مسيحيو العراق يحتفلون بأعياد الميلاد في أجواء حزينة
٢٤ ديسمبر ٢٠٠٩يستعد مسيحيو العراق لإحياء أعياد الميلاد في أجواء حزينة، قال بعضهم إنها "الأسوأ" منذ اجتياح العراق إثر استهدافهم بهجمات أدت إلى سقوط عدد من القتلى في الأسابيع الأخيرة. وتعرضت ثلاثة كنائس في مدينة الموصل شمال العراق إلى موجة من التفجيرات، فيما تعرض مدنيون مسيحيون لاغتيالات من قبل مسلحين مجهولين خلال الأسابيع الماضية.
وعلى الرغم من أن مجرد الاحتفال بعيد الميلاد من العلامات الكبيرة لتحسن الوضع الأمني السنوات بعد الغزو الأميركي في 2003 الذي أطاح بصدام حسين، لا يزال المسيحيون في الموصل يشعرون بالخوف من العنف. وفي هذا السياق قال جميل بطرس (59 عاما) وهو محام مسيحي "لقد كان الاحتفال بأعياد الميلاد الذي عشناه لعدة سنوات من قبل مجرد حلم وتحول إلى كابوس". وأضاف أن "هذا العام هو الأسوأ منذ اجتياح العراق. فرحتنا وحفلاتنا تحولت إلى جحيم. القتل والتهديدات والانفجارات تلاحقنا ولا نعرف ما الهدف من ذلك أو من الذي يقف وراءها".
كما أعلنت كنائس مسيحية في مدينة البصرة عدم إجراء مراسم الاحتفال بأعياد الميلاد والاقتصار على أداء القداس في الكنائس والبيوت لأن العيد يتزامن مع إحياء الشيعة لأيام عاشوراء -ذكرى مقتل الإمام الحسين- في واقعة "الطف" قبل أكثر من 13 قرنا وهي أيام حزينة عند الشيعة. وسيحذو المسيحيون في كركوك حذو إخوانهم في البصرة، كما أرجأت المدارس المسيحية إقامة احتفالاتها السنوية بأعياد الميلاد إلى نهاية الشهر الجاري لتتواكب مع احتفالات رأس السنة الميلادية.
استعدادات أمنية
ووضع الجيش العراقي في حالة تأهب في الموصل وكركوك وبغداد منذ الجمعة في المناطق التي تضم أعدادا كبيرة من المسيحيين، حسبما أكد مصدر أمني عراقي. واتخذت القوات التي انتشرت منذ احتفالات السنة الهجرية الأسبوع الماضي إجراءات مشددة، حيث أغلقت الطرق المؤدية إلى الكنائس. كما وضعت حواجز حول الكنائس في جميع المناطق، بالإضافة إلى زيادة نقاط التفتيش الثابتة والمتحركة التي وضعت خلال السنوات الماضية.
وتعليقاً على هذا الوضع، قال المهندس يونس ميخا (56 عاما): "اليوم أصبحت الشوارع التي تؤدي إلى الكنائس تبدو وكأنها قاعدة عسكرية مغلقة بالأسلاك الشائكة والحواجز الخرسانية، بالإضافة إلى انتشار رجال الشرطة في كل مكان". وأضاف ميخا:"عليك إيقاف سيارتك في مرآب بعيد جدا عن الكنيسة ثم التوجه سيرا إلى هناك، فيما ينظر إليك رجال الشرطة والجيش بنظرات مخيفة ويسألوك، إلى أين أنت ذاهب ويطلبون منك العودة أحيانا لأنه ليس مسموحاً لك بالدخول". وتابع: "أجيبهم نعم أعرف ولكن أنا مسيحي وجئت للصلاة، بعدها عليك تقديم وثائق تثبت ذلك ليتحققوا منها ليسمح لك بالمرور".
الكنائس هدف للتفجيرات
وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة تعرضت كنيسة مار توما للسريان الأرثوذكس، وسط مدينة الموصل صباح الأربعاء إلى تفجير أسفر عن مقتل شخصين وإصابة ستة آخرين. وتقع الكنسية في حي الساعة في وسط منطقة قديمة ومن غير المسموح الوصول إلى هناك. ونفذ الهجوم بواسطة عربة تدفع باليد أوقفت أمام هذه الكنسية التي تأسست في عام 770 ميلادية، كما قتل شاب مسيحي الخميس برصاص مسلحين مجهولين في الموصل. وقال الرائد محمد جاسم من شرطة الموصل إن "مسلحين مجهولين اغتالوا شابا مسيحيا يدعى باسل ايشو يوحنا (23 عاما) بالرصاص"، وهذا الهجوم هو السابع الذي يستهدف المسيحيين في المدينة منذ الشهر الماضي.
يشار إلى أن آلاف المسيحيين فروا من الموصل في العام الماضي إثر أعمال عنف أودت بحياة أربعين من الطائفة. وقبل الغزو الأميركي للعراق في آذار/مارس 2003 كان عدد المسيحيين نحو 800 ألف نسمة؛ أي نحو ثلاثة في المائة من مجموع عدد السكان. وفر قسم كبير منهم إلى إقليم كردستان العراق، شمال البلاد منذ الاجتياح الأميركي، فيما لقي مئات آخرون مصرعهم وتعرض عدد كبير من الكنائس إلى هجمات.
(هــــــ.ع/ د.ب.ا/ أ.ف.ب)
مراجعة: سمر كرم