ما تأثير صعود الخضر في سويسرا على سياسة الهجرة واللجوء؟
٢٢ أكتوبر ٢٠١٩"نتائج تاريخية وتحولات هائلة، فتقدم الخضر بنسبة هكذه أمر لا يصدق ونادر الحدوث في سويسرا"، هكذا يصف المحلل السياسي لوكاس غولدر نتائج الانتخابات البرلمانية في سويسرا، في مداخلة له على التلفزيون السويسري.
ففي الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم الأحد (20 تشرين الأول/أكتوبر) حصل حزب الخضر على 13,2% من الأصوات، ليزيد عدد مقاعده في مجلس النواب السويسري من 11 إلى 28 مقعداً، وبذلك أصبح حزب الخضر (يسار) رابع أكبر حزب في مجلس النواب، أمام الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط)، ويسبقه الحزب الليبرالي (يمين) بمقعد واحد فقط.
"أكبر مكاسب للخضر منذ 100 سنة"
ورغم بقاء حزب الشعب السويسري (اليميني الشعبوي) القوة السياسية الأولى في البلاد، بحصوله على 25,6 بالمئة من الأصوات، إلا أن تراجع التأييد له يعتبر "فشلاً للحزب"، كما يقول المحلل السياسي أوسكار ماتسوليني، الخبير في اليمين الشعبوي، لفرانس برس. وكان الحزب قد حصل على 29 بالمئة في انتخابات 2015.
وقد عبّر المذيع في التلفزيون السويسري، أورس لويتارد، عن اندهاشه من نتائج الانتخابات، وكتب على تويتر: "يا له من يوم انتخابي: أكبر مكاسب لحزب الخضر منذ 100 سنة (...) وأقل أصوات لحزب الشعب (اليميني الشعبوي) منذ عام 1999".
وبهذه النتائج بات بإمكان الخضر أن يطمحوا لأول مرة في تاريخهم لدخول الحكومة السويسرية، إذ تتقاسم الأحزاب الرئيسية المقاعد الوزارية السبعة في سويسرا وفق نظام محاصصة.
ويهيمن تيار اليمين على المجلس الوزاري السويسري على الشكل التالي: مقعدان لحزب الشعب السويسري (يمين) ومقعدان للحزب الليبرالي (يمين) ومقعدان للحزب الاشتراكي (يسار) ومقعد للحزب المسيحي الديمقراطي (وسط).
لكن دخول هذا المجلس لن تكون مهمة سهلة للخضر، كما يرى الخبير بشؤون سويسرا، آشتي أمير. ويتابع أمير لمهاجر نيوز: "رغم تغير لون المقاعد في البرلمان إلا أن المشكلة هي أن التغيير على المجلس لا يتم بسرعة بل قد يستغرق سنوات، ليتبين فيما إذا كان صعود الخضر موجة مؤقتة، أم أن حزب الخضر سيصبح ذو قاعدة شعبية مستقرة".
"تأثير محدود"
ويرى أمير، المختص بسياسة الهجرة واللجوء، أن صعود حزب الخضر سيؤثر على سياسة اللجوء، لكن بشكل محدود، على حد تعبيره. ويضيف الخبير لمهاجر نيوز: "قد يتم التوصل إلى توافقات لمصلحة المهاجرين واللاجئين لكن ليس بالشكل الكبير الذي قد يتم تصوره".
ويوضح أمير: "قبل أشهر دخلت تعديلات جديدة (متعلقة بالهجرة واللجوء) حيز التنفيذ، وهذا التعديلات كان يقف وراءها الحزب الاشتراكي ويدعمهم الخضر، ولذلك لا أعتقد أنهم سيجرون تغييرات أخرى على تغييراتهم التي لم يمض على دخولها حيز التنفيذ سوى وقت قصير".
وبحسب التعديلات الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ بداية العام الجاري، تم تسريع البت بطلبات اللجوء بحيث يتم خلال بضعة أشهر، كما تم تسهيل دخول اللاجئين في سوق العمل السويسري من خلال تسهيل الحصول على رخصة عمل، بالإضافة إلى مضاعفة المبلغ المخصص لاندماج كل لاجئ من 6 آلاف فرنك سويسري إلى 18 ألف فرنك (نحو 16300 يورو).
"الخضر سيركز على ملف المناخ وليس الهجرة"
أما السبب الثاني لـ"عدم تفاؤل" الخبير بأن تطرأ تغييرات كبيرة في ملف الهجرة واللجوء، كما يقول، هو أن "المسيطر على هذا الملف حالياً هو الحزب الليبرالي الذي يتخذ موقفاً متشدداً تجاه المهاجرين".
وعلى عكس حزب الشعب السويسري والحزب الليبرالي، ينتهج حزب الخضر سياسة لجوء مناصرة للمهاجرين واللاجئين. ويطالب الخضر بتنظيم وضع طالبي اللجوء المرفوضين والذين يتعذر إعادتهم إلى بلدانهم لأسباب إنسانية أو قانونية، وذلك بعد مرور أربع سنوات من وجودهم في سويسرا. كما يؤكد على ضرورة المشاركة في عمليات إنقاذ المهاجرين من الغرق في البحر وتوفير المزيد من طرق اللجوء القانونية، واستقبال عدد أكبر من اللاجئين.
لكن حزب الخضر "لن يركز على ملف اللجوء بالدرجة الأولى"، كما يرى آشتي أمير. ويشرح الخبير: "صعود حزب الخضر كان بفضل ملف حماية البيئة والمناخ، ولذلك سيعمل الحزب على إجراء تعديلات وتمرير قوانين تخض هذا الملف بالدرجة الأولى"، ويتابع: "في هذه الانتخابات كان ملف المناخ هو الطاغي وليس ملف الهجرة واللجوء، كما كان الحال في الانتخابات السابقة".
"لن تصبح قوانين اللجوء أسوأ"
ولعل السبب في أن ملف اللجوء أصبح "ملفاً ثانوياً" الآن، بحسب آشتي، هو انخفاض أعداد المهاجرين واللاجئين القادمين إلى سويسرا بشكل ملحوظ، مقارنة بالسنوات السابقة. وبحسب إحصائيات المكتب الفدرالي للهجرة في سويسرا، وصل عدد طالبي اللجوء في سويسرا في عام 2015 إلى نحو 39500 طالب لجوء، بينما انخفض هذا العدد إلى نحو 15000 شخص في عام 2018. ومنذ بداية العام الجاري حتى نهاية حزيران/يونيو بلغ عدد طالبي اللجوء في البلاد نحو 7 آلاف شخص. ويعيش في سويسرا بالإجمال نحو 125 طالب لجوء ولاجئ، بينهم نحو 60 ألف لاجئ معترف بهم، معظمهم من إريتريا وسوريا.
لكن الشيء الإيجابي لصالح ملف الهجرة واللجوء في نتائج الانتخابات البرلمانية، بحسب الخبير، هو "فقدان تيار اليمين للأغلبية المطلقة في البرلمان، وهو ما سيجعل اتخاذ قرارات أكثر تشدداً تجاه المهاجرين صعباً جداً، وهذا بحد ذاته شيء إيجابي"، كما يرى أمير.
محي الدين حسين - مهاجر نيوز