مبادرة "سأقود سيارتي بنفسي": محاولة لكسر طوق تقييد المرأة السعودية؟!
٢٦ مايو ٢٠١١بتهمة "التحريض وتأليب الرأي العام" أوقفت المواطنة السعودية منال الشريف لقيادتها السيارة بنفسها في شرق المملكة، فيما قامت سيدة سعودية أخرى بتكرار التجربة في مدينة الرس بمنطقة القصيم شمال غرب الرياض وأوقفت بدورها أيضا من قبل أجهزة الأمن لفترة وجيزة، وفقا لوسائل إعلام سعودية. وجاءت هاتان الواقعتان على خلفية حملة "يوم 17 يونيو - سأقود سيارتي بنفسي" على موقع الفيسبوك وهي حملة تقودها نساء ينوين القيادة في جميع أنحاء المملكة في 17 حزيران/يونيو، في محاولة منهن لكسر أحد تابوهات المجتمع المحافظ، وهو الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة .
ما بين مؤيد ومعارض
وشهدت صفحة "سأقود سيارتي بنفسي" العديد من التعليقات المختلفة ما بين مؤيد ومعارض لهذه الفكرة. إحدى المعلقات (عهود السحيباني) على هذه الدعوة تتساءل بالقول " شر البلية ما يضحك !! اللي يقولون إن قيادة المرأة أفضل من أن تركب مع سواق بدون محرم !!!!أساساً من قال إن ركوب المرأة مع السواق بدون محرم حلال ؟!!!! يعني تقارنون اثنين كلهم لهم نفس الحكم وهو التحريم اللي أعرفه إن المقارنة تكون بين شيئين متضادين وليسا متشابهين".
فيما علق عبد الله الشهراني على الصفحة: " قودوا السيارات ولكن اعلموا ما هي النتائج" . وعلق أبو الوليد اليوسف: "سأمنح أي أنثى، غررت بها الليبرالية، ثم تقابلني وهي تقود سيارتها في 17 يونيو تفة على جبينها ثم سأنحرف بكل ما أوتيت من قوة على سيارتها وسيقوم التأمين بملاحقتها لإصلاح سيارتي لعدم حملها رخصة قيادة ونشوف آخرتها يا بنو ليبرال ". فيما كتب خالد السهلي: " اتركوا للمرأة أن تقود، لماذا المرأة مهشمه في زاوية؟ لماذا في دول الخليج القيادة بالنسبة للمرأة متاحة ولم تحدث مشكلة...اتركوا العنان للمرأة لتنطلق بحرية إنها لا تطلب الكثير، إنما قيادة سيارة وبضوابط محدده". ويعكس بعض هذه التعليقات التفاعل المستمر من الجنسين ما بين مؤيد ومعارض في هذه الصفحة.
دعوات لإطلاق السراح
وقد رفع 315 مثقفا سعوديا خطابا إلى العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز طالبوه فيه بالتدخل للإفراج عن منال الشرف. وجاء في الخطاب "ابنتكم منال الشريف في السجن الآن دونما جرم ارتكبته فهلا رفعتم الظلم عنها ... كلنا يرجو عاجلا الحرية لمنال". من جهتها، قالت الناشطة وجيهة الحويضر التي كانت سباقة في تصوير نفسها وراء المقود ونشر شريط يظهر ذلك على الانترنت في 2008 ، إن "منال الشريف كانت تريد أن تثبت أنه من الممكن للمرأة أن تقود دون أن تتعرض للاعتقال". وقادت الشريف سيارة يوم الخميس الماضي وصورت نفسها، وبثت شريطا عن ذلك على موقع يوتيوب، وكانت الحويضر مع الشريف في سيارتها حينها. إلا أن منال أعادت الكّرة في اليوم التالي مع أخيها، فأوقفت لساعات ثم أفرج عنها قبل أن يقبض عليها مجددا السبت الماضي. وفي هذا السياق توضح الأديبة السعودية د.ثريا العريض أن "جزءا كبيرا من النساء والفتيات المتعلمات يرغبن في أن يتمتعن بكامل الحقوق، بما في ذلك حق قيادة السيارة رسميا، دون أن يتعرضن لعقبات واحتجاجات اجتماعية"
ضغط اجتماعي ؟!
في الوقت ذاته، أشارت الأديبة السعودية إلى أنه "داخل البلاد لا يوجد في قوانين المرور ما يمنع المرأة من القيادة، ولكن ما يمنعها هو تخوف المجتمع أو بعض فئات داخله، مما سيحدث إذا قادت المرأة السيارة، هل سيتركها الرجل تقود بسلام؟ هل ستتعرض إلى مضايقات؟ حق قيادة السيارة حق لكل مواطن سواء داخل السعودية أم خارجها "
وتعليقا على الموقف القانوني للمرأة السعودية في حالة قيادتها للسيارة بنفسها توضح د.ثريا العريض أن" الموقف القانوني ضبابي حتى الآن. ليس هناك في قانون المرور ما يحدد بوضوح أن المرأة لا تستطيع قيادة السيارة أو أن الرجل فقط هو المسوح له بالقيادة، ولكن ليس هناك أي مجال للمرأة السعودية أن تحصل على رخصة قيادة سعودية. واللاتي يسقن السيارة يعتمدن على رخص قيادة حصلن عليها من الخارج، سواء دولية أو أجنبية".
وترى إحدى الناشطات في مجال حقوق المرأة، وهي سورية تعيش حاليا داخل السعودية، رافضة ذكر اسمها علانية، أنه بالرغم من أن هذه الدعوة أو المبادرة لقيادة النساء للسيارات ليست بجديدة، حيث قامت عدة نساء عام 1990 في العاصمة الرياض بقيادة السيارة وتم القبض على بعضهن وسحب جوازات سفرهن، إلا أن "كل شيء في هذه الدنيا يتطور وكما يقال "لا يموت حق وراءه مطالب" أو الطفل عندما لا يبكي لا ترضعه أمه. لعل المرأة السعودية تقارن نفسها بالنساء الأخريات خارج المملكة وتتساءل لماذا لا تتمكن هي أيضاً من ممارسة القيادة".
ومن الأوضاع التي قد تكون غريبة إلى حد ما لمن لا يعيش داخل الأراضي السعودية أنه يسمح للمرأة أن تستقل السيارة وبها سائق دون محرم. وتعلق الناشطة السورية على هذا الوضع بالقول: "عندما تكون المرأة برفقة سائق اختاره الأب أو الزوج وهو يعمل لديه ويعرف عنه معلومات كافية يختلف الأمر، أما عندما تخرج إلى الشارع بمفردها وتقود سيارتها فقد تتعرض لحادث أو حتى لمعاكسات سيصعب عليها التعامل معها، لأنها لم تتعود على هذا النوع من المشكلات. وهناك دوما حالات شاذة في كل مكان، وقد تأتي هذه المشكلة من السائق نفسه"
وتشير د.ثريا العريض إلى أنه "لا يوجد في الشريعة أو القرآن ما يحدد بوضوح عدم شرعية قيادة المرأة للسيارة، كله من باب سد الذرائع. وإذا ما فتح هذا الباب سينتهي بمنع استنشاق الهواء لأنه قد نستنشق سماً"، آملة في أن يتخذ في موضع قيادة المرأة للسيارة " قرار مستدام وليس مؤقتا لصالح فئة ما "، متسائلة في الوقت ذاته عن "جدوى وشرعية السماح باستخدام المرأة لسائق دون محرم؟" وهو الأمر الذي تقبله واعتاده المجتمع السعودي.
وردا على مبادرة "سأقود سيارتي بنفسي" دشنت على موقع الفيسبوك حملة "العقال يوم 17 يونيو" ضد قيادة المرأة السيارة. وتدعو هذه الحملة إلى حمل العقال لضرب كل امرأة تقدم على قيادة السيارة بنفسها. وشهد هذا الموقع المناهض أيضا سجالا الكترونيا ما بين مؤيد ومعارض لهذه الفكرة.
هبة الله إسماعيل
مراجعة: منى صالح