفة. في جميع الأحوال أكّد فريق ريد بول أنه لن يلجأ إلى إعطاء أي أوامر لسائقيْه تتعلق بسير السباق في أبو ظبي. وبالتحديد لن يأمر سائقه فيتل بالسماح لزميله ويبر بتجاوزه، في حال كان ذلك سيزيد من حظوظ ويبر، وبالتالي حظوظ فريق ريد بول في الفوز بلقب بطولة العالم. وإدارة الفريق تُشير هنا إلى التزامها بالروح الرياضية والمنافسة الشريفة على اللقب.
لكن كثيراً من المراقبين يتساءلون: هل من المُمكن أن يسمح فيتل لزميله ويبر بتجاوزه، إذا كان ذلك سيخدم الفريق بأكمله، أي إذا كان ذلك سيضمن لقب بطولة العالم لفريق ريد بول؟ رئيس فريق ريد بول كرستيان هورنر أكّد أن الفريق لن يأمر بذلك، لكنه أشار إلى أن قراراً بهذا الشأن يتعلق بالسائق فقط. وفي الوقت نفسه يخف هورنر أمله في أن يُقدّم سباستيان فيتل ربما خدمةً كبيرة لزميله مارك ويبر، إذا كان الوضع يتطلب ذلك. هذا مع أن هورنر شدّد أن إدارة الفريق تدعم السائقيْن بشكل متساوي ولا تُفضّل هذا على ذاك.
بالنسبة لفيتل نفسه فتفادى الإجابة عن هذا السؤال، أي عن موقفه إذا كان هو، على سبيل المثال، في المركز الأول وويبر في المركز الثاني في اللفة الأخيرة من السباق. واكتفي النجم الألماني بالقول إن فريقه سيبذل جهداً كبيراً لتحقيق الفوز. وما يؤكد على الروح الرياضية التي يتمتع بها فيتل وإصراره على التتويج بلقب بطولة العالم هو تصرّفه في سباق جائزة البرازيل الكبرى التي فاز بها متقدماً على زميله ويبر الذي حلّ ثانيا. إذ كان بوُسع فيتل السماح لويبر بتجاوزه في اللفة الأخيرة، ما كان سيعني اقتراب ويبر من المتصدر ألونسو كثيراً، وبالتالي زيادة حظوظ الأسترالي في انتزاع لقب بطولة العالم لفريقه ريد بول، لكن فيتل لم يفعل ذلك وفاز هو بلقب سباق البرازيل، حتى لو كان هذا الموقف سيُكلّف فريقه في النهاية لقب بطولة العالم.
حظر إعطاء الأوامر للسائقين
في الواقع لا يجوز لأي فريق إعطاء أوامر لأحد سائقيه بالسماح لزميله بتجاوزه. فهذا أمرٌ محظور في رياضة الفورمولا واحد. ومن يخالف هذه التعليمات يُعرّض نفسه للعقاب. وهذا ما حدث بالفعل في سباق جائزة ألمانيا الكبرى على حلبة هوكنهايم في 25 يوليو من العام الحالي، حيث انتهك فريق فيراري قوانين هذه الرياضة عندما أمر الفريق الإيطالي سائقه فليبي ماسا بالسماح لزميله فيرناندو ألونسو، متصدر الترتيب العام، بتجاوزه. وبناء على ذلك فرض الاتحاد الدولي لسباقات السيارات غرامة مالية باهظة على فيراري بلغت 100 ألف دولار.
لكن ألونسو احتفظ بالنقاط الـ 25 التي حصل عليها بحلوله في المركز الأول بدلاً من أن يحصل على 18 نقطة لو حلّ ثانيا. وهو الآن يتصدر الترتيب العام بفارق 8 نقاط عن أقرب مطارديه على اللقب مارك ويبر و 15 نقطة عن صاحب المركز الثالث سباستيان فيتل. وفي حال حلّ ألونسو ثالثاً في أبو ظبي، فيكفيه ذلك للفوز بلقب بطولة العالم إذا فاز فيتل بسباق أبو ظبي. أما فيتل الذي لم يتجاوز بعد الـ 23 من عمره فيُمكنه الفوز بلقب بطولة العالم، في حال فاز بالمركز الأول في أبو ظبي وألونسو حلّ خامساً في أحسن الأحوال وزميله في الفريق مارك ويبر ثالثا.
من البحرين إلى أبو ظبي
بسباق جائزة أبو ظبي الكبرى ( 14 نوفمبر 2010 ) ينتهي الموسم الحادي والستين للفورمولا واحد. وهكذا تكون بطولة العالم الحالية لهذه الرياضة التي تزداد شعبية عاماً بعد عام قد انطلقت من الصحراء العربية في البحرين واختُتمت في الصحراء العربية في العاصمة الإماراتية أبو ظبي. يذكر هنا أنه ومنذ انطلاقها عام 1950 لم تشهد البطولة صراعا رباعيا على اللقب كالذي ستشهده حلبة مرسي ياس في العاصمة الإماراتية.
علاء الدين موسى البوريني
مراجعة: عبده جميل المخلافي