مسؤول في هيومن رايتس لـ DW عربية: الإصلاح في السعودية وهم
٢٤ أبريل ٢٠١٩نفذت السعودية أمس الثلاثاء 23 نيسان/ أبريل 2019 حكم الإعدام بحق 37 مواطنا سعوديا "لتبنيهم الفكر الإرهابي المتطرف وتشكيل خلايا إرهابية للإفساد والإخلال بالأمن وإشاعة الفوضى"، حسب ما ذكرت وزارة الداخلية في بيان لها.
وقال آدم كوغل الباحث في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش لوكالة فرانس برس اليوم الأربعاء "هناك 33 شخصا نحن متأكدون من أنّهم شيعة". من الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام.
وبهذا الصدد التقت DW عربية مع مايكل بايج، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش للتحدث عن خلفيات هذه الأحكام ودلالاته السياسية.
DW عربية: بما تفسر الصمت الغربي نحو قيام السعودية بإعدام 37 سعوديا؟
رد فعل المجتمع الدولي مُحبِط للغاية. ولنكن أكثر تحديدا، الحلفاء الغربيون للسعودية مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، متورطون في بيع أسلحة يتم استخدامها في الحرب السعودية في اليمن، وانتقادهم للانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان يبقى محدوداً للغاية. حتى فيما يتعلق بالادعاءات حول تعذيب ناشطات سعوديات.
بصراحة فإن ردود فعل الحكومات الغربية التي من المفترض أنها تؤمن بحقوق الإنسان وتدافع عنها، محدودة جدا مقارنة بردود الفعل الغربية على ما يتعلق بإيران. وهنالك سبب أخر، وهو التبرير السعودي الرسمي الذي يتحدث عن مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن القومي. المشكلة مع مثل هذه الادعاءات هو صعوبة التأكد من صحتها وأخذها على محمل الجد نتيجة للتجاوزات التي تحدث في التحقيقات القضائية نفسها، خاصة وأن العديد ممن تم إعدامهم أمس يوجد اتهامات بتعرضهم للتعذيب أثناء استجوابهم لاستخدام اعترافاتهم كأداة لإدانتهم.
ما سبب ضعف ردود الفعل على الإعدامات الأخيرة مقارنة بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي والمطالبة بعقاب المسؤول عن مقتله؟
جمال خاشقجي كاتب ومحلل معروف ولديه شبكة علاقات قوية، بالإضافة إلى أنه يقيم في العاصمة الأمريكية واشنطن. أما بالنسبة لمن تم إعدامهم مؤخرا فلا توجد شفافية في محاكمتهم كما لم يتمتعوا بعلاقات بصحفيين. من المحبط للغاية أيضا أن تصمت الولايات المتحدة بشأن الطالب السعودي مجتبى نادر السويكت الذي تم إلقاء القبض عليه في عام 2012 في السعودية وكان متجها للسفر إلى الولايات المتحدة للدراسة بجامعة ميتشغن الأمريكية، ثم الحكم ضده بالإعدام. فيجب ألا تكون شبكة العلاقات هي سبب اهتمامنا بقضية ما مقارنة بأخرى.
إعدام هؤلاء الأشخاص تم بتهمة "تبني فكر إرهابي"، فما هي الدوافع السياسية وراء عدم تطبيق السعودية نفس العقوبة على غيرهم من أصحاب الفكر المتشدد لديها؟
لنراجع بعض حقائق القضية سويا. غالبية المتهمين في القضية هم من المذهب الشيعي، وإذا نظرنا للمحاكمات السابقة لبعضهم، سنجد أنها نوع من السخرية، حيث تم اتهامهم بارتكاب أفعال لا يمكن تصنيفها أو تشبيهها بجرائم. لا نتحدث فقط على سبيل المثال عن تهمة الإضرار بسمعة السعودية، ولكن أيضا الادعاء بنشر التعاطف مع الشيعة. فمن الواضح أن الإعدامات الأخيرة تعكس اضطهاد النظام القضائي السعودي للأقلية الشيعية.
منذ ظهور ولي العهد محمد بن سلمان في المشهد وهو يسعى لتقديم صورة معاصرة للسعودية، فكيف تؤثر الإعدامات على هذه الصورة؟
أتمنى أن يرى الناس أن صورة الإصلاحات في السعودية هي مجرد وهم ممول بملايين الدولارات يتم دفعها لشركات العلاقات العامة الغربية. فلنسأل أولا ماذا يعنى الإصلاح الحقيقي: الإصلاح يعني تغيير وصاية الذكور على الإناث التي مازالت تحد من حقوقهن الأساسية. بالإضافة إلى عدم الحد من حرية التعبير، وخاصة أننا شاهدنا حملة قوية خلال العام ونصف المنصرم في كل قطاعات المجتمع لا تسمح بانتقاد النظام، وعدم إمكانية انتقاد خطط السعودية للإصلاح الاقتصادي بها.
لم نرَ تغييراً حقيقياً فيما يتعلق بتقبل الأقلية الشيعية ومحاربة الاضطهاد وإصلاح الإجراءات القضائية واستقلال القضاء والقضايا التي يتم من خلالها اتهام أفراد لأسباب سياسية.
كما يرتبط جزء أساسي من المشكلة الخاصة بالإعدامات الأخيرة بطبيعة النظام القضائي في السعودية، إذ يصعب على السعوديين الوصول لمحاميين يمثلوهم، والمتهمون يتم إجبارهم على الاعتراف، ولم يتم إجراء أي تحقيق من جانب الدولة بشأن الادعاءات الخاصة بالتعذيب.
فكيف بعد كل هذا نقول إن هناك إصلاحا حقيقيا؟! نعم هناك بعض التغيرات التي حدثت مثل السماح للنساء بقيادة السيارات والحد من الشرطة الدينية وافتتاح دور عرض لأفلام السينما، لكن هذا لا يمكن وصفه إلا بانفتاح اجتماعي محدود للغاية في مقابل كم هائل من الكبت. فلو كان هناك إصلاح حقيقي، فلماذا إذن تستمر محاولات بعض النساء السعوديات للهروب، سواء للهروب من التعسف الأسري أو المجتمعي، نظرا لعدم توقعهن تحقيق العدالة لهن في بلدهن.
مشاكل السعودية متأصلة حتى في الكتب الدراسية حيث نجد خطاب ضد الأقلية الشيعية بسبب معتقداتهم. إذن المشكلة جوهرية، وإعدامات الأمس ليست سوى انعكاس لها.
كيف يمكن لهذه الإعدامات أن تنعكس على مستقبل السعودية؟
في ضوء الإعدامات الجماعية الأخيرة، مستقبل السعودية غير واضح بشكل كامل، ولكن الأكيد هو عدم توجه السعودية نحو مسار إصلاحي إيجابي، حيث تبدو الحكومة سلطوية تسعى إلى كسب مزيد من القوة، وربما تحقيق بعض الإصلاح الاقتصادي وربما لا.
ولكن النظام لا يرغب في سماع أي شيء سواء من المجتمع المدني أو من صحفيين أو من مواطنين يعترضون على انعدام الحريات، كذلك الأقلية الشيعية في بعض مناطق السعودية.
أجرت المقابلة: د. ب