مصر: الطوارئ والمحاكم العسكرية- تكبيل لحرية الإعلام
٣٠ سبتمبر ٢٠١٣زملاء الصحفي المصري أحمد أبودراع يصفونه بأنه مغامر ومحب للاستكشاف وأنه أول من يتواجد في ساحة الحدث. في العام الماضي حصل أبودراع البالغ من العمر 38 عاما على جائزة سمير قصير للصحافة وذلك عن تقاريره المتعلقة بالاتجار بالبشر في شبه جزيرة سيناء."أحمد أبو دراع كان يريد دائما الحصول على تأكيد للخبر من مصدره، ويمتلك العديد من الوسائل للحصول على المعلومات، خصوصا وأنه منحدر من عائلة بدوية"، هكذا تحدث عنه محمد أبوأدهم، الذي يعمل منذ فترة طويلة معه.
أما بالنسبة للجيش المصري فأبو درع مجرم، صور منشآت عسكرية (بدون تصريح) ونشر أيضا أخبارا كاذبة. وكان أبو دراع قد أبلغ مؤخرا أن القوات المسلحة المصرية ضربت عن طريق الخطأ مسجدا ومساكن خلال هجومها ضد مواقع للجهاديين في سيناء. ويواجه أبو دراع الآن السجن لمدة طويلة، في حال ادانته من قبل محكمة عسكرية مصرية بدأت النظر في قضيته السبت الماضي (28/09/2013 ).
تهديد مزدوج للصحفيين
لقيت محاكمة أبو درع اهتماما كبيرا في مصر، فالقضية مرتبطة بنقطتين رئيسيتين في مسار الكفاح من أجل مزيد من الديمقراطية في هبة النيل وهما: حرية الصحافة من ناحية، ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية من ناحية أخرى. وكلتا القضيتين كانتا من بين المطالب الرئيسية لثورة الشعب المصري ضد الدكتاتور حسني مبارك. ولم يتحقق منهما أي انفراجة حاسمة حتى بعد سنتين ونصف من سقوط مبارك. فالربيع القصير الذي عاشه الاعلام المصري بعد سقوط نظام مبارك، سرعان ما تلاشى خاصة بعد إزاحة الجيش للرئيس الإسلامي محمد مرسي.
الوضع حساس وصعب بصفة خاصة للمراسلين في شبه جزيرة سيناء، حيث يشتد وطيس معركة دامية بين قوات الأمن والجهاديين منذ سقوط مرسي. "الصحفيون يعملون وعلى أفواههم كمامة"، هكذا قال عبد القادر مبارك رئيس اتحاد الصحفيين والمراسلين بشمال سيناء. كما أكد مبارك على أن هناك انعداما لسلامة الصحفيين في تلك المنطقة. "نحن نعيش مع خطر التعرض للاعتقال على أيدي قوات الأمن، والتهديد بالقتل من قبل المسلحين."
قوانين طوارئ مثيرة للجدل
لكن "الكمامة التي تحدث عنها عبد القادر مبارك ليست مشدودة حتى الآن بما يكفي من وجهة نظر الجنرالات. لذلك أعلن أحمد علي المتحدث باسم الجيش يوم السبت الماضي عن مزيد من القيود على وسائل الإعلام: فالأخبار التي تتناول الجيش ينبغي في المستقبل ألا تنشر إلا بعد التشاور مع القوات المسلحة. وجاء تبرير الجيش لهذا الأمر بالقول: "الأمن القومي مسؤولية جميع الأطراف." ولا يستبشر الصحفيون في شبه جزيرة سيناء خيرا بهذا الإعلان. فأبو أدهم زميل أحمد أبودراع يودع زوجته عندما يغادر المنزل قائلا إنه قد لا يعود، إما "لأنني سأعتقل من قبل قوات الأمن، أو سأقتل برصاص الإرهابيين".
قوانين الطوارئ التي تم تفعيلها بعد سقوط مرسي تعوق عمل الصحافيين بشكل إضافي. فهي تعطي القوات المسلحة الحرية المطلقة في اعتقال المنتقدين من أي نوع وفي أي وقت، بل وتقديمهم إلى المحاكم العسكرية.
النضال من أجل الدستور
وقد أعلنت الحكومة المصرية الانتقالية عزمها رسم خطط لوضع نهاية للمحاكمات العسكرية للمدنيين. وحاول وزير الخارجية نبيل فهمي ايصال ذلك إلى المجتمع الدولي الأسبوع الماضي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ويرى مدافعون مصريون عن حقوق الإنسان أن الوقت مناسب للتنديد بهذا الوضع، بل يجب واغتنام الفرصة لإسقاط محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، ويقول حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: "إن هذه هي اللحظة الممكنة الوحيدة التي يمكننا فيها إثارة هذه القضية" مضيفا "إذا تركنا هذه الفرصة تضيع، فهذا يعني أن الوضع لن يتغير. وسنستمر في رؤية المدنيين أمام محاكم عسكرية."
ففي المسودة الأولية للدستور القادم لمصر سيتم التمسك بإمكانية إقامة محاكمات عسكرية للمدنيين. ومع هذا فبناء على المادة 174 ينبغي أن ينطبق هذا فقط في حالة الجرائم التي تشكل "هجوما مباشرا على القوات المسلحة."