مزارعات الأغوار الفلسطينية يحلمن بالاستقلال الاقتصادي
٢٤ أبريل ٢٠١٤ينتظر مزارعو الأغوار الفلسطينية في الضفة الغربية حلول موسم جَني الخيار مع بداية فصل الربيع الذي يضفي على هذه الثمار مذاقا مختلفا، فَيُغري الزائر كي يتذوقه ويضيف لحاسة التذوق فرصة الاستمتاع بمشاهدة الطبيعة الجميلة، وفي ذات الوقت تجعل منه فرصة لا تعوض لإنعاش مصادر دخل لمُزارعات يعتمد دخلهن على الزراعات الموسمية.
ينتشر المزارعون في حقولهم منذ ساعات الصباح الأولى. ومن هؤلاء، المزارعة إيمان تركمان التي تنطلق للحقل برفقة عائلتها. ويمتد حقل العائلة بين سهول منطقة العقربانية التي يقطن فيها نحو ألفي نسمة.
تكمن أهمية الأغوار الفلسطينية التي تشكل 26% من مساحة الضفة الغربية بأنها سلة الغذاء لسكانها، كما أنها تحتوي على ثلث احتياطي المياه الجوفية في الضفة الغربية. وبالرغم أن مقوماتها الطبيعية تحفز على الاستثمار، إلا أن سكانها يعانون من صعوبة الوصول إلى المصادر الطبيعية بسبب معوقات القوات الإسرائيلية التي تسيطر على نحو 50 % من مساحة الأغوار، وتخصص 44 % من تلك المساحة لإغراض عسكرية.
الخيار: يدر دخلا وفيرا
وفيما كانت إيمان منهمكة في قطف الخيار البلدي تحدثت إلى DW عربية عن ميزته: "الخيارة صغيرة الحجم وناعمة الملمس بفضل ريها بالمياه النظيفة التي تصلح للشرب، الأمر الذي يجذب إليها انتباه أصحاب مصانع المخللات فيقبلون على شراء 70 % من المحصول، في حين يتم تسويق الكميات المتبقية لموردي تسويق محليين. وهكذا يشكل الخيار البلدي مصدر دخل وفير لعائلتي خاصة في بداية الموسم".
تمسح جبهتها بيدها لإزالة بقايا عرق وتضيف قائلة "برغم التعب الشديد نشعر بالسرور لتسويق المحصول في بداية الموسم، أي قبل تراجعه في وسط ونهاية الموسم، بسبب تغير معايير المنافسة والطلب على منتجاتنا لدى شركات تتحكم في الأسواق".
وقد قررت مجموعة من النسوة تأسيس جمعية العقربانية النسوية التي تطمح لخلق نوع من الاستقلال الاقتصادي التي تضم نحو 42 عضوة، يمثلن أربع قرى مجاورة في أغوار الضفة الغربية المحتلة وتشمل عين شبلي، بيت حسن، العقربانية، النصارية.
طاقات كبيرة وتحديات
ولبلوغ الاستقلال الاقتصادي، كما تقول رئيسة الجمعية إيما تركمان لـ DWعربية " تقوم النساء المزارعات بالاستفادة من خيرات أرضنا في التصنيع الغذائي مثل تنشيف الملوخية، صناعة المخللات والشطة (الفلفل الحار) وغيرها وذلك لبيعها في الأسواق المحلية، إضافة إلى تنفيذ مشاريع صغيرة مدرة للدخل تدعم النساء".
بمبادرتهن، فإن هؤلاء المزارعات، اللواتي يعملن ربات بيوت بعد عودتهن من الحقول، يواجهن تحديات مثل التهميش والاستغلال. وتعاني المرأة الفلسطينية المقيمة في الأغوار من التهميش، حيث مازلت العادات والتقاليد تنحاز أكثر للرجال، فالرجل هو المرجعية أثناء العمل والتعامل مع التجار، بالرغم من أن النساء يشكلن نسبة 62% من الأيدي العاملة في الزراعة.
وتقول لينا حامد "نحرص في الجمعية لتطوير قدراتنا، فقد تلقينا تدريبات متنوعة في التصنيع الغذائي وضبط جودة المنتجات وطرق التغليف ووضع البار كود وكيفية التعامل مع المحاصيل الزراعية، وذلك بفضل تعاون وإشراف من قبل مؤسسة الإغاثة الزراعية".
يكافحن من اجل الوجود
وبدورها ذكرت لينا حامد في تجمع نسوي في قرية فروش بيت دجن لـ DWعربية أثناء عملها في صناعة لبنة مكعبة تقليدية مغطى بزيت الزيتون "كنا نحفظ منتجاتنا داخل قناني الكولا البلاستيكية، وهو أمر مختلف تماما عما نلاقيه في السوبر ماركت، ولاحقا أدركنا أهمية التعبئة والتغليف في بيع المنتجات".
وتؤكد لينا حامد إنهن يتمسكن بأي فرصة تساعد على تحسين أداءهم وتعزيز وصول منتجاتهن إلى الأسواق، سواء كانت مقدمة من قبل مؤسسات المجتمع المدني والرسمي أو عبر تقديم الدعم اللوجستي أو الإرشادي. وذكرت أن "الإغاثة الزراعية" إحدى أكبر المؤسسات غير الحكومية العاملة في مناطق الأغوار وقعت معهن مؤخرا اتفاقية تدعم شراء مستلزمات إنتاج الزعتر وذلك عن طريق توريد شبكات ري، وشتلات تغطي مساحة 7 دونمات في منطقة الأغوار الوسطى.
تدخلات تنموية
وفي ذات السياق، فان مؤسسة الإغاثة الزراعية ترعى مثل هكذا مبادرات نسويه، وتقدم لها الدعم وفقا لما يشرحه لـDW عربية، السيد منجد ابو جيش مدير دائرة الضغط والمناصرة والإعلام "المؤسسة ترعى من خلال مشاريعها التنموية التي تنفذها في الضفة الغربية وقطاع غزة وتساهم في تطوير الجمعيات على النهوض بنفسها، وتساعد في تعزيز وصول منتجاتهن إلى الأسواق، بعد أن يخضعن إلى دورات تدريبية متخصصة ومتابعات إرشادية وأخرى تسويقية لتحسين فرصهن التسويقية وزيادة قدراتهن التنافسية في الأسواق المحلية والأجنبية وتقوية الاقتصاد الوطني".
وأضاف أبو جيش قائلا " إن منظمته تُسهم في تحسين الأمن الغذائي وتوفر حماية لتحسين معيشة صغار المزارعات في الأراضي الفلسطينية، وتعزز فرص لتسع تعاونيات نسائية تعمل في التصنيع الغذائي كي تصل منتجاتها للأسواق المحلية، كما توفر برامج تثقيف وتدريب للمزارعات كي ينتفعن من قانون محلي لدرء المخاطر كان الرئيس محمود عباس قد صادق عليه مؤخرا".
حلم الوصول إلى الأسواق
وتعرف نساء الأغوار الكادحات في بيوتهن وحقولهن، جيدا صعوبات العيش وتعقيدات السياسة، إلا أنهن مفعمات بآمال بدت واضحة في عيونهن.
وعبرت المزارعة النشيطة تركمان، عن رضاها من بلوغ حجم المبيعات لديها ولدى زميلاتها نسبة 60% وأضافت لـDW “طموحنا أن تصل المنتجات إلى رفوف مراكز التسوق في كافة المدن، فقد شاركنا في معارض كثيرة وحظيت منتجاتنا باستحسان وقبول من تذوقها. هذا التقبل من المجتمع الأوسع يدفعنا كي نحلم بأن تكون لدينا علامة تجارية تميزنا، ونأمل أن يصبح عامل الجودة هو من يتحكم فقط في الأسعار!".