مدير عام DW: باسم يوسف مثال للجرأة والشجاعة
١ مارس ٢٠١٤تبدأ الحلقة الرابعة من البرنامج الساخر "البرنامج" وكما الحلقات السابقة، بتصفيق حار وطويل من الجمهور. ينادي خالد منصور، أحد مذيعي ومعدي البرنامج، في الميكروفون مخاطباً الجمهور "هل أنتم جاهزون لباسم يوسف؟" ما يلهب حماس الجمهور أكثر، ويدخل باسم يوسف الصالة مهرولاً ويحتفل بالبرنامج مع الجهور.
ومن بين ضيوف الشرف في هذه الحلقة: بيتر ليمبورغ، مدير عام مؤسسة دويتشه فيله DWوغيدو باومهاور، مدير التخطيط الاستراتيجي والتسويق في المؤسسة وناصر شروف مدير التوزيع والتعاون/ أفريقيا والشرق الأوسطفي المؤسسة ،هذا بالإضافة إلى العديد من الضيوف الأجانب الآخرين الذين لا يتحدثون العربية، لكنهم يضحكون لتعليقات باسم يوسف الساخرة، إذ لا يحتاج المرء إلى إتقان العربية لفهمها، فغالبا ما يستخدم باسم الموسيقى والصور ولغة الجسد من إيماءات وحركات للتواصل مع جمهوره.
يتمتع باسم يوسف بشهرة كبيرة ليس في مصر فقط، وإنما خارج بلاد النيل أيضاً، إذ تجاوز عدد متابعيه على موقع يوتيوب المليونين وليصبح بذلك الأكثر متابعة في الشرق الأوسط.
الموضوع الرئيس في الحلقة الرابعة للبرنامج كان تغطية الإعلام المصري لزيارة وزير الدفاع، المشير عبد الفتاح السيسي إلى موسكو. يعرض باسم خلال "البرنامج" مذيعي القنوات المصرية وهم يعلقون لدقائق عديدة على صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كيف يتقدم خطوة باتجاه السيسي وهو يصافحه. وهو ما فسره المذيعون وضيوفهم من المحللين، على أن موسكو تبحث عن تقارب مع القاهرة بأي ثمن كان. وهذا أمر غير منطقي يهاجمه وينتقده باسم يوسف، وبذلك يتحدى ويعارض التوجه العام للإعلام المصري، ما يزيد من عدد خصومه.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك أكثر من دعوى قضائية مرفوعة ضده، من بينها دعوى تتهمه بإهانة السلطة. لكن ذلك لا يردع باسم لمتابعة برنامجه وسخريته، ويعلق على ذلك مدير DW، بيتر ليمبورغ بأنه يرى باسم يوسف "شجاعاً جداً". ويتابع ليمبورغ بالقول: "الحضور إلى هنا ومتابعة البرنامج بشكل حي ومباشر، يؤكد صحة قرارنا ببث البرنامج على قناة DWعربية".
مكسب لشباب ثورة 25 يناير
"البرنامج" يثير ردود فعل متباينة بين مشاهدي DWومتابعي موقعها على الفيسبوك، وهو ما يشير إلى حرية الإعلام والتعبير عن الرأي، التي تدعمها DWمنذ تأسيسها قبل 60 عاماً.
يتجاوز عدد الفريق العامل مع باسم يوسف في "البرنامج" الخمسين شخصاً، كلهم من الشباب المتحمسين للبرنامج وللعمل معه. ويرى هؤلاء الشباب في "البرنامج" إنجازاً ومكسباً حققوه بعد ثورة 25 يناير عام 2011، التي أسقطت نظام مبارك الذي حكم مصر ثلاثين عاما. بالنسبة للمتابع من الخارج، يصعب عليه أن يعرف واجب وما يقوم به كل واحد من هؤلاء الشباب في فريق باسم يوسف.
ولكن كل شيء يتم بسلاسة ودون أي مشاكل، حسب رأي غيدو باومهاور، مدير التخطيط الاستراتيجي والتسويق لدى DW، الذي يحضر لأول مرة تسجيل البرنامج في الأستوديو ويعلق على ذلك "حين أرى هؤلاء الشباب المتحمسين، حينها أعرف أنه لا يمكن لأي شيء أن يفشل ".
أصبح "البرنامج" بالنسبة للعاملين مع باسم يوسف واحة يعبرون فيها بحرية عن رأيهم حول الأحداث التي تشهدها بلادهم. إذ أن حرية الرأي ليست أمراً بديهياً في مصر، حيث يُلاحق الصحافيون مثلما حصل مع مراسلي الجزيرة المعتقلين منذ أسابيع على ذمة التحقيق.
انتقاد الجيش، أمر غير مرغوب فيه وهو ما يعرفه باسم يوسف، لكنه رغم ذلك يتناول في "البرنامج" مؤتمراً صحفياً لأحد كبار ضباط الجيش يقول فيه إن مركز الأبحاث العسكري اخترع جهازاً يكشف عن الإصابة بالايدز وبالتهاب الكبد سي ويشفي منهما. ويعرض الضابط جهازاً بهوائي ومقبض يشبه المسدس.
باسم يوسف، الذي كان طبيباً مختصاً بالجراحة القلبية، يعرض على الجمهور جهازاً مشابهاً ويصرخ "إنه يعمل!" فيضحك الجمهور. ثم يعرض مقطعاً من المؤتمر الصحفي يقول فيه الضابط "ابتداء من 30 يونيو/ حزيران 2014 سنقوم باستعمال هذا الجهاز في المشافي العسكرية، وسيشفى الكثير من المرضى"، فيضحك الجمهور ثانية في حين ينظر باسم يوسف بمنتهى الجدية إلى الكاميراً قائلاً: "هذا وعد!".
ويضيف بالقول: "إنكم تعطون الأمل لملايين الناس بالشفاء" ويتابع بلهجة جادة "أنا طبيب ولا أريد القول أن جهازكم لن يعمل. لكن سآخذ بكلامكم وأذكركم بوعدكم كل أسبوع في البرنامج. وأتمنى أن يعمل الجهاز فعلاً".
المواجهة مع الجيش وبشكل مباشر، كما يفعل باسم يوسف، أمر نادراً ما يجرؤ عليه أحد في مصر، حتى لو تعلق الأمر بالسؤال عن خلفيات التصريحات التي تبدو غير معقولة. فهذا يتطلب في مصر شجاعة كبيرة.
خالد الكوطيط/ ع.ج