ما هي إنعكاسات العقوبات الأوروبية الجديدة على إيران؟
٢٦ يناير ٢٠١٢قرر الاتحاد الأوروبي وقف واردات النفط الإيرانية، وفرض سلسلة من العقوبات ضد إيران. وأعلن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك في بروكسل أن السبب يعود " لقلق حقيقي متزايد من البرنامج النووي الإيراني". وينص القرار الأوروبي على حظر فوري لأية عقود نفطية جديدة بين الدول الأوروبية وإيران. كما يقضي بإلغاء العقود المبرمة خلال مرحلة انتقالية تبدأ في الأول من تموز/يوليو المقبل. وتعد هذه المهلة الزمنية فترة انتقالية لصالح اليونان وإيطاليا وإسبانيا حتى تتمكن من إيجاد أسواق بديلة، لأنها تغطي إلى حد الآن أكبر قسط من حاجياتها النفطية بالنفط الإيراني.
وتبيع إيران نحو عشرين في المائة من نفطها لدول الاتحاد الأوروبي، وخصوصا اليونان وايطاليا واسبانيا. كما نص القرار الأوروبي على وقف تجارة الذهب والألماس مع إيران. والسبب خلف هذه الإجراءات القوية يتمثل، حسب تصريح وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله، في عمل إيران بطريقة سرية على تطوير قنبلة نووية: " تسلح نووي لن يكون خطرا على الوضع في المنطقة فحسب، بل أيضا على العالم. وعليه يكون من الصحيح أن يتخذ الاتحاد الأوروبي الآن قرارات تجفف منابع تمويل البرنامج النووي الإيراني".
فرض عقوبات مع إيجاد بدائل للدول التي تعتمد على النفط الإيراني
ويبدو أن العقوبات المفروضة إلى حد الآن على طهران لم تأت بمفعول ملحوظ . غير أن وزير الخارجية الدنماركي والرئيس الحالي لمجلس الوزراء الأوروبي فيلي سوفندال يعتقد أن العقوبات الجديدة ستؤثر، حين قال :"إنني متأكد من أن العقوبات ستأتي بالمفعول، وستحرج القيادة الإيرانية". وإذا كان حظر استيراد النفط سيضر بإيران، فإنه قد يجلب أيضا الضرر للأوروبيين أنفسهم، أو على الأقل لبعض البلدان مثل اليونان المنهكة بأزمة ديونها، والتي تستورد ثلثي مجموع حاجياتها النفطية من إيران.
وهذا ينطبق أيضا على إيطاليا وإسبانيا، وبالتالي نجد أن مندوبة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية كاثرين أشتون أوضحت أن الاتحاد الأوروبي سيأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار، وقالت: " إنه من المهم أن نعرف كيف ستؤثر العقوبات على بعض البلدان، وليس فقط على البلد الذي ُفرضت ضده. سنتحقق من النتائج. وبالطبع سنتحدث مع دول أخرى منتجة للنفط لتأمين التزود بالنفط للجميع".
وإذا كانت إيران تصدر القسم الأكبر من نفطها إلى آسيا، فإن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سعت بشكل متواز إلى إقناع الدول الآسيوية مثل الهند بالحد من وارداتها من النفط الإيراني. ويفترض أن تقوم دول أخرى منتجة للنفط، لاسيما في الخليج، بالتعويض عن إمدادات إيران للدول الأوروبية التي تعتمد عليها. ولطمأنة اليونان ستناقش الدول الأوروبية القضية مجددا في الربيع المقبل. وذكر بيان الاتحاد الأوروبي أن وزراء الخارجية الأوروبيين "يتعهدون بالعودة إلى مسألة الدول الأعضاء التي تستورد كميات كبيرة" من النفط الإيراني في نيسان/ابريل المقبل على أبعد تقدير.
ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز البحري
ولكن ما المتوقع إذا أقدمت إيران على تنفيذ تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز البحري؟ فإيران يمكن لها بذلك أن تسد الطريق في وجه السفن القادمة من دول الخليج إلى البلدان الغربية. غير أن وزير خارجية السويد كارل بيلد فند أي يرى أنه لا داعي للقلق ويقول:" أعتقد أن الإيرانيين لن يقدموا على فعل ذلك، لأن ذلك لن يكون مجديا بالنسبة إليهم. فإذا كانوا مهتمين بصادراتهم، فإن تلك الصادرات تمر عبر هرمز. إذن ذلك سيضرهم أكثر منا".
ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز الضغوط على إيران لتوافق الأخيرة على إعادة النظر في برنامجها النووي المثير للجدل الذي يهدف برأي الغربيين إلى الحصول على قنبلة ذرية. وتؤكد طهران أن برنامجها له أهداف مدنية محضة. أما العقوبات التي تستهدف المصرف المركزي الإيراني، فتنص على تجميد أصوله في أوروبا وحظر جزئي للتعاملات معه. وكانت مندوبة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية كاثرين أشتون صرحت الاثنين في بروكسل "سنضع اللمسات الأخيرة على العقوبات ضد المصرف المركزي والصادرات النفطية لإيران لحملها على أخذ عرضنا العودة إلى طاولة المفاوضات على محمل الجد".
واستهدفت العقوبات الأوروبية المفروضة إلى حد الآن البرنامج النووي الإيراني، غير أن العقوبات الأوروبية الجديدة تستهدف أيضا الاقتصاد الإيراني. وبفرض حظر على النفط الإيراني يملك الأوروبيون أداة ضغط قوية ضد طهران، لأن الأوروبيين يستوردون حوالي 6% فقط من حاجتهم إلى النفط من إيران. لكن الاتحاد الأوروبي يظل إلى جانب الصين أهم شريك تجاري لإيران. والبضاعة الأهم في الميزان التجاري هي النفط.
كريستوف هاسلباخ/ محمد المزياني
مراجعة: منى صالح