مأساة اللاجئين بكاليه ـ عجز أمام طوفان الهجرة غير الشرعية
٢ أكتوبر ٢٠١٤صورة شبيهة بمشهد من أفلام هوليوود: بالقرب من نقطة خروج كاليه في الطريق السريع المؤدي إلى النفق الذي يربط أوروبا ببريطانيا، تركض مجموعة من الناس باتجاه إحدى سيارات الشحن الكبيرة، لتقفز داخلها وتختبئ فيها. إنه المشهد الذي يتكرر باستمرار في هذه المنطقة. يقول أحد سائقي الشاحنات المتوجهة إلى بريطانيا والقادم من شرق أوروبا في حوار مع DW: "من لم ينجح في التسلل إلى الشاحنة، فإنه يقفل الباب من وراءه حتى لا ينكشف الأمر". سائق سيارة الشحن هذا شاهد حالات كثيرة مشابهة أثناء تواجده في كاليه، ويضيف قائلا: "نحن نتحمل المشاكل بسبب هذه الحالات خاصة مع شرطة الحدود البريطانية. علينا دفع غرامات كبيرة، إذا ما قبضوا على أحدهم داخل شاحناتنا، والشرطة الفرنسية لا تساعدنا على حل المشكلة".
لقد أصبحت مشكلة اللاجئين في كاليه خارج سيطرة الشرطة الفرنسية، وذلك بسبب الارتفاع المتواصل لأعداد اللاجئين، إذ سجلت أكثر من 8000 حالة هروب هذا العام، وهي أكثر من الحالات المسجلة في العام الماضي بأكمله. وتعتقد السلطات الفرنسية أن هنالك 1500 لاجئ يحاولون باستمرار الهروب إلى بريطانيا بصورة غير شرعية في كاليه.
"رحلة عبر الجحيم"
أحد هؤلاء اللاجئين يمني الجنسية، لم يفصح عن اسمه لـ DW، وقد فشلت محاولته السابقة لأن كلاب الشرطة الخاصة بالتعقب عثرت عليه. ويضيف هذا اللاجئ في حديثه مع DW، "لقد عانينا الكثير لكي نصل إلى هذا المكان، وخلال عبورنا إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط بقينا دون طعام وشراب. مررنا عبر الجحيم للوصول إلى أوروبا، وأسوء ما شاهدناه في هذه الرحلة هو المرور عبر ليبيا، حيث الحرب والقتل العشوائي والقتلى والميليشيات والعصابات والتعذيب".
وعند وصولهم إلى كاليه، يجدون أمامهم وضعا مزريا، فالطعام الذين يحصلون عليه عبارة عن حساء من اللحم وبعض قطع الخبز القديمة ونصف موزة. وهي وجبة الطعام الوحيدة التي توزعها المنظمات الإنسانية في عين المكان. ولا توجد مساعدات أكثر للاجئين في كاليه، لأن الحكومة الفرنسية قررت قبل 12 عاما إزالة مخيمات اللاجئين التابعة لمنظمة الصليب الأحمر في المنطقة. ولذلك يطالب كلير ميلوت من منظمة "سلام" الإنسانية التي ترعى اللاجئين بأن تتدخل الدولة أو المدينة لتوفير سكن ملائم للاجئين.
"العيش في أدغال كاليه"
لكن إدارة المدينة تخشى إقامة مبان خاصة لإيواء اللاجئين، لأنها تعتقد أن هذا الإجراء قد يشجع على قدوم آخرين إلى كاليه. وأوضح نائب عمدة المدينة فيليب ميغنونيت قائلا: "منذ 15 عاما ونحن نواجه المشكلة بمفردنا. كل أوروبا تنتقدنا. من السهل أن تقول لغيرك أن تفعل هذا أو ذاك، لكن عليكم أن تقدموا أيضا شيئا من جانبكم".
وتجبر إدارة المدينة من فترة لأخرى على إزالة المساكن غير الشرعية للاجئين المتناثرة على أطراف المدينة والتي يطلق عليها "أدغال كاليه". وتنص الاتفاقيات الأوروبية الخاصة بقانون اللجوء بأن يقوم المهاجر بتقديم طلب اللجوء في أول دولة أوروبية يدخلها، لكن معظم اللاجئين يرفضون البقاء في ايطاليا أو قبرص أو بلغاريا، ولذلك يقررون إتمام مسيرتهم إلى دول أكثر تطورا اقتصاديا. لكن مسيرتهم قد تنتهي في منطقة كاليه الفرنسية.