مع تصاعد المظاهرات ودعوات المقاطعة.. فرنسا تحذر مواطنيها
٢٧ أكتوبر ٢٠٢٠نصحت فرنسا اليوم الثلاثاء (27 تشرين الأول/ أكتوبر 2020) مواطنيها المقيمين في عدة دول ذات غالبية من المسلمين أو المسافرين إليها بأخذ احتياطات أمنية إضافية في ظل تصاعد الغضب من رسوم كاريكاتيرية تصور النبي محمد.
ونصحت وزارة الخارجية الفرنسية رعاياها في إندونيسيا وبنغلادش والعراق وموريتانيا بتوخي الحذر، ودعتهم إلى الابتعاد عن أي احتجاجات تتعلق بالرسوم وتجنب أي تجمعات عامة، وقالت: "نوصي بتوخي أقصى درجات اليقظة خاصة أثناء السفر وفي الأماكن التي يرتادها السياح أو الجاليات الوافدة". وأصدرت السفارة الفرنسية في تركيا نصيحة مماثلة لمواطنيها هناك.
ومساء الثلاثاء قال متحدث باسم الشرطة الفرنسية إن متنزه شان دي مارس في باريس المحيط ببرج إيفل أُخلي لفترة وجيزة عقب اكتشاف حقيبة مليئة بالذخيرة. وأضاف أن إخلاء المتنزه انتهى. وكانت الشرطة قد ذكرت في وقت سابق أن المنطقة المحيطة بقوس النصر قد أُخليت عقب تهديد بوجود قنبلة.
ومن جانبه أدان مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم الثلاثاء "القتل المروع" للمدرس الفرنسي صامويل باتي الذي قطع شخص -يشتبه في أنه إسلامي متشدد- رأسه بعد أن عرض المدرس على تلاميذه رسوماً للنبي محمد في حصة عن حرية التعبير. وقالت المتحدثة رافينا شمدساني في إفادة بالأمم المتحدة في جنيف إن مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت "تدين تماماً قتل المدرس في فرنسا".
ومنذ ذبح المدرس باتي هذا الشهر نُشرت الرسوم في فرنسا تضامناً معه، ما أثار غضباً في العالم الإسلامي. وتعهد الرئيس إيمانويل ماكرون بالتصدي لما وصفه "بالانعزالية الإسلامية" قائلاً إنها تكاد تتملك بعض الجاليات المسلمة في فرنسا. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أشد المنتقدين للحكومة الفرنسية، وتقدم الداعين إلى مقاطعة البضائع الفرنسية.
لكن المفوضية الأوروبية قالت على لسان متحدث باسمها اليوم الثلاثاء إن الدعوة لمقاطعة المنتجات الفرنسية التي وجهها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان "تتنافى مع روح" الاتفاقات الدبلوماسية والتجارية الموقعة من جانب تركيا مع بروكسل و"ستُبعدها أكثر" عن الاتحاد الأوروبي.
استدعاء السفراء
وتُرجم تصعيد التوتر بين تركيا وفرنسا باستدعاء باريس سفيرها لدى أنقرة السبت للتشاور، في حين وافق البرلمان الباكستاني أمس الاثنين على قرار يحث الحكومة على استدعاء سفيرها من باريس. واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال الفرنسي في طهران بسبب الرسوم، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية اليوم الثلاثاء. وقال مسؤول بالوزارة للدبلوماسي الفرنسي في أثناء الاجتماع الذي انعقد أمس الاثنين إن بلاده ترفض بقوة "أي إهانة واستهانة بنبي الإسلام".
واستنكرت السعودية اليوم الثلاثاء الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد، مؤكدة في الوقت ذاته إدانتها "كل عمل إرهابي" ورافضة أي محاولة للربط بين "الإسلام والإرهاب"، لكنها آثرت الابتعاد عن دعوات المقاطعة. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية في بيان نشرته وكالة الأنباء الحكومية إن المملكة "تدعو إلى أن تكون الحرية الفكرية والثقافية منارة تشع بالاحترام والتسامح والسلام وتنبذ كل الممارسات والأعمال التي تولد الكراهية والعنف والتطرف وتمس بقيم التعايش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم".
استمرار المظاهرات ودعوات المقاطعة
وتستمر في العديد من الدول المسلمة تظاهرات منددة بالرسوم ودعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية وهتافات منددة بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بسبب قضية نشر الرسوم. ففي بنغلادش، قالت الشرطة إن الآلاف من نشطاء الأحزاب الإسلامية تظاهروا في العاصمة دكا ضد دفاع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد. وأظهرت لقطات من المظاهرة قيام المشاركين بحرق العلم الفرنسي ودمى تمثل ماكرون.
وحذر أمين عام رابطة العالم الإسلامي، محمد العيسى، من أن المبالغة في رد الفعل على الرسوم الكاريكاتيرية للنبي "أمر سلبي يتجاوز المقبول" مضيفاً لصحيفة عرب نيوز السعودية أن ذلك "لن يفيد سوى ناشري الكراهية".
ومن جانبه حث داعية إسلامي فرنسي بارز المسلمين اليوم الثلاثاء على تجاهل الرسوم المسيئة للنبي محمد بدلاً من اللجوء للعنف، في دعوة للاعتدال وسط أجواء يسودها الغضب في العالم الإسلامي. ونبّه محمد موسوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المسلمين إلى أن مثل هذه الرسوم يجيزها القانون الفرنسي وقال في بيان: "نفس هذا القانون لا يرغم أحداً على الإعجاب بها ولا يمنع أحداً من النفور منها".
ودعا موسوي المسلمين إلى "الاحتذاء بالرسول الذي تجاهل الإيذاء عندما تهكم منه حشد ونعته بالمدمم"، وتابع قائلاً: "أليس من الأجدر الاحتذاء بالنبي وتجاهل هذه الرسوم واعتبار أنه لا علاقة لها إطلاقاً بنبينا؟".
م.ع.ح/ص.ش (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)