ماذا يكمن خلف دخول مصر للتحالف السني الجديد؟
١٦ ديسمبر ٢٠١٥ما زال الغموض يكتنف التحالف السني الجديد لمحاربة الإرهاب، فبعد إعلان المملكة العربية السعودية عن تشكيل حلف موسع يضم 34 دولة، أكد المتحدث باسم الخارجية التركية تانجو بلجيج الأربعاء في 16 من كانون الأول / ديسمبر أن "التحالف المناهض للإرهاب والذي تقوده السعودية، مهم على صعيد التنسيق العسكري والمخابراتي، إلا أنه لا توجد خطط لإنشاء قوة عسكرية تركية في إطار هذا التحالف".
من جهتها أكدت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية في بيان لها، نشر على موقعها الالكتروني بأنها "لم تكن على علم، لا من قريب ولا من بعيد، بموضوع إنشاء تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب، وأنّه لم يرد إليها في أي سياق وأي مجال أية مراسلة أو مكالمة تشير إلى موضوع إنشاء هذا التحالف، وأنه لم يتم التشاور معها، لا خارجياً كما تفرضه الأصول، ولا داخلياً كما يفرضه الدستور".
وبالرغم من حالة الخلاف التي طبعت بعض الدول الأعضاء التي تمت تسميتها داخل التحالف الجديد لمواجهة الإرهاب، يرى مراقبون أن هذا التحالف السني سوف يصب في صالح النظام المصري الحاكم، وذلك بعد إعلان السعودية عن دعم اقتصادي كبير للدولة المصرية.
الاتفاق يصب في صالح مصر
وكانت وكالة الإنباء السعودية الرسمية (واس)، قد تحدثت عن نية الحكومة السعودية في استثمار ما يزيد على ثلاثين مليار ريال سعودي (ثمانية مليارات دولار) في جمهورية مصر العربية، كما "ستساهم في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات، ودعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية".
الخبير والمحلل المصري سامح راشد أكد في حوار مع DWعربية أن السلطة في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي لها مصلحة كبيرة في وجودها دخل الحلف الجديد، وذلك لأن النظام المصري يسعى "للترويج لنفسه خارجيا لاستمداد الشرعية أو القبول الخارجي".
ويأتي الدعم الجديد رغم الانخفاض الكبير في أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 والذي يمثل قرابة تسعين بالمئة من إيرادات المملكة. كما إن مصر تشكل جزءا من التحالف العربي الذي تقوده السعودية منذ آذار/مارس الماضي، ضد الحوثيين دعما للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
التعهد السعودي يأتي في إطار سلسلة من الخطوات الداعمة لمصر والسيسي، كانت السعودية قد أعلنت عنها منذ عزل الرئيس محمد مرسي عام 2013 ، حيث قدمت بداية حزمة مساعدات بقيمة خمسة مليارات دولار لمصر، تضمنت ملياري دولار كمنتجات نفطية وغازية، ومليارين كوديعة، ومليار دولار نقدا.
المصالح المادية ... الدافع الوحيد؟
وفيما يخشى بعض المصرين من تورط مصري عسكري في الخارج، ويعتبرون الدعم الاقتصادي السعودي نوعا من الارتزاق السياسي والعسكري، يرأى اللواء المتقاعد طلعت مسلم في حوار مع DWعربية أن "المشاركة المصرية مهمة لأنها تساهم في الدفاع عن خطر عالمي يهدد الجميع"، وقال اللواء المتقاعد إن مساهمة مصر لم تكن من دافع مادي فقط، بل جاءت نتاج تقارب مصري لسعودي في محاربة الإرهاب، وهو ما ساهم في سرعة الاستجابة والدخول في الحلف الجديد"، ويرى مسلم أن دخول مصر للتحالف هو "ميزة للمملكة العربية السعودية بوجود دولة بحجم مصر داخل هذا التحالف الدولي" ، إلا أنه شدد على أن "السعودية تعلم أن مصر غير قادرة أيضا على تحمل أعباء اكبر من طاقتها، نتيجة الظروف الراهنة التي تعيشها".
من جهته يرى المحلل السياسي سامح راشد أن "وصف البعض لدخول مصر للتحالف بأنه نوع من الارتزاق السياسي، هو موقف خاطئ"، وأضاف راشد أن الارتزاق يكون عندما تقاتل مجموعة بدافع المال فقط دون النظر إلى الأهداف والمبادئ، وهو أمر لا ينطبق على حالة مصر في دخول هذا التحالف، فبالرغم من أن المساعدات السعودية لها تأثير داخلي كبير على الحياة المصرية من ناحية تخفيف الأعباء على المواطنين، وتؤثر ايجابياعلى الاقتصاد المصري الداخلي، في ظل "سوء الادارة الداخلية" ،خاصة بالنسبة للملف الاقتصادي، إلا أن التوجه المصري لم يكن "بدافع المال فقط" بحسب رأي الخبير. وقال راشد إن "التقارب في وجهات النظر بين الحكومة المصرية وبين السعودية في اعتبار الإرهاب عدوا خارجيا، ساهم أيضا -إضافة إلى ألأموال - في توافق سريع للدخول في التحالف الجديد".
تغير السياسة السعودية
ويرى الخبير المصري أن هنالك "تسابقا بين الحكومات العربية بشكل عام، والسعودية بشكل خاص، من أجل الظهور في صف محاربي الإرهاب أمام الجميع"، و بحسب راشد فإن "الوضع الدولي الخاص للسعودية بكونها متهمة ، يجعلها تلجا لتكوين حركات سياسية سريعة، من أجل الظهور بمظهر المحارب للإرهاب، وهو ما قد يجعل البعض لا يفهم تصرفاتها" . كما يرى الخبير المصري أن البعض لم يفهم أن التركيبة السياسية داخل العائلة الحاكمة وداخل النظام السعودي تغيرت بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز وهو ما يجعل البعض يتهم السياسة السعودية "بالمبالغة". وقال راشد إن الغموض الذي يحيط بطبيعة التحالف السني بقيادة السعودية يجعل من هذا الإعلان أقرب للسياسة الدعائية منه إلى التحالف الفعلي على أرض الواقع.
ويعتقد المحلل المصري راشد أن "التباين الكبير بين الدول المشاركة يجعل من أي تحرك عسكري تحركا عقيما وذلك لاختلاف الرؤى والاتجاهات بين الدول المشاركة. وتساءل قائلا: "لو قام هذا التحالف بإرسال قوات مسلحة للقتال في سوريا فمن ستحارب ؟ بشار أم داعش أم النصرة أم جماعات أخرى؟".
التحالف العربي والتحالف السني
ويرى راشد أن هنالك فرقا كبيرا بين الظروف المحيطة بنشأة التحالف العربي بشأن اليمن والتحالف السني الجديد. فالتحالف العربي تم تشكيله من أجل هدف محدد وهو اليمن، وكان العدو واضحا، كما أن مكان العمليات يتم ضمن نطاق جغرافي واضح، "مثل هذه الأمور لا تتوفر في التحالف الجديد"، وقال راشد إنه "على نطاق أضيق لم ينجح العرب في تشكيل قوات عربية مشتركة وذلك لاختلاف الرؤى" ، ولذلك فإن نجاح هذا التحالف السني ضمن المعايير والظروف الحالية "هو أمر شبه معدوم".