متى تختفي المظاهر المسلحة من شوارع المدن الليبية؟
٢٦ أكتوبر ٢٠١١بعد إعلان التحرير بدأ أطلاق الرصاص العشوائي يختفي من العاصمة الليبية إلا ما ندر. إلا أن المظاهر المسلحة واضحة وبارزة للعيان، وخصوصا وجود قوات الثوار في شوارع العاصمة. فقد قامت في مطلع الشهر الجاري تظاهرة شعبية عفوية بميدان الشهداء مطالبة بوقف المظاهر المسلحة في العاصمة بما فيها إطلاق النار عشوائيا في الهواء. كما وزعت النساء يوم تحرير ليبيا الورد على الثوار مطالبين بوقف إطلاق الرصاص ووضع الورود بفوهات البنادق. وكان المجلس الانتقالي الليبي قد طلب من بعض الثوار تسليم السلاح والعودة إلى المناطق والمدن التي جاؤوا منها، وكلها من خارج العاصمة بعد أن ساهموا في تحريرها وبقوا فيها، إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض من قبل بعضهم في ذلك الوقت.
وفي هذا الإطار قال العميد محمد هدية، مدير إدارة الأسلحة بالجيش الليبي بأنه سيتم التمكن من السيطرة على سحب السلاح بجمع الأسلحة والذخائر المتناثرة عن طريق القبائل والشيوخ والناس المعروفين. وكذلك عن طريق التعويض بالمال لتسليم الأسلحة؛ وإذا لم تتم الاستجابة لهذه الإجراءات فسيتم اتخاذ إجراءات صارمة وقوية ضد من يخالف الأوامر والتعليمات الصادرة بهذا الخصوص. كما نوه عبد الحكيم بلحاج، رئيس المجلس العسكري بطرابلس، بأنه سيتم سحب السلاح فور استتباب الأمن بالعاصمة.
نهاية القذافي وإقناع الثوار بالانسحاب من المدن
وبدوره قال السفير الليبي بلندن محمود الناكوع إن نهاية القذافي ومعاونيه ستساعد على إقناع الثوار، بأن الوقت قد حان لأن ينسحبوا من المدن وأن تسحب الأسلحة الثقيلة. ولكن ربما يأخذ هذا الأمر بعض الوقت حتى يتأكدوا من أن الطابور الخامس لا وجود له. إذ ثمة مخاوف بأنه قد يكون هناك بعض الناس الموالين للقذافي يستعدون للقيام بعمل تخريبي. ويعرب السفير عن اعتقاده أن العقول مهيأة للقبول بالأمر الواقع وتسليم المدن لرجال الأمن والبدء في تأسيس الجيش الليبي. "ومن يرغب في العمل العسكري ينضم إلى الجيش الليبي، ومن لا يريد ذلك يرجع إلى مكانه وينخرط في الحياة المدنية، وستكون هناك مرحلة ونشاط لما نسميه المرحلة الوطنية".
ويرى السفير أن القذافي قد ترك جروحا اجتماعية ونفسية كثيرة، وهناك بعض الحساسيات، وكل هذه تحتاج إلى ثقافة المصالحة. ويضيف بالقول: "والحمد لله أن في ديننا وثقافتنا ما يشجع على أن يرتقي الناس إلى مستوى المسؤولية والتسامح والعفو والترفع وتجاوز الكثير من المشاكل النفسية، وما جرى في عهد القذافي".
أما عصام الفيتوري، المنسق العسكري لتشكيل التحرير بطرابلس، فيرى أن الثوار سيرجعون إلى أعمالهم. ويضيف الفيتوري بأن كل من تحدث إليه يقول عندما تنتهي الحرب سنرجع إلى أعمالنا. ويطرح الفيتوري فكرة الاستفادة من العاطلين عن العمل بالدخول إلى الجهازين الأمني والعسكري قائلا: "الناس يكرهون السلاح؛ وبذلك سيسهل تجميعه"، مضيفا أن "الشعب الليبي طيب والناس يتواصلون مع بعضهم بعيدا عن لغة السلاح".
ترك السلاح العودة إلى الأعمال اليومية
وحين توجهنا إلى بعض المقاتلين وسألناهم عن آرائهم في قضية تسليم السلاح كانت ردودهم متباينة. فحمزة عمار أبو نعجة، من ثوار سوق الجمعة بالعاصمة طرابلس، يرى أن تسليم السلاح سيتم في غضون ثلاثة أيام أو أسبوع، على الأكثر، فالقضية مسألة وقت .أما المعتصم حشاد من ثوار فشلوم فله رأي آخر إذ يقول إن "تسليم السلاح لن يتم بهذه السرعة". ويضيف حشاد أن السلاح سيبقى في أيدي الثوار إلى حين استتباب الأمن، وعندها "سيرجع كل شخص إلى سابق عمله والطلاب إلى مدارسهم الثانوية وإلى جامعاتهم. وأن من يريد من الثوار الانضمام إلى الجيش أوالأمن الوقائي سيتم له ذلك. وتجميع السلاح سيتم عن طريق تشكيل التحرير الوطني".
علي زقروبة، من منطقة الدريبي والمنضوي في تشكيل التحرير الوطني 17 فبراير، يقول إن التشكيل يتبع المجلس الانتقالي، وهو يجمع كتائب الثوار في كتيبة تسمى بالجيش الوطني. ومن يرغب في الانضمام إلى الجيش فما عليه إلا الانضمام إلى هذا التشكيل الجامع، الذي تأسس في يوم 21 فبراير/ شباط بمدينة بنغازي من قبل العقيد مصطفى المجبري. وقد أصدر هذا التشكيل قرارا، في يوم مقتل القذافي، يقضي بأن "أي شخص يطلق رصاصة واحدة في الهواء سيتم القبض عليه وتحويله إلى التحقيق وسحب السلاح منه وأيضا بطاقته من الكتيبة التي ينضم إليها".
وكانت شركات الهاتف النقال الليبية ( ليبيانا والمدار الجديد وليبيافون ) قد أرسلت إلى زبائنها رسائل كتب فيها "إطلاق النار في الهواء لا يجوز ومن فعله فهو آثم وعليه إن تسبب في قتل أحد الصوم والعقوبة استنادا إلى فتوى الشيخ الصادق الغرياني ( مفتي ليبيا ) في حرمة إطلاق الرصاص في الهواء".
واختتمت أحدى الطبيبات العاملات بمستشفى الحوادث بالعاصمة الليبية طرابلس "ليت الشباب المسلح يعي خطورة الوضع ويقلل من استعمال السلاح وخاصة بإطلاقه في الهواء والضرب العشوائي". وتضيف الطبيبة أن الحالات التي تصل للمستشفى "تثير الفزع والعدد يتزايد كل يوم في الفترة الماضية إلا أنه بعد تحريم إطلاق النار تناقصت الحالات". وتعرب الطبيبة عن أملها في أن يتم "نشر ثقافة السلم والمصالحة حتى نقضي على المخاوف من وجود السلاح في أيادي شباب لا يدركون خطورة ذلك".
عصام الزبير – طرابلس
مراجعة: أحمد حسو