مدونو فيديو يحاربون الكراهية ومعاداة الأجانب في الإنترنت
٨ فبراير ٢٠١٦"أهلا ومرحبا.. أرحب بكم في أول مقطع فيديو لي" بألمانية ركيكة مكسرة ولكن بكلمات منتقاة وبوجه بشوش يرحب المخرج السوري فراس الشاطر بمشاهديه في أول حلقة من سلسلة أفلام قصيرة سينشرها في موقع يوتيوب تحت عنوان "سكر". فراس (24 عاما) يريد أن يعرف كيف تسير الحياة في ألمانيا التي وصلها قبل عامين كلاجئ. والسؤال الأساسي الذي يشغل فراس هو: من هم هؤلاء الألمان؟
انتظار الاحتضان
في فيلمه الأول يظهر صورا من مظاهرة لحركة بيغيدا المناهضة للمهاجرين والإسلام وأخرى لأناس يحملون لافتة كتب عليها "أهلا باللاجئين". الصور تبين الخلاف الكبير في الرأي والموقف بين الألمان. ولكن كيف تبدو ألمانيا في ظل هذا الاختلاف الكبير؟ من أجل معرفة جواب هذا السؤال، قام فراس بتجربة بنفسه حيث وقف معصوب العينين في إحدى ساحات برلين الرئيسية "ألكسندر بلاتس" وإلى جانبه لوحة كتب عليها "أنا لاجئ سوري.. إنني أثق بك.. هل تثق بي؟ احضني" ومن ثم بقي ينتظر وينتظر أحدا يحتضنه.
في سوريا عمل فراس الشاطر كصحفي في التلفزيون وهو معروف بانتقاداته للنظام السوري. ويقول في لقاء له مع DW إنه كان يعتقل باستمرار بسبب ذلك. ومنذ عامين يقيم في برلين مستمرا في نضاله ضد النظام السوري ومن أجل التقبل والاحترام المتبادل بين الألمان واللاجئين، ويقول "على جميع الناس الذين يعيشون في ألمانيا أن ينظروا كيف يتعاملون مع بعضهم" وحسب رأيه "يمكننا أن نقرّب الناس من بعضهم عن طريق السخرية - الفكاهة لكي يفهموا بعضهم البعض".
فيلمه الأول في سلسلة "سكر" تمت مشاهدته 82 ألف مرة بتاريخ 02.02.2015. ومتابعو موقع يوتيوب احتفلوا به وبرسالته القيمة الموجهة ضد تحريض اليمين على المهاجرين واللاجئين في الإنترنت.
ضد الأحكام المسبقة
منذ الصيف الماضي يتدفق عشرات آلاف اللاجئين على ألمانيا هربا من الحروب في بلادهم، والتعليقات والكتابات المعادية للأجانب تعكر صفو مواقع التواصل الاجتماعي. وغالبا لا يتم يتم حذف تلك التعليقات من مواقع (يوتيوب وتويتر وفيسبوك) وبذلك يواجه المستخدمون أفكارا وآراء عنصرية في الشبكة العنكبوتية.
حوالي 40 "مدون فيديو" بينهم LeFloid و MrWissen2Go يواجهون هذه الحملة ضد الأجانب والمهاجرين في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حملة "يوتيوبر (نشطاء يوتيوب) ضد الكراهية" التي تهدف إلى مواجهة الأحكام المسبقة عن الهجرة والمهاجرين ومواجهة معاداة الأجانب والإسلام. ومن خلال هاشتاغ #YouGeHa التي هي اختصار لعبارة يوتيوب ضد الكراهية يقوم هؤلاء المدونون بتحميل مقاطع فيديو تتضمن تقاريراً أو إحصائيات أو حتى تعليقات ساخرة.
"هناك شيء ما لكل نوع من الكراهية"
مدون الفيديو الألماني بن بوديه يحارب الكراهية في مدونته "SOundSO gesehen" على موقع يوتيوب بشكل ساخر ويقول مثلا في إحدى مقاطع الفيديو التي نشرها في مدونته "أنت محتقن جدا ولا تعرف ماذا تفعل بغضبك؟" ويجيب على ذلك بنفسه قائلا "لدينا شيء ما لكل نوع من الكراهية" بالنسبة للرجال الذين يعانون من مشكلة الثقة بالنفس ننصحهم بـ "معاداة النساء".
ويقول بن بوديه في حوار مع DW إنه يحاول أن يتناول كل مجموعة تتعرض للتمييز على حدة، ويرى أن هناك مسؤولية خاصة لمدوني الفيديو تجاه تحريض اليمينيين "إننا كمدونين ننشر مقاطع فيديو على يوتيوب هي تعبير عن حرية الرأي وإننا ممتنون في ذلك لدستورنا. على كل واحد أن يفكر فيما إذا كان مدين بشيء للمجتمع أيضا". ويضيف بأنه والآخرون في مجموعة #YouGeHa يكملون بعضهم ومن خلال العمل الجماعي تنتشر أعمالهم أكثر وتصل إلى شريحة أوسع من المتابعين.
"أين يمكن شراء هذه الكراهية"
لكن حتى الآن لم يعلق أحد من الغوغاء العنصريين على مقطع فيديو في مدونة بن بوديه. وكتب مدون الفيديو MrWissen2Go في مدونته "أين يمكن شراء هذه الكراهية؟" وأجابه أحد المتابعين بسخرية "يمكن الحصول عليها (الكراهية) مباشرة من مكانها المعتاد أو في كل زمان ومن كل مكان في الإنترنت". ويتفق هؤلاء المدونون، ومن بينهم بن بوديه، على أن مقاطع الفيديو التي ينشرونها تلقى صدى إيجابيا. لكن يبقى السؤال: هل تصل رسالات وفيديوهات هؤلاء المدونين إلى من ينشرون الكراهية في الإنترنت أيضا؟
مدون الفيديو السوري فراس الشاطر واثق من ذلك، حيث إن "حتى هؤلاء الذي يعادون الأجانب كتبوا لي: لقد أضحكتنا وأنا سعيد بمشاهدة الحلقة التالية". المدون بن بوديه له رأي آخر، ويقول "إن المجموعة التي نستهدفها في النهاية ليس المحرضين فقط" ويضيف "لقد قرأت مؤخرا أن صوت التحريض اليميني عال لأن صوت الآخرين الصادقين منخفض. لذلك صحيح تماما تشجيع هؤلاء على رفع صوتهم".
هؤلاء الصادقون الأخيار هم الأغلبية في فيديو فراس الشاطر أيضا، حيث تجرأ أحد المارة الشجعان على احتضانه ثم تبعه آخرون. ويعلق على ذلك بقوله "عندما يبدأ الألمان بشيء ما، فإنهم لا يكفون بعد ذلك عن القيام به" ويختم كلامه بأن الألمان يحتاجون وقتا أطول ولكن فيما بعد لا يمكن إيقافهم، وبالنسبة إليه فإن ذلك يعني أن "الاندماج سيتم في وقت ما".