نجمة طهي سورية بألمانيا تضيف روح المطبخ السوري لأطباقها
٢٠ مايو ٢٠١٨كانت السورية ملكة جزماتي طاهية شهيرة قبل وصولها إلى ألمانيا. واليوم أصبحت نجمة بين اللاجئين في برلين، ومصدر إلهام للجميع. في مساء ليلة جمعة في شهر مايو/ أيار، تعد ملكة جزماتي حساء العدس مع صحن البامية والأرز وسمبوسك الجبن التي هي النسخة السورية من السمبوسك المقلية. تقول ملكة مبتسمة وهي تقف أمام موقد ساخن "أشعر بالسعادة عندما يستمتع الناس بطعامي، كما يجعلني ذلك أشعر بالجوع أيضاً".
تقدم ملكة الطعام لضيوفها - وهم مدعوون من منظمة المساعدة الإنمائية "Weltfriedensdienst" - والذين يجتمعون في قاعة المؤتمرات بمقهى Refugio بالعاصمة الألمانية برلين حيث يلتقون لحضور فعالية تتناول قصصاً من حول العالم عن المهاجرين.
شغف بالمطبخ التقليدي
تتجاوز ابتسامة ملكة جزماتي وطعامها كافة الحواجز اللغوية. لذلك فلا عجب من كونها أصبحت تشتهر بأنها "ملكة الطهي" في البرنامج التلفزيوني الذي كانت تقدمه قبل أن تصل إلى برلين. والشيء بالشيء يذكر، فإن اسمها ملكة يترجم أيضا إلى اللغة الإنجليزية "ملكة- Queen".
من خلال تذوق طعامها يعتقد المرء أنها حصلت على لقبها منذ أمد بعيد، لكنها اكتشفت شغفها بالمطبخ السوري التقليدي بعد فرارها من دمشق. لم تكن تطبخ أكثر من الاسباغيتي (المعكرونة) قبل أن تبدأ العمل في برنامج تلفزيوني تم إنتاجه في الأردن على محطة فضائية معارضة للرئيس السوري بشار الأسد.
غير أن منتجي البرنامج يعتقدون أن لدى ملكة "روحاً" خاصة هي ما تشكل جوهر الطعام السوري الذي تعده، ولذلك وافقت على خوض التجربة. وخلال البرنامج، يناقش الطهاة والضيوف الاختلافات بين ثقافات الطهي في بلادهم.
أصبح الطهي جزءا محورياً من حياة ملكة في المنفى. وبالتعاون مع زوجها محمد الذي انضمت إليه في برلين في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2015، تدير اليوم شركة ليفانتي " Levante Gourmet " المتخصصة في تقديم الطعام.
يقع مقهى Refugio في حي نويكولن في برلين، حيث تقوم ملكة بالطهي، كما تسكن في المبنى نفسه الذي يوجد به المقهى، ويشاركها في سكنى البناية نحو 40 شخصاً. لملكة وزوجها ابن ولد في ألمانيا.
طموحات إبداعية
على الرغم من أن ملكة لا تتحدث الألمانية بطلاقة حتى الآن، إلا أنها طموحة وتركز على أهدافها أكثر من مشكلاتها. وفي هذا السياق نشرت كتاباً بالألمانية عام 2017 عن الوصفات السورية التقليدية. تقول في كتابها إن هناك قول مأثور في سوريا مفاده "اخترع إديسون المصباح الكهربائي بدلاً من الشكوى من الظلام". تبدو هذه الكلمات كأحد المبادئ التي تعتمدها ملكة في مسيرتها الحياتية.
يقدم كتاب ملكة معلومات ووصفات للأطباق المختلفة، سواء أكان طعام الشارع الذي يتناوله العمال في وجبات الإفطار، أو الطعام الذي يتم إهداؤه للجيران، أو الطبق الذي يتم تناوله في حفل الزفاف. تمثل القصص المتعلقة بكل نوع من هذه الأطعمة نوعاً جديداً من التوابل التي يحفل بها هذا الطعام، ويبدو أن هذا هو ما تصفه ملكة بأنه "روح الطعام السوري"، وهي اللمسة السحرية التي تميز كل طبق عن آخر.
تقديم الطعام لميركل والنجوم
ساهم كتاب ملكة عن الأطعمة السورية في جعلها شخصية مشهورة في ألمانيا، فالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وضيوف من كبار الشخصيات الذين شاركوا في افتتاح مهرجان برلين السينمائي الدولي "برلينالي" الأخير كانوا ممن تذوقوا طعام ملكة جزماتي. وفي تطور آخر لمسيرتها المهنية، بدأت ملكة برنامجاً تلفزيونيًا يُعرض قريباً في سوريا من خلال محطة تركية.
إبقاء التقاليد على قيد الحياة
بعد مشاهدة ملكة وهي تقوم بالطهي، كان لي شرف اختبار صحن البامية قبل تقديمه إلى المجموعة في مقهى Refugio. حيث قامت بخلط الكزبرة وصلصة الطماطم جيداً مع البامية. وذكرني عصير الليمون الطازج في الحساء بالتعبير الألماني "sauer macht lustig" أو "الحامض يجعلك سعيدا". عندما تذوقت ملعقة من كل تلك النكهات المختلطة ببعضها، شعرت بأني أريد أن أضحك وأن أبكي في آن واحد. كان خليطاً من المشاعر داخل طعام تقدمه الأمهات لأبنائها على مدار أجيال متعاقبة بما فيهم والدة ملكة ولايزالون يقدمونه حتى اليوم. وبعيداَ عن وطن لم يعد كما كان، تخلط ملكة جزماتي مذاق الحنين والأمل في وعاء بسيط للطهي.
اليزابيث غرينر
المصدر: مهاجر نيوز 2018