مخاوف من اشتباكات بين سلفيين ويمينيين متطرفين في فرانكفورت
٧ سبتمبر ٢٠١٣"إخوتي في الإسلام، في السابع من سبتمبر/ أيلول 2013 يتم تنظيم مؤتمر السلام للمسلمين المتطرفين". وبعد ابتسامة عريضة يصحح "أعني المؤتمر الإسلامي للسلام، والذي نود دعوتكم جميعا للمشاركة فيه". كانت هذه مداخلة بيير فوغل (الواضح في الصورة)، أحد قادة الحركة السلفية في ألمانيا والذي اعتنق الإسلام عام 2001 واشتهر بمداخلاته الإعلامية المثيرة.
ويدعو فوغل إلى التظاهرة التي تنظمها الحركة السلفية في فراكفورت في هذا التاريخ دعما للسلام في العالم. وهي مناسبة أيضا يسعى عبرها المنظمون إلى جمع حوالي 100 ألف يورو كتبرعات لدعم إسلاميي مصر والمعارضة السورية في سعيها للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
وشهدت فرانكفورت قبل عامين، تنظيم "مؤتمر السلام" ذاته، الذي خطب فيه بيير فوغل بحضور زهاء 1500 شخص. وقد شد الأخير الانتباه إليه بقوة، في إطار حملة توزيع المصاحف التي قام بها السلفيون في عدد من المدن الألمانية، وقد وزعت فيها قرابة 25 مليون نسخة من المصحف مجانا. وهو ما اعتبره السلفيون نجاحا إعلاميا كبيرا، نظرا للتغطية الواسعة التي شهدتها الحملة في جل وسائل الإعلام الألمانية. وكان لذلك أن ازداد الاهتمام بالحركة السلفية في البلاد خاصة لدى فئة الشباب.
تخوف من تنامي الحركات السلفية
ووفق مكتب حماية الدستور التابع لولاية هيسن، كانت ولاية شمال الراين ويستفاليا (غرب) والعاصمة برلين من أكثر المناطق التي ينشط فيه السلفيون. إلا أنه وفي الآونة الأخيرة سجل سجل ارتفاع في أعدادهم في ولاية هيسن، وتحديدا في مدينة فراكفورت. تجدر الإشارة إلى أن الأرقام الأخيرة لمكتب حماية الدستور ثدرت عدد السلفيين في ألمانيا بنحو 3800 شخص، 700 منهم في فرانكفورت.
ولأن الحركات السلفية ليست تنظيما مؤسساتيا، وإنما شبكات تعمل بشكل مستقل، فإنه يصعب على المسؤولين تحديد أعداد العناصر الفاعلة أو المتعاطفة مع الحركة. وفي هذا الإطار يشير راوف سايلان، الباحث في علم الأديان في جامعة أوزنابروك، إلى صعوبة التوصل إلى "أرقام وحقائق ونتائج اعتمادا على دراسات تجريبية، فألمانيا متأخرة جدا في هذا المضمار". وحول طبيعة العناصر المنتمية إلى الحركة السلفية يوضح الباحث أن الأمر يتعلق "عادة بذكور شباب مهمشين اجتماعيا، ويبحثون عن معنى للوجود، وعن مكان داخل المجتمع".
وبقلق، يراقب المسؤولون تنامي الحركة السلفية. وذلك لاعتقادهم أن لها قابلية كبيرة على استخدام العنف واللجوء إلى ما يسمى "بالجهاد الإسلامي". ولهذا تمّ منع تنظيم التظاهرة بدعوى أن "لسلفيين أهداف معادية للدستور وهم يهددون السلام العام"، كما جاء في بيان تابع لبلدية فراكفورت. غير أن منظمي المؤتمر طعنوا في قرار بلدية المدينة، وحصلوا على تأييد القضاء. وهو ما مكنهم من تنظيم التظاهرة في اليوم المقرر لها. وفي "مؤتمر السلام" السلفي للعام الماضي، حدثت مواجهات واشتباكات بين السلفيين وعناصر من تنظيم "برو نوردراين فيستفالن" وهي حركة يمينية متطرفة، معروفة بمعاداتها الشديدة للإسلام.
فكر متطابق باتجاه معكوس
ويتوقع المسؤولون تكرار سيناريو الاشتباكات في هذا العام أيضا، بعد أن أعلنت حركة "باكس أوروبا" اليمينية المتطرفة عن تنظيمها لتظاهرة للرد على المؤتمر السلفي. ويقول أليكسندر هويسلر، من معهد دوسلدورف المتخصص في الحركات اليمينية المتطرفة، إن هذه الحركة تعمل كالحركات اليمينية المتطرفة الأخرى على انتزاع مكاسب سياسية مستغلة "تخوف بعض الطبقات داخل المجتمع الغربي من الإسلام ومن تناميه داخل أوروبا".
وتبقى الإشكالية الحقيقة، حسب الباحث، أن كلا الطرفين يسعيان إلى افتعال المواجهة والتصعيد، حتى ينتبه الإعلام إليه. وهذا ما سيمكن كل طرف من شد الانتباه إليه والظهور بصورة الضحية". أي أن الحركة اليمينية المتطرفة والتوجه السلفي ما هما إلى فكر متطابق، يتحرك من زاويتين متناقضتين في الاتجاه.
وفي حقيقة الأمر، يضيف الباحث أن "كل حركة بحاجة لتأكيد وتشريع وجودها، مستغلة الصورة العدائية التي تكنّها طبقات داخل المجتمع للأخرى".