مشاريع ألمانية لدعم الديمقراطية في شمال إفريقيا
٧ مارس ٢٠١٢منذ حوالي عام يشهد العالم العربي تحولات تاريخية، تنبئ بتغير الأوضاع على عدة مستويات في تلك البلدان كتونس ومصر. ويبحث الشباب بوجه خاص في تلك البلدان عن آفاق الممارسة الديمقراطية والمشاركة المدنية في مختلف مناحي الحياة. وقد قررت الحكومة الألمانية التي اتهمت بأنها لم تتفاعل بسرعة مع التحولات في بلدان شمال إفريقيا إرسال ما سمي بـ "فرق التحولات" إلى كل من مصر وتونس. ويشرح نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد فليب روسلر، زعيم الحزب الليبرالي الفكرة الكامنة وراء هذه المبادرة، مؤكدا أن "الربيع العربي" هو تعبير عن التطلع إلى الحرية والديمقراطية، مبينا أن "عدة أشياء تحققت، لكن النهاية لا تزال مفتوحة أمام تطور الأحداث".
وأكد الوزير روسلر على أنه مقتنع بأن الحرية الاقتصادية والحرية الاجتماعية لا يمكن تحقيقهما إلا معا. وعلى هذا الأساس، كما أوضح الوزير، فإن الحكومة الألمانية ملتزمة بالمساهمة في بناء أسس الحياة الديمقراطية والاقتصادية لدعم مصر وتونس في مسارهما الصعب. واعتبر نبيل عبد الفتاح، مدير مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية بالقاهرة أن "قطاعي التعليم والصحة بوجه خاص تدهورا خلال الثلاثين عاما الماضية، وأن أفواج خريجي المدارس والمعاهد العليا من الشباب بحاجة إلى إعادة تأهيل ... وفي هذا المجال يمكن لألمانيا أن تساهم بخبراتها لتقديم المساعدة من أجل انتقال مصر من حقبة الدولة التسلطية إلى الدولة الديمقراطية". وأشار عبد الفتاح في حديث مع موقع DWعربية إلى تجربة ألمانيا الناجحة في انتقال ألمانيا الديمقراطية سابقا من النظام الشيوعي ذي الإيديولوجية الماركسية إلى حضن جمهورية ألمانيا الاتحادية.
البطالة بين الشباب هي ورشة العمل الأساسية
وتدرك السلطات الألمانية أن المشكلة الأساسية في دول شمال إفريقيا تتمثل في تفشي البطالة بين الشباب، ونسبتها عالية جدا، لأن الأرقام الحقيقية تشير إلى أن أكثر من نصف مجموع شريحة الشباب تعاني من البطالة التي تصل نسبتها، حسب البيانات الرسمية إلى 30 % في مصر.
وأشار وزير الاقتصاد الألماني فليب روسلر في هذا السياق إلى أن الحكومة الألمانية وقعت في يناير الماضي على اتفاقية لتكوين الكوادر مع مصر. وأوضح الوزير أن قطاع الاقتصاد الألماني ملتزم محليا بتقديم الدعم، إذ عرضت غرفة التجارة الخارجية الألمانية في القاهرة على 5.000 شاب مصري فرصة للتكوين المهني لمنحهم آفاقا مستقبلية. واعتبر وزير الاقتصاد الألماني أن هذه الإجراءات تبقى غير كافية، وقال "نحن نريد بصفة عامة مساندة عملية التحول، وذلك بدعم تشييد إدارة اقتصادية بفضل موظفين ذوي خبرة. ويرتبط الأمر بصفة ملموسة بأن نحاول إقامة منافسة عادلة محليا، مع تقليص البيروقراطية، وتخفيض الدعم وإعطاء حوافز بالأساس للشركات صغيرة ومتوسطة الحجم".
الدعم الألماني "للربيع العربي" انطلق مبكرا
وزير التنمية الألماني ديرك نيبل أوضح أن المساعدة الألمانية انطلقت مباشرة بعد بداية "الربيع العربي"، مشيرا إلى أن وزارته أسست في مايو 2011 ثلاثة صناديق دعم. وقال الوزير نيبل "صندوق نشر الديمقراطية بقيمة 6 ملايين يورو، وصندوق التأهيل والتشغيل، لاسيما لصالح الشباب في شمال إفريقيا بقيمة 8 ملايين يورو، وبالاشتراك مع بنك التنمية تم إنشاء صندوق التمويل للشركات الصغرى والمتوسطة بقيمة 52 مليون يورو لتقديم إمكانيات التمويل لهذه الشركات".
ونوه وزير التنمية الألماني نيبل بدور مصر، معتبرا أن التطورات الحاصلة هناك ذات أهمية حاسمة بالنسبة إلى المنطقة برمتها. وقال: "مصر هي بمثابة البلد الرائد لآمال الناس وتوقعاتهم في شمال إفريقيا وفي المنطقة العربية. وعلى هذا الأساس فإن ضغط التوقعات الملقاة على عاتق الحكومة التي سُتنتخب هو بالطبع مرتفع، وهي تطالب بإيجاد فرص كسب وتشغيل أفضل".
خبراء ألمان يتوجهون إلى مصر وتونس
وسيرأس فالتر هيرشه فريقي الخبراء الألمان المكونين من ثمانية أفراد في مهامه بمصر وتونس. واعتبر هيرشه أن واجبه الأول يتجلى في رصد أولويات العمل من خلال المحادثات التي سيجريها مع المسؤولين في عين المكان. ورأى هذا المسؤول أن التشييد من "تحت" هو الأمر الحاسم في منح الشباب وغيرهم من المواطنين في مصر آفاقا مستقبلية و"أن ندفع الأمور إلى الأمام بالاشتراك مع الأشخاص المعنيين في عين المكان، وليس "من فوق انطلاقا من برلين".
وتراهن ألمانيا مثل بعض الدول الأوروبية الأخرى على علاقاتها مع المجتمع المدني في مصر وتونس. لكن في بلد مثل مصر حيث تواجه المنظمات غير الحكومية حملة من قبل السلطات المصرية بتهمة حصولها على تمويل غير مرخص من جهات أجنبية، ُتثار تساؤلات حول آفاق هذه الشراكة مع منظمات وجمعيات المجتمع المدني. وفي هذا الإطار أوضح نبيل عبد الفتاح أن قضية المنظمات غير الحكومية في مصر تم تحميلها أكثر مما تحتمل، لأن تلك المنظمات سبق لها وأن قدمت في السابق طلبات للحصول على تراخيص للعمل، غير "أن السلطات المصرية تحت حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك رفضت دوما منحها تلك التراخيص، وسمحت لها رغم ذلك بالعمل حتى تتمكن من إنهاء نشاطها في أي وقت شاءت".
زابينه ريبيرغر/ محمد المزياني
مراجعة: أحمد حسو