متى يتوقف التحرش الجنسي بالنساء في مصر؟
١٠ يوليو ٢٠١٣شهدت الأيام الماضية حالات تحرش كثيرة، تزامنت مع المظاهرات التي بدأت قبل الـ30 من يونيو/ حزيران الماضي في الذكرى الأولى لانتخاب الرئيس المصري. وذلك اعتراضاً على ما وصف بسياسات الرئيس المتحيزة للتيار الإسلامي وجماعة الإخوان بشكل خاص. وتقول متطوعة بإحدى جماعات وقف التحرش لـ DWعربية التي تحاول التصدي للاعتداءات التي تطال النساء في المظاهرات: "بعض السيدات المُسنات كنّ ضحايا لاستخدام أسلحة وأخشاب بمناطق حساسة من أجسادهن، حيث تطلب الأمر ذهابهن للمستشفيات بعد إنقاذهن من دائرة الجحيم هذه".
وفي ما احتشدت الجماهير في مظاهرات ضد حكم الإخوان المسلمين، كان ميدان التحرير فخاً لأجساد النساء طوال فترة المظاهرات الحاشدة وتم تجاهل مطالب ودعاوى بوقف تنظيم أية مظاهرات أو مسيرات متجهة إلى التحرير لصعوبة تأمينه من التحرش.
من جانبها تقول سلمى سعيد، من مؤسسات قوة ضد التحرش، لـ DW عربية: "التحرير مخترق، كما لو أن هناك تعمد لتحويله لمكان لممارسة التحرش، حيث لا يمكن وقف الاعتداءات على النساء فيه". وخلال خروج المظاهرات التي كانت تطالب بعزل مرسى تمّ رصد سيارة، وقد حددت أوصافها، تقوم باختطاف الفتيات وتتحرك بعدة مواقع بميدان التحرير وخارجه.
التصدي للتحرش
الجدير بالذكر، أن مجموعة "قوة ضد التحرش والاعتداء الجنسي" تكونت، بعد أن تحول التحرش إلى ظاهرة جماعية. وقد تم الاعتداء بشكل جماعي على فتاتين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، أفادت إحداهما أنها اختطفت وجردت من ملابسها؛ ثم وضعت على مقدمة سيارة بالشوارع الخلفية لميدان التحرير، حيث تعرضت لاغتصاب جماعي طوال تواجدها فوق السيارة المارة من ميدان التحرير حتى حي عابدين الشعبي. وحتى اللحظة، لم يتم ضبط أي من الجناة المشاركين في الجريمة.
وبسبب تلك الأحداث، تجندت مجموعة "قوة ضد التحرش والاعتداء الجنسي" إلى جانب حركات وجمعيات مدنية أخرى لكي "يصبح الميدان خالٍ من التحرش وآمن بالنسبة للمتظاهرات". وتحمل إحدى الضحايا وزارةَ الداخلية المسؤولية عن الاعتداءات، إذ تقول في شهادة عن أحداث التحرش خلال مظاهرات 30 يونيو/ حزيران الماضي "الشرطة هي الجهة المسؤولة عن استمرار التحرش طالما أن قوات الداخلية أصبحت متواجدة بالتحرير، وأن نسبة كبيرة من المتظاهرين ضد حكم مرسى لم تعد لديهم مشاكل مع الشرطة، ويحتفلون مع جنودها". وهكذا أصبحت "قوة ضد التحرش" تركز في مهمتها على إنقاذ الضحايا فقط. وهي مهمة تحولت إلى معركة حقيقية يتعرض فيها المتطوعون للعنف والطعن بالأسلحة البيضاء في بعض الأحيان.
التحرش لأغراض سياسية
أثارت ظاهرة التحرش في الميدان تساؤلات عديدة حول ما إذا كانت تلك الجرائم "مسيّسة" وتخدم مصالح معينة، إذ تقول الناشطة سلمى سعيد لـ DW عربية: " أحيانا أفكر أن التحرش يجرى في ميدان التحرير كامتداد لظاهرة موجودة داخل المجتمع المصري، وارتكابه في الميدان يعود إلى كونه جريمة تم الاعتياد عليها. لكن في أحيان أخرى يخلو الميدان من هذه الحوادث خاصة في أيام الحشود الكبيرة مما يدفعنا للتفكير أنه "مسيّس"". حوادث قليلة جداً جرت بالمظاهرات المحيطة بقصر الاتحادية الرئاسي بمصر الجديدة، ولكن سعيد تضيف "إذا كانت هذه الحوادث ليست سياسية لماذا لا ترتكب إلا في التحرير؟!".
من ناحية أخرى، كشفت خريطة التحرش معدل التحرش في كافة محافظات مصر، حيث ثبت انتشاره في عدة محافظات خاصة في القاهرة التي بلغت النسبة فيها 846 مقارنة بـ 65 حالة فقط في الإسكندرية مثلاً. وخريطة التحرش مبادرة توعية، الهدف منها منع تقبل المجتمع لظاهرة التحرش. وبدأت الحركة نشاطها في مصر عام 2010. وتقوم بتوثيق حالات التحرش، حسب مكان الواقعة ووفقاً للبلاغات الواردة من القائمين على المشروع.
السرقة مرفوضة، والتحرش مقبول!
وأثناء تواجد DW عربية بالميدان تحركت قوة ضد التحرش لوقف حادثة، عن طريق سلسلة بشرية تقتحم الدائرة المحيطة بالضحايا، حيث سجلت أربع حالات "فقط" في السابع من تموز/ يوليو، وتمّ التدخل لوقف ثلاثة منها، وفى التوقيت نفسه أحاط المتظاهرون بلص كان يسرق المتظاهرين. وتعرض اللص لهجوم عنيف من كافة المتظاهرين، بينما لم يتدخل المتظاهرون للقبض على المتحرشين. فهل السرقة مرفوضة في التحرير بينما التحرش مقبول؟ تعلق سعيد: "كلما حاولنا الإمساك بمتحرش لتسليمه للشرطة نفشل، لأن جميع الشباب الواقف في دائرة يدعى أنه لم يلمس أو يقترب من الفتاة، وإنما كان يحاول إنقاذها". وهكذا يبقى المتحرش هاربا!