معاهدة الاستقرار النقدي الأوروبية أمام تحدي التعديل
صرح رئيس وزراء لوكسمبورغ جين كلود يونكر الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حالياً أن مواقف وزراء مالية الاتحاد تقاربت بشأن كيفية تطبيق معاهدة الاستقرار النقدي الأوروبية. وقال يونكر أن الوزراء الذي اجتمعوا أمس الثلاثاء في بروكسل اتفقوا مبدئياً على عدم تغيير سقف عجز الميزانية المسموح به مقابل مرونة أكبر على صعيد خطوات فرض عقوبات على الدول التي تتخطى السقف. ومما يعنيه ذلك قيام المفوضية الأوروبية في الوقت الحالي بتجميد الخطوات التي كانت تنوي اتخاذها لمعاقبة حكومتي باريس وبرلين على مخالفتهما الاتفاقية. وسبق للمستشار الألماني غيرهارد شرودر أن طالب قبل يومين بإدخال إصلاحات كبيرة على معاهدة الاستقرار النقدي الخاصة بالعملة الأوروبية "يورو" وسط اعتراضات عديدة. وجاء ذلك في وقت تخوفت فيه الحكومة الألمانية من التعرض لعقوبات مالية من قبل المفوضية الأوروبية بسبب تجاوز عجز ميزانيتها للنسبة التي حددتها المعاهدة بسقف لا يتجاوز 3 بالمئة. وتؤيد فرنسا الموقف الألماني التي تجاوزت هي الاخرى نسبة العجز المسموح بها لعدة أعوام على التوالي.
حساب نسبة العجز وفقاً لاعتبارات أخرى
في مقال له بجريدة "فايننشل تايمز دويتشلاند" أكد المستشار على ضرورة اتباع المرونة في كيفية حساب نسبة العجز. واقترح شرودر أن تأخذ المفوضية الأوروبية بعين الاعتبار عوامل إضافية على هذا الصعيد قبل البدء بخطوات عقابية ضد الدول المخالفة. ومن بين هذه العوامل عملية الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والإنفاق الاستثماري ومستوى النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق كتب المستشار الألماني أنه ليس من المفيد ان يُحسب سقف العجز بشكل حسابي لا ينطوي على المرونة.
وأضاف أنه يتعين بهذا الشأن مراعاة معدل النمو الاقتصادي لكل دولة والأهداف الاقتصادية المحلية التي تسعى لإنجازها. وضرب مثلاً على ذلك خطة إصلاح الاقتصاد الألماني التي تقوم بها الحكومة والتي تدعى بأجندة 2010، وكذلك خطتها القاضية بإصلاح نظام الضرائب. ويهدف المستشار من وراء ذلك إلى دفع المفوضية لحساب نسبة العجز بطريقة أخرى تراعي هذه الاعتبارات وتعطي للدول المخالفة مهلة كافية لتصحيح أوضاعها الاقتصادية ودفع عجلة النمو.
تأييد مفتوح وآخر المحدود
على غير فرنسا التي تدعم مطالب شرودر بالكامل ذكرت مفوضية الاتحاد الأوروبي اليوم أنها توافق على العديد من النقاط التي طرحها المستشار الألماني. وقد فُسر ذلك على أنه رفض لمطالبه المتعلقة بعدم حساب الإنفاق الاستثماري كجزء من عجز الميزانية. ومن المتوقع أن يعقد وزراء مالية الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية عدة لقاءات هذا الأسبوع للتوصل إلى حل على أن يتم الاتفاق على التفاصيل خلال الأسابيع القادمة.
جدير بالذكر أن ألمانيا وفرنسا تعاني للعام الثالث على التوالي من عجز يتجاوز السقف المسموح به. وتبذل الحكومة الألمانية جهوداً كبيرة لتخفيضه خلال السنة الجارية. وفي حال عدم نجاحها في ذلك وعدم الاتفاق على إصلاح معاهدة الاستقرار سيكون على المفوضية الأوروبية اللجوء إلى فرض غرامة مالية كبيرة بحق حكومتي برلين وباريس.
تفاؤل رغم الاعتراضات
على عكس فرنسا والمفوضية الأوروبية سارع ممثلو المعارضة الألمانية إلى التنديد بمطالب شرودر. فقد وصف زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي "ادموند شتويبر" اقتراحات المستشار بأنها غير مقبولة لأنها ستفتح باب المخالفات في ميزانيات الدول الأخرى دون ضوابط. ومن ناحية أخرى قال الخبير الاقتصادي توماس شتراوبهار رئيس معهد الاقتصاد الدولي في هامبورج في مقابلة أجراها معه تليفزيون دويتشه فيلله: "يجب ألا ننسى أن معاهدة الاستقرار النقدي لم تصمم فقط من أجل ألمانيا، فهي سارية على كل الدول الأوروبية المتعاملة باليورو. لذلك لا يمكن لدولة واحدة أن تقول أنها تعاني من شروط المعاهدة بشكل استثنائي." وأشار إلى أن اليورو نجح في الحفاظ على قيمته حتى الآن لذلك ليس هناك من موجبات لتغيير المعاهدة.
رغم هذه الاعتراضات إلا أن وزير الاقتصاد الألماني "هانز أيشل" يبدو متفائلاً بتعديلها. وعليه فهو يتوقع نجاح المفاوضات في القريب العاجل بحيث يتمكن قادة الاتحاد في اجتماعهم الموسع خلال شهر مارس/آذار القادم من تصديق المعاهدة المعدلة.
هيثم الورداني/ابراهيم محمد