مصريون: "العسكري" يخرب الاقتصاد والحكومة المدنية ضرورية
٢٣ نوفمبر ٢٠١١"لا ندعم الميدان لكننا مع ما يطرحه من أفكار". هكذا يعبر لسان حال مصريين عاديين قابلتهم دويتشه فيله على هامش مظاهرات "مليونية الإنقاذ الوطني"، التي تحولت في ميدان التحرير إلى معركة مع قوات الأمن. فعلى العكس مما أعتبره الناس لفترات طويلة إهمالاً متعمداً للسياسة من قبل "الكتلة الصامتة" التي تشكل أغلبية المصريين، أظهر مواطنون عاديون جزعهم الشديد من بقاء الحكم العسكري طويلاً، فهو إما معطل لأحوالهم، أو على أقل تقدير يقوم بمهام لا تخصه، واشترطوا الاستقرار في النهاية بوصول سلطة مدنية بأقصى سرعة لإدارة البلاد.
"المجلس العسكري وحكومته يخربون الاقتصاد"
وفي فرع الشركة المصرية الألمانية للمستلزمات المكتبية، الواقعة على مرمى حجر من ميدان التحرير، افتتح أمير سعد الشريف، مدير فرع الشركة، تحليله للمشهد بإدانة الطرفين في الميدان - المتظاهرين المصرين على حسم المعركة مع وزارة الداخلية، والأخيرة التي تجرب فيهم – على حد وصفه – أسلحتها الجديدة. ويتابع صاحب الشركة المتضررة من عدم استقرار الأحوال الاقتصادية لدويتشه فيله بالقول إنه "لا أمل في استقرار أحوالنا إلا بتسلم سلطة مدنية للحكم، فنحن ندخل عاماً من الثورة دون تنفيذ أي من وعود المجلس العسكري وحكومة شرف. الاثنان يفتقدان لموهبة الإدارة، وثلاثة آلاف مصنع خاص متوقف عن العمل أكبر شهادة على أن عجلة الإنتاج متوقفة".
ويدلل أمير الشريف على ذلك بعدم وجود أي زبائن في شركته رغم أن مكان عمله مفتوح "من الصباح حتى المساء"، واشتكى من تدهور بيئة العمل بسبب دخول "غازات القنابل المسيلة للعيون" إلى مقر الشركة. واعتبر رجل الأعمال الشريف أنه وفي ظل الصدامات الجارية حالياً فإن الانتخابات البرلمانية، المزمع عقدها في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، لن تجري بسلاسة، خاصة وأن عدداً كبيراً من المواطنين، بحسب رأيه، سيخافون من الإدلاء بأصواتهم، مضيفاً أن المشهد السياسي المصري يفتقد "لكوادر قادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة ... ولآلية محاسبة من يخطئ. لماذا نصبر على الأخطاء بعد عام؟ الاستثمارات لن تعود والسياحة المعطلة لن تأتي إلى مصر إلا في ظل استقرار، والاستقرار في حكومة مدنية نستطيع محاسبتها".
الأحزاب خائنة ولا محاسبة للجيش
أما من وجهة نظر الموظف بشركة التأمين الأهلية محمد خليل، فلا يبدو الأمر بمثل هذا الحسم. فبعد أن قاطع جلسة نقاش ضمت مراسل دويتشه فيله وعدداً من المواطنين في تقاطع شارعي الألفي وعماد الدين، اتهم خليل الأحزاب السياسية بتخريب البلاد، فأحزاب السلفيين، التي أطلقت الثورة عنانها حسب رأيه، ستعطل مصالح الناس. وعند سؤاله عن آلية محاسبة المجلس العسكري ثار غاضباً وتساءل: "في أي دولة في العالم تخضع ميزانية الجيش للبرلمان؟ عمل الجيش لا يتدخل فيه المدنيون، والجيش إن عاد لخطوطه من سيحكم؟ الإخوان أم رجال الحزب الحاكم غير المقبوض عليهم؟ الصبر على الجيش حتى نهاية الانتخابات ضرورة، فمن قال أنه يريد حكم مصر؟"
وحول تساءل عن من يتحمل مسؤولية القتلى في ميدان التحرير، رد موظف التأمين بالقول إن "دور الجيش ليس في أن يفض اعتصامات. لكن لو تركت المسؤولية لوزارة الداخلية، ستنشب حرب أهلية. لا توجد ثقة في الداخلية، إلا أننا استعضنا عن ذلك بالبلطجة التي أصبحت ظاهرة شائعة. أنا لن أصوت في الانتخابات أصلاً، وعلى استعداد لدفع 500 جنيه (غرامة عدم التصويت)، فكل الأحزاب خائنة".
"حل التحرير في إعدام قتلة المتظاهرين"
بلهجة صعيدية حاول حارس عمارة الإيموبيليا الشهيرة في وسط القاهرة الديب مازن تلخيص الأمر في كلمة واحدة، حين قال: "الإعدام. لو أعدموا ضباط الداخلية الذين قتلوا المتظاهرين في المرة الأولى لانطفأت أفئدة الناس المحترقة على قتلاها وجرحاها ... لو خرج المشير (محمد حسين طنطاوي) ليقول للناس سنعقد محاكم سريعة للقتلة وسنأخذ ثأر من قتلوا، سينفض التحرير. لكن المجلس العسكري مصمم علي بقاء الوضع على ما هو عليه. الجيش حمى الثورة، إلا أنه الآن يخربها.
وأكد الديب مازن، الذي ينحدر من مدينة سوهاج في جنوب مصر، أن العائلات الفاسدة التي كانت تحكم مسقط رأسه إبان حكم مبارك عادت إلى السلطة من خلال أحزاب جديدة، محملاً في ذلك المجلس العسكري المسؤولية. وأضاف حارس العمارة المسن بمرارة أن "الجيش هم أبناؤنا وأولادنا. لكن المشير مصمم على أن نكره أولادنا".
هاني درويش – القاهرة
مراجعة: ياسر أبو معيلق