ممثل الائتلاف السوري في برلين: روسيا تتنازل ببطء وفق سياسة السلحفاة
١٢ فبراير ٢٠١٤يعتقد ممثل الائتلاف السوري المعارض في ألمانيا، أنه "بمجرد تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة سينهار النظام؛ النظام متمثل بشخص الرئيس، الذي يدير خلية أمنية". في حوار مع DWعربية أبدى الدكتور بسام عبد الله تفاؤله بقدرة وفد المعارضة على تحقيق الهدف الرئيسي الذي جاءت من أجله إلى جنيف والمتمثل في "إقامة هيئة حكم انتقالي بدون الأسد".
وفيما يلي نص الحوار:
DW:ما هو المنتظر من الجولة الثانية من جنيف 2 في ظل استمرار العنف في المدن وتعثر عمليات تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين؟ هل أصبحت مفاوضات جنيف تعيد إنتاج نفسها كمفاوضات من أجل المفاوضات؟
د.بسام عبد الله: الحديث عن جميع إنجازات الجولة الأولى لا يزال مبكرا. ولكن أستطاع الائتلاف تعرية النظام وكشف أسلوبه المراوغ، كما أن الائتلاف استطاع كشف النظام أمام الرأي العام العالمي بمظهر غير القادر على الإجابة عن الأسئلة الرئيسية المطروحة في الأزمة السورية كجرائم الحرب التي يرتكبها، والتي أظهرت بعضها الصور المسربة حديثاً. كما استطاع الائتلاف أن يثبت نفسه كشريك في العملية السياسية في سوريا، وهذا ما يدحض كلام النظام بعدم وجود بديل له....
اعتمد النظام منذ البداية على القبضة الحديدية وعلى الحل الأمني، فبمجرد دخول قوافل المساعدات وخرق الحصار ولو جزئيا ومبدئيا، يعتبر هذا مظهرا من مظاهر رضوخ النظام بدليل تظاهر أنصاره ضد إدخال المساعدات، وهذا يعتبر إنجازا لجنيف وللائتلاف.
نحن ذهبنا إلى جنيف لإحدث خرق في الجدار السياسي، الذي بنته القوى الداعمة للنظام، وأيضا لمواجهة تضليل النظام الإعلامي، الذي يحاول تشويه صورة الثورة واتهامها بالإرهاب. نحن شاركنا في جنيف على أساس واضح وصريح، ألا وهو تنفيذ بنود جنيف1، الذي نص على تشكيل هيئة حكم انتقالية بدون الأسد وتكون لها الصلاحيات الكاملة على كافة مؤسسات الدولة.
تعددت التفسيرات لوثيقة جنيف1 وجنيف1 واحد. ما السبب الكامن وراء ذلك برأيك؟
وثيقة جنيف1 وضعتها القوى العظمى بغياب كامل لكل الأطراف السورية. وأخذ كل طرف بتفسيرها حسب ميله تجاه الثورة السورية: الأطراف الداعمة للثورة ترى أن لا دور للأسد بالمرحلة الانتقالية، الأطراف الداعمة للنظام فسرتها أنه ستكون هناك هيئة حكم انتقالية، ولكن السوريين سيتفقون فيما بينهم من سيلعب دوراً أم لا. بعد استخدام النظام للسلاح الكيمائي في الغوطة الشرقية بدأت كفة الطرف، الذي يرى أن الأسد يجب أن لا يكون له دور، بالزيادة والرجحان. إذ نص القرار 2118 على تنفيذ بنود جنيف1، وبشكل أكثر وضوحاً على أن لا مكان للأسد في هيئة الحكم الانتقالية.
هنالك من يشكك في تمثيل الإئتلاف للمعارضة في جنيف، ما ردكم على ذلك؟
الائتلاف انتزع شرعية وأحقية تمثيل المعارضة السورية، سواء من مجموعة "أصدقاء الشعب السوري" كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري، وأيضا من الأطراف المؤيدة للنظام بأن الائتلاف هو من سيشكل وفد المعارضة، بعد أن كان الحديث يدور عن وجود أكثر من طرف معارض على طاولة المفاوضات.
كيف تردون على موقف وفد الحكومة السورية القائل بأن أولوية مؤتمر جنيف تكمن في محاربة الارهاب الذي تمارسه الجماعات التكفيرية وليس تشكيل هيئة الحكم الانتقالية؟
الكثير من أعضاء الائتلاف كان متخوفا من هذه النقطة بالذات، ومن أن النظام سيغرق وفد الائتلاف بالتفاصيل، وأن المفاوضات ممكن أن تمتد شهورا أو سنوات وربما لن تنتهي؛ ولذلك عارض البعض الذهاب إلى جنيف. وفد الائتلاف بتسلحه بأهداف الثورة وإيمانه بالحق، لم يقع في فخ النظام، بل أن النظام هو من وقع في الفخ، وذلك باصرار وفد الائتلاف على أننا هنا في جنيف لتنفيذ وثيقة جنيف1، ومناقشة تشكيل هيئة الحكم الانتقالية. تخبط وفد النظام على المستوى السياسي والإعلامي وخطابه المهزوز وغير المنطقي، قابله خطاب متزن ومنطقي لوفد الائتلاف. الائتلاف أصبح قوياً بما فيه الكفاية للصمود أمام مراوغات النظام، الذي أصبح كعصفور مقصوص الجناح. والموقف العالمي في صالح وفد المعارضة وأتمنى أن يُستغل ذلك في الجولة الثانية من المفاوضات.
ما هي الخطة البديلة للائتلاف (الخطة "ب") في حال انهيار وفشل المفاوضات؟
الخطة "ب" غير موجودة أصلاً. الخطة هي أن يحقق الشعب السوري حريته ويتخلص من هذا النظام. الثورة ما تزال مستمرة ولم يتغير أي شيء على أرض الواقع بالنسبة للثوار. الجميع أبدى تأييده لأي اختراق سياسيي يحدثه وفد الائتلاف. نحن هنا في جنيف لنثبت لشعبنا وللعالم وللنظام أننا قادرون على مقارعة النظام في ميادين السياسة كما نجابهه على الأرض وفي ميادين الإعلام. وبالتالي نحن نشكل بديلاً حقيقياً لقيادة سوريا والخروج من هذه المعاناة.
هنالك من يرى ان الحكومة والمعارضة باتا خاضعين لضغوط أطراف أخرى، فهل فقد السوريون قرارهم الوطني المستقل؟
النظام جعل من سوريا ساحة لغير السوريين، سواء على أرض الواقع أو في ميدان السياسة، وكان ذلك نتيجه تمسكه بكرسي الحكم وانتهاجه الحل الأمني وفتحه الباب على مصراعيه للمنظمات الارهابية. فيما يخص الائتلاف هناك تعاون وتنسيق مع الدول الصديقة، ولكن هذه الدول لم تسلبه قراره. الائتلاف يمتلك قراره أكثر بكثير من النظام. وقد بدا هذا واضحاً باتخاذ القرار بالمشاركة بالجولة الثانية: فالائتلاف أكد ذلك على لسان رئيسه أحمد الجربا، ولكن النظام لم يتجرأ على ذلك إلا بعد تصريحات المسؤولين الروس على إثر زيارة الجربا لموسكو.
ما حقيقة وجود قناة مفاوضات خلفية سرية بين رجال أعمال من الحكومة ونظرائهم مقربين من المعارضة؟
لا علم للائتلاف بأي مفاوضات غير ما حصل في مونترو وجنيف.
ماذا حققت زيارة الجربا لموسكو؟ هنالك من اعتبرها بداية نهاية "المراهقة السياسية" لبعض أطراف المعارضة ومنها الائتلاف، التي تجاهلت الثقل الروسي في الملف السوري؟
أنا لا أعتبرها مراهقة سياسية. بعد مؤتمر جنيف كانت هناك إشارات واضحة من موسكو بعدم تمسكها بشخص الأسد وتمسكها ببقاء الدولة السورية. نحن نريد المحافظة على الدولة أيضا. مجرد تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة سينهار النظام؛ النظام متمثل بشخص الرئيس، الذي يدير خلية أمنية. مجرد القضاء على الرأس سينهار النظام تلقائياً. يمكن اعتبار استقبال لافروف، الذي يعتبره البعض وزير خارجية النظام، للرئيس الجربا، اختراقا لصالح الائتلاف. روسيا تتبع سياسة السلحفاة، بمعنى أنها تقدم التنازلات ببطء وبطء شديد. لن يحصل أي اجتماع أو اتفاق على مصير سوريا بدون الاتئلاف.
هل تعتقد أن موسكو تخلت عن هيئة التنسيق كحليف أساسي؟"
بشكل عملي، نعم. ولكن موسكو تفعل ذلك ببطء. في زيارة الجربا لموسكو، طُلب منه توسيع الوفد المفاوض. وكان موقف الائتلاف الثابت بأن يكون الوفد تحت راية الائتلاف، وهذا الكلام رٌفع عن النقاش. ولا يستطيع أي أحد ان يفرض على الائتلاف أي شخصية محددة. وقد أكد الجربا خلال زيارته للقاهرة بأنه إذا كان البعض يتمنى أن يكون وفد الائتلاف شيئاً آخر، فالائتلاف لديه أمنيات بأن يرأس وفد النظام فاروق الشرع. الائتلاف يتعامل الآن مع النظام بنديّة سياسية.
يطرح البعض فكرة توسيع وفد الائتلاف في مفاوضات جنيف ليضم قوى أخرى لها تأثير حاسم على الأرض. هل ستستجيبون لهذا الطرح؟
لن أكشف سراً إذا قلت أن معظم الفصائل السورية، التي تقاتل نظام الأسد، هي ضمناً مع الائتلاف مادام متمثلاً لمبادئ الثورة ومتمسكاً بإزاحة بشار الأسد عن الحكم. هذه الفصائل باتت مدركة أن إسقاط النظام على الأرض وفي الساحات الدولية سيكون بالنقاط، بعد استحالة إسقاطه بالضربة القاضية.
الجبهة الإسلامية أعلنت في بيان واضح أنها ليست ضد أي حل سياسي يفضي إلى إنهاء معاناة الشعب السوري. ولكن في الوقت نفسه ترى أن هذه المفاوضات لن تجدي نفعاً، ومن حقها أن ترى ذلك. هناك اتصالات وعلى مستوى عال بين الائتلاف والجبهة الإسلامية وغيرها من الكتائب. لا توجد أي قوة سورية على الأرض ضد الائتلاف في مفاوضاته في جنيف. وهنا استثني كل القوى، التي تحمل أجندات غير سورية ولا تمثل التطلعات التي خرج من أجلها السوريون في ثورتهم.