لمصلحة من إفراغ المنطقة العربية من مسيحييها؟
٦ سبتمبر ٢٠١٣يقول الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، في حوار مع DW عربية، إن المسيحيين العرب شأنهم شأن باقي شعوب الشرق الأوسط يتعرضون للتحدي "الأمني والسياسي" بشكل متفاوت بين بلد وآخر. ويشير إلى تحديات نمت في الفترة الأخيرة كـ "الهجوم على المسيحيين والكنائس في بعض البلدان العربية".
"تهجير المسيحيين أمر مخيف"
ويضيف الأب رفعت أن تهجير المسيحيين من بعض المدن والقرى تبعا لثورات عربية طرأت "أمر أصبح مخيفا" لأن هناك تنام لحركات التعصب والتطرف والانغلاق التي لا ترى في "التعددية غنى بل عداء وخلافات". ويؤكد الأب رفعت أنه في سوريا على سبيل المثال "لا يمكن حصر عدد الأشخاص الذين هجروا، ليس فقط لأنهم سوريون ويعانون ما يعانيه إخوتهم السوريين بل لأنه مسيحيون".
وردا على سؤال حول أقباط مصر، يقول الأب رفعت بدر ، إن هناك وضعا جديدا طرأ على الأقباط كهدم الكنائس بحجة تبرير مآرب سياسية، ولكن "حاليا الأمور تبشر بالعودة إلى الهدوء والتكافل والعيش المشترك". ويخلص الأب رفعت بدر إلى القول بأن حل قضايا المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط هو عن طريق "تعزيز قيم المواطنة" بغض النظر عن الاختلاف الديني.
إلى ذلك يرى المطران جان سليمان رئيس أساقفة بغداد للاتين في حوار مع DW عربية، أن من أهم أسباب اضطهاد المسيحيين في المنطقة العربية هو عجز مجتمعاتها عن "مواجهة الحداثة" التي تعني احترام الآخر والاعتراف بالإنسان الحر والمواطنة.
"الشعوب العربية تأذت وتألمت من حكامها"
ويقول إن العالم العربي الآن في "حالة عجز" والشعوب العربية ربما "تأذت وتألمت" من حكامها أكثر مما تألمت من الغرب. ويضيف المطران سليمان أن المجتمعات العربية بحاجة إلى إعادة اكتشاف الفرد الحر "فالديمقراطية مواطنة ومشاركة تتطلب أن يكون الإنسان حرا كما أن المسيحي يحتاج إلى الدولة العادلة، دولة القانون".
وردا على سؤال حول أوضاع المسيحيين في العراق يؤكد رئيس أساقفة بغداد للاتين أن العراق عاد في السنوات الأخيرة إلى الوراء بـ "الفكر والتعصب" وجرى اضطهاد المسيحيين في مناطق معينة وبأوقات معينة. ويضيف أنه ليس فقط المسيحي "مهدد" في العراق بل معظم الأقليات كالإيزيدية و الصابئة والتركمان وغيرهم.
من جهته يقول الأب حنا كلداني الأمين العام للمؤسسات التربوية المسيحية في الأردن، في حوار مع DW عربية، إن المسيحيين في البلاد العربية هم جزء قديم ورئيس من النسيج الاجتماعي، والتحديات التي يواجهونها هي كبقية التحديات التي تواجه كافة المواطنين، من مختلف الأديان والعرقيات.
ويرى أن "الوجود المسيحي في خطر كوجود المنطقة كلها". ويشير الأب كلداني إلى أن "الخطر الأكبر هو إنسانية الإنسان التي غدت ترى في الآخر ذئبا لا حملا، والجار عدوا لا صديقا"؛ ويستدرك قائلا إن "الوجود المسيحي بخير ما دام الإنسان بخير في الوطن العربي الكبير".
"مسيحيو الشرق متمسكون بجذورهم التاريخية"
ويقول الإعلامي والمؤرخ الأردني، الدكتور جورج طريف، في حوار معDW عربية، إن جذور المسيحيين وعلاقتهم بالمنطقة العربية تعود إلى بداية الفترة التي بشر فيها السيد المسيح بالدين المسيحي. ويضيف أنه عندما أصبحت هذه المنطقة تحت الحكم العربي الإسلامي اعتنق الكثير من القبائل المسيحية الدين الإسلامي وانتهى العهد الذي كان يشكل فيه المسيحيون أكثرية إلا أنهم عاشوا بأمن وسلام مع إخوانهم المسلمين طيلة القرون الماضية.
ويرى طريف أن العقدين الماضيين شهدا تحديات كبيرة واجهها المسيحيون العرب، والأمثلة على ذلك كثيرة، "فمنذ الاحتلال الأميركي للعراق، والمسيحيون يتعرضون للقتل والإرهاب والاعتداء على بيوتهم وهدم كنائسهم والاعتداء على رجال الدين المسيحيين، الأمر دفع معظم مسيحيي العراق للهجرة وكذلك الأمر في مصر وسوريا هذا عدا عما يتعرض له المسيحيون في القدس من اضطهاد وهدم بيوت والاستيلاء على الأراضي والتهجير القسري".
وينهي الإعلامي والمؤرخ الأردني حديثه بالقول إن معظم مسيحيي الشرق متمسكون بجذورهم التاريخية ويفخرون بعلاقاتهم مع إخوانهم المسلمين ويعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي العربي لكن "علينا أن نعترف بالمقابل أن أعدادا لا بأس بها من المسيحيين يفكرون في الهجرة إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه".