مصر: مشجعو كرة القدم من المدرجات إلى ميدان التحرير
٢٣ يناير ٢٠١٢في بداية شهر أيلول/ سبتمبر المنصرم تجمع الآلاف من مشجعي كرة القدم في ملعب النادي "الأهلي" العريق ونادوا بشعارات مناوئة للمجلس العسكري الأعلى في مصر. مئات من قوات الشرطة حاصرت الملعب، وبعد أن جاءتها الأوامر بالهجوم، اقتحمت الملعب من الداخل وصعدت إلى منصات المتفرجين، منهالة بالعصي على المشجعين الذين هربوا منها إلى أماكن الجلوس العليا. العديد منهم أصيب بجروح.
بعد فترة وجيزة انضم مشجعو كرة القدم إلى مظاهرة كبيرة في ميدان التحرير. بهتاف التشجيع من آلاف المتظاهرين جاب مناصرو فريق الأهلي ميدان التحرير حاملين الشعارات واليافطات المنددة ببطش الشرطة وممارساتها القمعية. صورة عرفتها أيضاً الاحتجاجات التي شهدها ميدان التحرير في مطلع العام الماضي. حينئذ سارمشجعو كرة القدم المتعصبون، أو من يسمون بالهوليغان، جنباً إلى جنب مع المتظاهرين السلميين في وسط القاهرة. حشود غفيرة من المحتجين غص بها ميدان التحرير، وهو ما يتطلب تخطيطاً لوجستياً دقيقاً، من أجل تنسيقها وقيادتها.
تنظيم المظاهرات يلزمه دعم شعبي
هذا النوع من التنسيق هو من اختصاص أحمد ماهر، وهو من أحد مؤسسي حركة شباب 6 أبريل. في السادس من نيسان/ أبريل عام 2008 نظم أحمد ماهر ومعاونوه، بدقة وحرفية، إضراباً عاماً عطل الحياة العامة في البلاد بشكل شبه كلي. تدريبه المهني وخبرته العملية ساعدا أحمد ماهر آنذاك في تنسيق هذا الإضراب. ويشرح أحمد ذلك قائلاً: "لقد كنت أعمل في ذاك الوقت في مكتب لتخطيط الشوارع، وكما من مهمتنا البحث عن سبل لتخفيف الفوضى في الشوارع المصرية. فعرضنا مخططاتنا على الحكومة، ولكنها رفضتها". ولا تزال أسباب الرفض لخطط أحمد غامضة إلى اليوم، وهو سبب من أسباب انضمامه لاحقاً إلى حركة الاحتجاج، كما يقول.
وفي الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير 2011، في خضم المظاهرات التي كانت تنادي برحيل حسني مبارك، شارك احمد ماهر في تنظيم المسيرات التي جابت شوارع القاهرة، علماً بأنه كان يعلم أن التخطيط والتنسيق المفصلين لأي مظاهرة، لن يثمرا إلا بالدعم الشعبي الواسع لهذه المظاهرات.
"الألتراس" متمرسون في مواجهة الشرطة
كان على ماهر والناشطين الآخرين أن يؤسسوا منظمة لتخطيط الفعاليات والنشاطات المختلفة، لكي تتحول هذه النشاطات إلى ثورة فعلاً، حسب ما يقول. "دون التنسيق ستكون هذه الإحتجاجات مجرد احتجاجات. لذلك أجرينا اجتماعاً في العالم الحقيقي، ليس الافتراضي، ولكن الناس كانوا خائفين، فلم يأت الكثيرون، ربما ما يقارب ألف شخص. سبعون ألفاً كانوا يدعموننا عن طريق الانترنت".
وهنا جاء دور مشجعي نادي الأهلي، الذين يطلق عليهم في مصر اسم "ألتراس". فهم معتادون على القمع من قبل قوات الشرطة في ملاعب كرة القدم ولا يهابونه. أما وظيفتهم في ميدان التحرير فكانت التصدي "للبلطجية" وقوات الأمن، والتفتيش على المداخل، وحراسة الميدان. وأثناء المواجهات التي اندلعت في خريف ونهاية عام 2011 كانوا هم الذين يتصدرون خطوط المتظاهرين وينظمون الهجمات على قوات الشرطة والجيش. وهذا ما شكل درعاً واقياً رحبت به جموع المتظاهرين الذين كانت عادة سرعان ما تخاف من هجوم مئات رجال الشرطة والجيش عليها.
هانس ميشائيل إيل/ نادر الصراص
مراجعة: عبده جميل المخلافي