مراكز لجوء أوروبية في مصر قد تهدد القيم الأوروبية
١ ديسمبر ٢٠١٦طالب توماس شتوبل وزير داخلية ولاية بادن فورتنبيرغ وأحد قياديي الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل، في حوار مع موقع صحيفة "دي تسايت" الألمانية، بضرورة التعامل مع اللاجئين بـما أسماه "اللطف والصرامة". وأكد على ضرورة ترحيل كل من تأكد أنه ليست لديه حظوظ لـلحصول على حق اللجوء. واقترح المسؤول الألماني ترحيلهم طالبي اللجوء إلى دول ثالثة كمصر حيث يمكن إنشاء مركز للاستقبال لإيواء اللاجئين الذين يتم إنقاذهم في البحر المتوسط. كما دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في السابق لضرورة إبرام اتفاقيات بشأن الهجرة مع بلدان كتونس ومصر.
غير أن هذا الاقتراح الجديد / القديم يثير انتقادات من قبل المنظمات الحقوقية وتلك التي تعنى بشؤون اللاجئين، في وقت تشهد فيه أوضاع حقوق الإنسان في مصر تدهورا مطردا، آخرها القانون الذي صادق عليه البرلمان المصري بشأن المنظمات غير الحكومية العاملة في البلاد. وفي حديث سابق لـ DW يرى الباحث المصري في شؤون الهجرة نور خليل أن "الحكومة المصرية تسوق نفسها لكسب الدعم الأوروبي والدولي على أنها الجدار العازل لعمليات الهجرة وأنها تستطيع إيقاف جزء كبير منها".
خيار مطروح بجدية؟
وسبق لوزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزير أن أشار بدوره لإمكانية ترحيل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر المتوسط بشكل مباشر إلى أفريقيا. مؤكدا أن عدم توفر آفاق للوصول للساحل الأوروبي يمكن أن يكون سببا في تعريض المهاجرين للمخاطرة بحياتهم. وبحسب الاقتراح، من المقرر أن يتم نقل المهاجرين الذين يبحرون من ليبيا في البحر إلى دولة أفريقية أخرى مثل تونس أو مصر. ويمكنهم هناك تقديم طلب اللجوء إلى أوروبا. وبحسب وزارة الداخلية الاتحادية، لا تزال هناك خطط ومحادثات مباشرة على مستوى أوروبي بشأن هذا الاقتراح.
غير أن اختيار مصر يطرح أكثر من سؤال، خصوصا أن المنظمات الحقوقية تتهم نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وهناك من يعتقد أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا على غرار ما فعلته تركيا وتقديم نفسها كحصن حصين يمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
من جهته قال شتيفان رول الخبير الألماني في الشؤون المصرية من مؤسسة العلوم والسياسة في برلين لـ DW إن خيار إقامة مركز للاجئين في مصر خيار وارد لكنه "لن يكون خيارا ذكيا على حد تعبيره. واستطرد بهذا الصدد "إن مصر ليست بلدا آمنا. وأخشى أن يتم توظيف هذا النوع من الحيل في هذا الاتجاه. وسيكون الأمر تمييعا مأساويا جديدا لقانون اللجوء (في ألمانيا)".
اللاجئون ورقة للبحث عن الشرعية
منذ الانقلاب العسكري عام 2013 والسيسي يبحث عن اعتراف أوروبي بشرعية حكمه حيث أكد رول أن "الحكومة المصرية تتابع هذا النقاش باهتمام بالغ" مبينا أن مصر ستكون مستعدة من الناحية المبدئية لإقامة مراكز لإيواء اللاجئين على أراضيها إذا ما قدمت أوروبا مقابلا ماليا لذلك". غير أن الاعتبارات الحقوقية لا تلغي المخاوف الأوروبية، فحسب بيانات وكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتكس"، فإن هناك مخاوف من تحول مصر إلى منطقة انطلاق مهمة لقوارب تهريب المهاجرين إلى أوروبا. وقد سبق لرئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس أن طالب صراحة بإبرام اتفاقية للاجئين مع مصر على غرار الاتفاقية مع تركيا. وتأتي المطالب الأوروبية بعد التدفق غير المسبوق للاجئين من جهة، والارتفاع المطرد لعدد الضحايا الغرقى من اللاجئين في البحر المتوسط. غير أن المروجين للمشروع في ألمانيا وأوروبا يؤكدون أن خططا من هذا النوع لن تنفذ إلا باحترام الإجراءات الدستورية والامتثال لاتفاقية حقوق الإنسان.
وقد سبق لمنظمة "بروأزيل" الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين ومنظمة العفو الدولية عن استيائهما من إتباع سياسة لجوء غير مسؤولة في ألمانيا وأوروبا ومن تجريد طالبي اللجوء من حقوقهم. وانتقدت المنظمتان أوجه التعاون المخطط لها من جانب الاتحاد الأوروبي مع بعض الدول مثل مصر.
ووصفت المنظمات الحقوقية المشاريع الأوروبية بهذا الصدد بصفقات غير لائقة مع أنظمة لا تحترم حقوق الإنسان، محذرين من انهيار القيم الأوروبية.
حسن زنيند