ملامح الدور الألماني في قيادة الاتحاد الأوروبي
٣٠ سبتمبر ٢٠١٥خمسة وعشرون عاما على توحيد ألمانيا ولا تزال السياسة الألمانية توصف بأنها "خائفة ومترددة"، بحسب ساشا دو فايس العامل في مركز الأبحاث والعضو في تنظيم شبكة أزمة العمل في بروكسل، ويضيف: "ألمانيا ليست قوية لأنها كذلك، بل أن جيرانها ضعفاء". في عام 2013 كتبت المجلة البريطانية ذي إيكونمست أن "ألمانيا هي قوة مهيمنة مترددة، وعليها أن تعمل على قيادة أكبر". من ناحية أخرى كتب مراسل الصحيفة الألمانية "تاتس" من بروكسل إيريك بونسه أن "أوروبا ألمانية"، حيث أشار إلى التأثير الكبير التي تتمتع به ألمانيا في المؤسسات الأوروبية مثل لجنة الاتحاد الأوروبي ومجلس الوزراء والبرلمان الأوربيين، إلا أن الحديث عن سيطرة ألمانية على الدول الأوروبية غير واقعي بحسب الوزيرة السابقة للشؤون الأوروبية في الحكومة الفرنسية نويل لينوار، التي ترى في حديث أدلت به لشبكة فرانس 24 أن "المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هي من أكثر القادة المناصرين لأوروبا، وأنها تبدي الكثير من التنازلات، وتحترم الدول الأخرى لا سيما فرنسا".
الشراكة بين ألمانيا وفرنسا لا غنى عنها
الشراكة الألمانية الفرنسية كانت هي دائما البذرة لفكرة الاتحاد الأوروبي والمحرك له. إلا أن هذه الشراكة بين البلدين "تقودها ألمانيا" وذلك بحسب النائب الألماني في البرلمان الأوروبي إلمار بروك، ويعتقد بروك أن "القيادة الألمانية لم تأت لرغبة الحكومة الألمانية في ذلك، بل لأن ضعف فرنسا الاقتصادي، مقارنة بألمانيا، وانشغالها بإصلاحاتها الداخلية قاد إلى ذلك الوضع". ويضيف العضو البرلماني: "إننا نأمل في أن تأخذ فرنسا دورها في القيادة، لأن ذلك سيخفف من العبء المضاعف على ألمانيا".
العضوية التلقائية لألمانيا الشرقية
المخاوف الأولية التي كانت تبديها الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا ضد إعادة الوحدة الألمانية في السابق لم تعد ظاهرة الآن، حيث وافقت الدول الأوروبية على انضمام الألمان الشرقيين إلى المجتمع الأوروبي عام 1990، وتم الأمر "سريعا ومن دون إجراءات طويلة"، وذلك بحسب ما يرويه كارلو تروجان والذي كان مشاركا في محادثات الوحدة التي تمت بين بون وبرلين، حيث تم تصويت الدول الأوروبية بخصوص ألمانيا الشرقية في دبلن عام 1990. كما أعلن المجتمعون أيضا عن دعمهم لتطوير اتحاد سياسي نقدي مستقبلي للدول الأوروبية، بمعنى أن عملة اليورو كانت مكافأة للوحدة الألمانية.
أيضا في الأزمات الحالية التي تعيشها أوروبا مثل أزمة اليونان وأزمة أوكرانيا، وأزمة اللاجئين تظهر ألمانيا سيطرة واضحة، كما أن تفوقها في السياسة الاقتصادية والمالية يعيد إلى الأذهان من جديد الصورة النمطية القبيحة عن الألمان، حيث تم نشر صور للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في كل من اليونان وإيطاليا وهي مرتدية الزي النازي، وتم ربطها بالزعيم النازي أدولف هتلر. فسياسة التقشف الألماني قسّمت أوروبا.
على ألمانيا تأدية المزيد
رئيس الوزراء البلجيكي السابق جاي فيرهوفشتاد صرح لـ DW أن "على ألمانيا أن تكون أكثر طموحا وأن تمضي بقوة أكبر في الشأن الأوروبي". ويضيف: "نحن في حاجة للمضي قدما في التكامل مع القارة الأوروبية، وهذا كان دائما المهمة التاريخية لألمانيا في أواخر القرن العشرين، وآمل أن تواصل ذلك"، إلا أن أوجه القصور في الدور الألماني بحسب ما يراه السياسي إلمار بروك يتعلق بمجال السياسة الخارجية المشتركة بين ألمانيا وفرنسا، ويقول: "أعتقد أننا في حاجة لتنسيق استراتيجي أفضل، فرنسا مهتمة جدا بأفريقيا وحوض البحر المتوسط، وهي مستعدة للتدخل عسكريا هناك"، ويقول: "لذلك علينا العمل للوصول إلى سياسة مشتركة تحت مظلة الاتحاد الأوروبي". وبحسب بروك فإن أزمة أوكرانيا والتدخل الروسي أظهر توحدا في الموقف الأوروبي. السياسية الفرنسية لينوار ذكرت بدورها في مقابلة فرانس 24 أن "المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي أولاند يعملان سوية بشكل جيد، إلا أن ما ينقص الشراكة الألمانية الفرنسية هو أن يكون لها هدف واضح، وكيف ستقود هذه الشراكة لسياسة أوروبية أفضل".
هذا الأمر يؤكد عليه فيرهوفشتاد، والذي أعرب عن أسفه لعدم وجود رؤية بعيدة المدى من قبل ألمانيا بخصوص أوروبا، ويقول: "التطورات تسير ببطء إلى الأمام، إلا أن سياسة الخطوة خطوة أمام المشاكل التي تواجه أوروبا، مثل أزمة اليورو واللاجئين هي غير كافية.المطلوب أحيانا أن يكون هنالك قفزة كبيرة إلى الإمام، وهذا ينطبق على الحياة الخاصة كما ينطبق أيضا، على المنظمات الأوروبية".