مخاوف ألمانية من تداعيات ظاهرة هرم المجتمع
يسبب تراجع نسبة المواليد مشكلة سكانية تؤثر سلباً على الاقتصاد والقوة العاملة في مناطق عديدة من العالم. وتأتي دول الإتحاد الأوروبي في مقدمة الدول التي تعاني من هذه المشكلة، ولو اختلف الأمر من دولة إلى أخرى. ففي ألمانيا مثلاً يتغير الهرم السكاني بسرعة أكبر مما هو عليه الحال في فرنسا لصالح كبار السن. ولا يعود ذلك هذا الأمر، إلى تراجع نسبة المواليد فقط، وإنما إلى تبعات الحرب العالمية الثانية التي خلفت 16 مليون ضحية في ألمانيا لوحدها. ومن المعروف أن غالبية الضحايا الألمان كانو من الرجال.
تأثير سلبي على الاقتصاد
يذكر شتيفن كرونيرت رئيس المعهد العالمي التطورات العالمية في برلين أن تراجع نسبة المواليد بدأ في ألمانيا منذ السبعينات، بينما بدأ تراجعها في دول أخرى منذ عشرة أعوام. وهذا يعني أن لدى الأخيرة وقتاً أكثر لاحتواء المشكلة، كما أنه من الملفت للنظر أن الألمان لا يبدون حتى الآن تخوفاً من البيانات الإحصائية التي يتوقع بعضها تراجع عدد سكان ألمانيا إلى 65 مليون نسمة بحلول عام 2050. غير أن ذلك سيتغير عندما يلمسون التأثير السلبي لانخفاض عدد القوة العاملة على الاقتصاد وواردات الدولة. وعلى الرغم من حاجة البلاد لمزيد من الأجيال الشابة، إلا أن كثير من الألمان يتساءلون عن مدى عدالة تشجيع زيادة النمو السكاني، في الوقت الذي يثار به الجدل حول مدى كفاية الثروات الوطنية لاستيعاب أو تحمل هذا النمو.
جدل حول الاعتماد على العمالة الأجنبية
ساعد استقدام اليد العاملة الأجنبية إلى ألمانيا في ستينات وسبعينات القرن الماضي على حل مشكلة حاجة البلاد الماسة لهذه العمالة وخاصة في حقبة المعجزة الاقتصادية الألمانية ستينيات القرن الماضي. وحضر معظم العمال يومها من تركيا ويوغسلافيا السابقة وبلدان شرق أوروبا. وكان لهم فضل كبير في إعادة إعمار ما هدمته الحرب العالمية الثانية وإعادة تأهيل الاقتصاد الألماني. ونظراً لتراجع نسبة المواليد وحاجة الاقتصاد الألماني المتزايدة للعمالة فإن الكثيرين في ألمانيا يؤيدون فكرة سد هذه الحاجة عن طريق استقطاب قوة العمل الأجنبية. غير أن ذلك لا يحظى بتأييد غالبية صناع القرار السياسي حتى الآن. كما يتخوف غالبية الألمان من الهجرة الأجنبية على أساس أنها تهدد أماكن عملهم بسبب رخصها. وكخطة على طريق الحل أصدرت الحكومة الألمانية مؤخراً قانون الهجرة الجديد الذي خفف من قيود الإقامة والعمل بالنسبة للأجانب. كما سمحت باستقدام العمالة الأجنبية، ولكن فقط تلك التي تتمتع بتأهيل عال وخبرة كبيرة شريطة حصولها على عقود عمل من الشركات والمؤسسات الألمانية.
الأولوية لتشجيع الأسرة
يؤكد معظم الخبراء أن الهجرة الأجنبية لا تمثل حلاً لمشكلة تراجع الولادات في ألمانيا رغم أهميتها في التخفيف من المشكلة. وعليه فهم يطالبون الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة لتشجيع الألمان على الإنجاب من خلال دعم العائلات وتوفير ظروف ملائمة للأمهات العاملات، مما يعني واقعياً إعادة النظر في كيفية توزيع الأموال الحكومية التي تصرف حالياً بشكل لا يلبي متطلبات دعم الأسرة وفقاً لمعطيات شتيفن كورنرت. ويضيف كرونيرت في هذا السياق:"على الدولة توفير أماكن الحضانة للأطفال بأسعار معقولة وتقديم دعم مالي للعائلات التي لديها أكثر من طفل وتخفيف الضرائب عنها أسوة بما فعلته بعض الدول الأخرى مثل فرنسا، بدلاً من من الإعتماد على العمالة الأجنبية".
تامسن والكر/ إعداد: عفراء محمد