ITER Kernfusion
٢٩ يوليو ٢٠١٠في تشرين الثاني نوفمبر عام 91 احتفلت مجموعة من الباحثين الأوروبيين في انجلترا بنجاح أول تجربة لتحويل الهيدروجين إلى هيليوم. ورغم أن التجربة استغرقت ثانيتين فقط، إلا أنها شكلت سابقة علمية وفتحا جديدا لمصدر لا ينضب من الطاقة. ثم شرع العلماء بوضع الخطط لبناء مفاعل ضخم "بغرض إظهار إمكانية الحصول على الطاقة على نطاق واسع" كما يقول عالم الفيزياء الألماني هارتموت تسوم Zohm، من معهد ماكس بلانك لأبحاث فيزياء البلازما.
مشروع إيتر ومحاكاة الشمس
فإلى جانب الحالات الممكنة للمادة في الطبيعة وهي الغازية والسائلة والصلبة، تم الكشف عن حالة رابعة تختص بها البلازما، هي حالة ُ غاز ٍشديدِ السخونة يكون مشحونا كهربائيا. وهي ما دعاه العلماء قديما بالهَيُولى، والتي هي حالة متميزة من حالات المادة يمكن وصفها بأنها غاز متأيّن تكون فيه الالكترونات حرة وغير مرتبطة بالذرة أو الجزيء. وهذه هي المهمة المرجو من المفاعل "إيتر" أن يقوم بها كما يقول هارتموت تسوم:" سيتمكن مفاعل إيتر، وللمرة الأولى، من إنتاج عشرة أضعاف الطاقة اللازمة للحفاظ على البلازما. وهذا سيعني اختبارا حقيقيا لقدرة المفاعل على تحمل هذا الكم من الطاقة".
في عام ألفين وخمسة قرر الإتحاد الأوروبي بناء مفاعل في جنوب فرنسا بمشاركة الولايات المتحدة والصين واليابان والهند وروسيا وكوريا الجنوبية. يأخذ المفاعل شكل عجلة عملاقة مجوّفة يوجد فيها عدد كبير من المغناطيسات الضخمة وخليط من الهيدروجين. وسيتم تسخين هذا الغاز إلى درجة حرارة 150 مليون درجة مئوية كي يتحول إلى بلازما ساخنة جدا. هذه الحرارة ستكون كافية لتحويل الهيدروجين إلى هيليوم وإطلاق كميات هائلة من الطاقة.
وستبلغ تكلفة بناء المفاعل خمسة مليارات يورو، على أن يتم الانتهاء منه في عام 2018.
حساب الحقل وحساب البيدر
لكن وفي عام 2008 تبين أنه لا يمكن الوفاءُ لا بهذا الموعد ولا بتكاليف البناء: فقبل عام 2026 لن ينتهي العمل بالمفاعل، وبدلا من خمسة مليارات يورو قفزت التكلفة إلى خمسة عشر مليارا.
ويُرجع تسوم السبب إلى ارتفاع أسعار الفولاذ والمعادن اللازمة لبناء مفاعل إيتر. ويضيف" هناك عامل آخر وهو أن الذين خططوا المفاعل وقدروا كلفة بنائه أخطؤوا التقدير، وقد وجدنا أن التفاصيل أكثر تعقيدا". هذا إضافة إلى عامل ثالث يتمثل في" كثرة المشاركين في مشروع إيتر وكونهم موزعين على مختلف بقاع العالم". فكل دولة تسعى إلى توظيف الصناعة الخاصة بها، وهذا يؤدي أحيانا إلى تنافس عدة شركات من عدة دول على بناء قسم من المفاعل أو أحد مكوناته. لذلك تقرر تغيير إدارة المشروع وتقليص عدد العاملين فيه.
وفي حين أعلنت وزيرة البحث العلمي في ألمانيا عن دعمها للمشروع، لكن بشكل محدود، يتوجب الآن على الإتحاد الأوروبي، الذي يتحمل حوالي نصف التكاليف، أن يقتصد في المشاريع العلمية الأخرى لتغطية العجز المقدّر بمليار يورو في عامي 2012 2013.
"يستهلك الطاقة ولايوفرها"
هذه المصاعب التي يواجهها المشروع أثلجت صدور معارضيه منذ البداية، ومنهم خبير الذرة لدى منظمة غرينبيس هاينز سميتال Smital، الذي يقول: " يشكل الانصهار النووي تحديا علميا كبيرا، فليس من السهل السيطرة على مائة مليون درجة مئوية. صحيح أن الأمر مثير من الناحية العلمية، لكن لا يجب طرح الموضوع وكأنه يدور حول تأمين الطاقة". فمشروع إيتر مازال مشروع َ بحث ٍ علمي ٍ تجريبي يستهلك الطاقة ولا يولدها، لذلك يضيف خبير منظمة حماية البيئة غرينبيس قائلا" إنهم يحاولون إنتاج بلازما يمكن تسخينها لبضع مئات من الثواني لينتج عنها فائض طاقة أكثرُ مما احتاجت لتسخينها. كما لا يجب أن ننسى التكنولوجيا المعقدة اللازمة لذلك. لا شك أن الأمر مثير بالنسبة للعلم والعلماء، لكن لا يجب التعويل عليه لتأمين الطاقة". لذلك تطالب منظمة غرينبيس بوقف مشروع إيتر واستثمار الأموال في مشاريع الطاقة المتجددة ومنها مشروع الطاقة الشمسية في الصحراء الكبرى.
فرانك غوتيلوشن /عبدالرحمن عثمان
مراجعة: عبده جميل المخلافي