مبادرة نسائية من أجل دعم إستقلالية المرأة المصرية
٢٨ ديسمبر ٢٠١٥تضم مبادرة Femi-hub ثلاث فتيات هن: سهيلة محمد وسارة يسري ومي طراف، وانضم إليهن متطوعات ومؤيدات للفكرة، وهن مستقلات باستثناء مي طراف. وتهدف المبادرة إلى تشبيك الفتيات مع بعضهن البعض، وتوفير فرصة عمل أو مسكن لهن.
عن فكرة المبادرة، تقول الناشطة النسوية سهيلة محمد لـDW عربية "الفكرة نابعة من تجربة شخصية، لأنني اضطررت إلى ترك منزلي وعائلتي بحثاً عن تحقيق الذات، لأنني انتمي إلى عائلة محافظة". وتابعت: "واجهت مشكلات مادية خاصة بالبحث عن وظيفة ومسكن، لذلك فكرت في مبادرة لأشخاص من نفس ظروفي". وهي تعتبر أن المبادرات النسوية التي ظهرت في مصر حتى الآن لم تركز سوى على العنف والتحرش ضد المرأة، ولم يتطرق أحد لمشاكل المستقلات، ومن هنا جاءت الفكرة.
التشبيك وتشارك الخبرات
وعن كيفية عملهن وتواصلهن تقول: "عمل مجموعة تواصل على فيسبوك، لنشر فرص العمل والمسكن المتاح، وإنشاء مجموعات أخرى تضم عدداً معيناً يتم اختيارهن حسب ظروفهن، ويتم تجميعهن بشكل أسبوعي". وتضيف أن فكرة التواصل عبر الانترنت ليست كافية، لذلك يتم تجميعهن، وبسبب ضخامة العدد، يتم فصلهن إلى مجموعات. أمًا الطريقة الثانية، فهي عبارة عن قاعدة بيانات بأماكن عمل آمنة، لأن هناك عمليات نصب تتعرض لهن الكثيرات".
وعن شروط الانضمام إلى هذه المجموعات، تقول: "أن تنتمي إلى محافظة أخرى غير القاهرة والجيزة، وأن تكون مستقلة ماديا عن أهلها، وأن تحدد طبيعة احتياجاتها". وتشرح آلية الانضمام قائلة: "هناك استمارة إلكترونية مليئة بالأسئلة لمعرفة الفئة الموجهة واحتياجاتهن، ولمعرفة الوظائف والسكن المناسب". كما ينشر جروب المبادرة على الفيسبوك قصصاً لفتيات مستقلات، لإلقاء الضوء على معاناتهن والمشاكل التي تقابلهن.
وعن المشاكل التي واجهتهن، أشارت إلى أن المبادرة حديثة للغاية فلم يمض عليها سوى أسبوع، ومع ذلك فهناك مضايقات إلكترونية من نوع "أنهن يشجعن البنات على ترك أهاليهن". وأكدت أنها تدرك مسبقا مدى الهجوم التي ستتعرض له. ولكنها تشعر بالسعادة حتى الآن لأن "هناك رسائل دعم عديدة، سواء من البنات أو الولاد".
وتعمل سهيلة على ترويج الحملة، لتحسين صورة البنات المستقلات والعمل على تغيير نظرة المجتمع للمستقلات، ويدرك المجتمع معنى أن تكون بنت مستقلة. وأردفت: "هناك أهالي راضون عن هذا الاستقلال". وتأسف على تعمّد وسائل الإعلام المصرية تشويه صورة الفتيات المستقلات ونشر أفكار مغلوطة عنهن، على غرار أنها تركت منزلها للاستمتاع بالحرية. ولكنها ترى عكس ذلك مضيفة: "تركنا منزلنا لرسالة نبيلة وليس لتقضية الوقت".
البعد النفسي الأولوية القصوى
تطرقت سهيلة إلى أهمية الدعم النفسي بسبب بعدهن عن أهاليهن، لذلك تنظم نزهات لهن للدردشة والتعرف على مشاكلهن الخاصة.
م.خ، إحدى عضوات مجموعة المستقلات، وطلبت عدم ذكر اسمها لـ DW عربية، ترى أن المبادرة تمثل حلقة وصل لدعم الفتيات سواء النفسي أو المعنوي وأنها استفادت من المبادرة في البحث عن مسكن لها. وتقول إنها لا تبوح أمام أحد أنها تعيش لوحدها بعيدا عن أهلها، حتى لا تتوجه سهام النظرات إليها. وترى أن "المبادرة مهمة، لأنها مجمع للمغتربات والمستقليات لدعمهن، خاصة وأنها تواجه مشكلات من نوع التحرش اللفظي والجسدي".
وترى ريم منصور (25 عاما) ومستقلة عن أهلها، أن هناك تكافلاً بينها وبين فتيات يعشن نفس الظروف، ساهمت في وجود عامل أمان. وتفسر: "يوجد عامل أمان يحميهن من عمليات النصب على المغتربات، ويقلل من تكلفة المعيشة بإتاحته بدائل أوفر. وبالتالي، هي مبادرة أتاحت لي أماناً اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً".
المعنفات الأولى بالرعاية
وتحمل انتصار السعيد المحامية ومديرة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، رؤية مغايرة لـ DW عربية. حيث تعتبر أن الأهم والأولوية هي المرأة المعنفة، لأن الاستقلال هو عبارة عن بحث عن وظيفة ودخل، وهو مسألة اختيار. ولا تقلل من شأن المبادرة، ولكنها ترى أن الأولى بالرعاية هن المعنفات. وتقول: "لم نصل إلى مرحلة متقدمة حتى الآن، للحديث عن قضايا فرعية للمرأة، فما زال هناك تمييز ضد النساء".
الحرية المسئولة في مواجهة الحرية المفتوحة
ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتور سمير عبدالفتاح، في حديثه لـ DW عربية أن تأثير المبادرة يكون على الجمهور المستهدف، أي التركيز على المستقلات. ومن المحتمل أن تلعب هذه المبادرة دوراً جيدا لا سيما في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها معظم المستقلات. ومع ذلك يعتبر أن مثل هذه المبادرات تحمل شقاً إيجابياً وآخر سلبياً. فالشق الإيجابي يتمثل في حمايتهن ومساعدتهن في مواجهة الظروف الصعبة. أمًا الشق السلبي، إذا كان الهدف توجيه الفتيات لأهداف تضر الدولة مثل تجميعهن في أنشطة سياسية. ولكنه يؤيد المبادرة إذا كان هدفها الحقيقي البحث عن الحرية "المسئولة" وليس الحرية "المفتوحة" والوصول إلى الثقافة العامة.
ويعتبر أن من الأسباب التي دفعت إلى عدم الاهتمام بهذه الظاهرة، غياب علاقة منفتحة بين الذكور والإناث ونظرة جنسية لهن. ومع ذلك، يرى "أن ظهور مثل هذه المبادرة يعني أننا وصلنا لمرحلة متقدمة من دعم المرأة وحقوقها".