مصر- حادث القطار يضع مشروع العاصمة الجديدة في مرمى النيران
٢٨ فبراير ٢٠١٩أثار حادث قطار "محطة مصر"، الذي راح ضحيته أمس الأربعاء (27 شباط/ فبراير) 25 قتيلا و50 مصابا، هجوم البعض على طرق استغلال الحكومة المصرية لمواردها وحجم إنفاقها على تطوير البنية التحتية، وخاصة تطوير خدمات السكة الحديد في مصر.
حزن وغضب البعض، عقب الحادث، وصل لحد انتقاد حجم إنفاق الدولة على مشروع بناء عاصمة إدارية جديدة في شرق القاهرة، وما إذا كانت تكلفة إنشائها تؤثر سلباً على أوجه الإنفاق الأخرى التي تمس بشكل مباشر حياة المواطن البسيط.
ومما زاد من انتقاد وحفيظة عديدين على وسائل التواصل الاجتماعي هو الإعلان يوم الاثنين الماضي عن بدء صب الخرسانة الخاصة بأطول برج في قارة أفريقيا، والذي تم تكليف شركة صينية ببنائه في العاصمة الإدارية الجديدة.
أكبر مسجد وكاتدرائية
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد افتتح شهر يناير الماضي أكبر مسجد وكاتدرائية في مصر بالعاصمة الجديدة. ووفقا لتصريحات تليفزيونية للعميد خالد الحسيني، المتحدث باسم العاصمة، لم تتحمل الدولة تكلفة بناء المسجد والكاتدرائية حيث تم إنشائهما من تبرعات المصريين.
وفي حوار مع DW عربية، يدافع الدكتور عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عن مشروع العاصمة الجديدة قائلا "الهدف من إنشاء العاصمة الإدارية هو تخفيف الزحام في القاهرة التي تعد ثالثا المدن ازدحاما في العالم ب 25 مليون نسمة يعيشون فقط على 95 ألف فدان، وهو ما يؤكد على أهمية العاصمة الجديدة وخطوة نقل كافة الوزارات والهيئات الحكومية والسفارات ومجلس النواب ومبنى رئاسة الجمهورية إليها".
ميزانية السكة الحديد وحوادثها
ومنذ وقوع حادث القطار أمس، تداول عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في مصر مقارنة بين عدد حوادث القطارات التي وقعت على مدار السنوات السابقة، مع الإشارة إلى حجم موازنة الهيئة القومية للسكة الحديد في كل عام منهم.
ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يتجه عدد حوادث القطارات في مصر نحو الارتفاع منذ عام 2012. إذ وقع في هذا العام 447 حادث قطار، ثم أخذ الرقم في الارتفاع إلى أن وصل عدد الحوادث إلى 1793 في عام 2017.
حادث قطار الأسكندرية هو الأكبر في عام 2017 حيث راح ضحيته 41 قتيلا، لكن يظل الحادث الأكبر على الإطلاق هوالمعروف إعلاميا باسم "حادث قطار الصعيد" الذي وقع في عام 2002 وراح ضحيته 370 قتيلا.
أما فيما يتعلق بمخصصات الهيئة القومية للسكة الحديد، فقد شهدت ارتفاعا طفيفا خلال السنة المالية (2018/2019) مقارنة بالسنة المالية السابقة لها ووصلت إلى 20.6 مليار جنيه.
وينفي الدكتورعبدالمنعم السيد القول بتأثير نفاقات العاصمة الجديدة على ميزانية القطاعات التي تمس المواطن، ومن ضمنها هيئة السكة الحديد. يقول عبدالمنعم "لا تتحمل الموازنة العامة للدولة أي اعباء أو تكاليف بسبب مشروع العاصمة حيث تم طرح أراضي المشروع للبيع للمستثمرين والمطورين العقارين، وبدأت الدولة في بناء المباني الخاصة بالعائد من عمليات البيع".
هجوم على أداء سكك حديد مصر
وفيما يتعلق بوضع السكة الحديد، هاجم الكثيرون أداء الجهات المسؤولة عنها خاصة بعد الإعلان عن السبب خلف حادث "محطة مصر" ومشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بلحظة وقوع الحادث ثم اندلاع النيران بالمحطة.
وكان بيان النيابة العامة المصرية أمس قد أكد أن سائق القطار هو المتسبب في حادث محطة رمسيس بتخليه عن الجرار الذي كان يقوده دون استخدام الفرملة وما تلى ذلك من اصطدام بالمصد الخرساني بنهاية خط السير داخل المحطة ثم اندلاع النيران.
ويعلق دكتور عبدالمنعم السيد على الهجوم على سكك حديد مصر قائلا: "مشاكل السكة الحديد متعددة وتتمثل في الصيانة وتهالك الكثير من الجرارات والقطارات وحاجة العاملين للتدريب وإعادة هيكلة وتطوير أسلوب الإدارة" ويرى أن هذا القطاع بحاجة إلى خطة تطوير عاجلة. ويضيف "كل هذة المشاكل موجودة منذ سنوات طويلة، والدليل أن أغلب وزارات النقل وقع في عهدها حوادث قطارات خلال الثلاثين سنة الماضية وتم إقالة أغلب هؤلاء الوزراء لهذا السبب".
إلى أين تذهب أموال القروض؟
وإن كانت مخصصات السكة الحديد في مصر ضعيفة، فقد تساءل البعض عما تحصل عليه مصر من قروض ومنح لتطوير البنية التحتية وعن أوجه إنفاقها. فوفقا للموقع الالكتروني الخاص بالبنك الأوروبي للإعمار، حصلت مصر في عام 2017 على قرض بمقدار 290 مليون يورو بهدف تطوير السكة الحديد.
ومصر عضو مؤسس في البنك وتحصل منه على تمويل منذ عام 2012، واستثمر البنك 2.3 مليار يورو في مشروعات مختلفة بها ومن ضمنها مشروعات خاصة بالبنية التحتية. ويصف البنك على موقعه الإلكتروني وضع اسطول قاطرات سكك حديد مصر بالـ "قديم جدا" حيث يصل متوسط عمره لحوالي 30 عاما. ويذكر البنك المشاكل المتعلقة بالصيانة ضمن الأثار الناتجة عن قدم الاسطول ويقول: "الاستحواذ على قاطرات جديدة سيسمح لهيئة السكة الحديد بتوفير خدمة يُعتمد عليها وذات جودة أعلى لعملائها".
ويعلق دكتور عبد المنعم السيد قائلا "كل ما تحصلت عليه مصر من الجهات الدولية كان بهدف تقليل العجز بالموازنة العامة للدولة. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، نفذت مصر بالفعل مشروعات في مجال تحسين شبكة الطرق والكباري وتقوية خدمات الكهرباء وتحويل مصر لدولة مصدرة لها". ويرى الدكتور عبدالمنعم أنه لا شك في أن المخصصات المالية لمرفق السكة الحديد ضعيفة، لكنه يحتاج إلى تطوير نفسه بمعنى أن يعمل على أن تغطي موارده وعائداته حجم تكاليفه.
دينا البسنلي