لماذا يشعر الأوروبيون بالعجز أمام ترامب في الملف الإيراني؟
٩ مايو ٢٠١٩يشعر الاوروبيون بالعجز إزاء رغبة واشنطن في الإطاحة بالنظام الإيراني، لأن ليس لديهم أي تأثير على الرئيس دونالد ترامب، كما أن مصداقيتهم ضعيفة لدى طهران بسبب عجزهم عن تعويض اقتصادها عن ما خلفته العقوبات الأميركية من أضرار.
وقال العديد من المسؤولين الأوروبيين إن حظوظ إنقاذ الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني المبرم في 2015، "تتضاءل أكثر فأكثر". وقال أحد هؤلاء المسؤولين بعد جدل حاد في بروكسل بين المفوض الأوروبي للطاقة ميغيل أرياس كانيتي ووزير الطاقة الأميركي ريك بيري، "النقاش متعذر مع الإدارة الأميركية حول إيران وحول المناخ ومشروع أنابيب الغاز "نورد ستريم2" لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا، لأن الرئيس ترامب يرفض تغيير موقفه".
والأمل الوحيد في انقاذ الاتفاق يتمثل في إقناع القادة الإيرانيين بالاستمرار في احترام تعهداتهم.
من جانبه، قال مسؤول أوروبي آخر رفيع المستوى "حتى الآن، ما أعلنته إيران لا يشكل انتهاكا أو خروجا عن الاتفاق النووي" لكن "الوضع يثير قلقا بالغا".
وأبدت طهران نيتها استئناف أنشطتها بلا حدود على مستوى تخصيب اليورانيوم اذا لم يتمكن شركاؤها في الاتفاق، الأوروبيون وروسيا والصين، من إيجاد حل خلال ستين يوما للسماح لها بتجاوز التداعيات الاقتصادية للعقوبات التي فرضتها واشنطن.
فيما قال مسؤول أوروبي ثالث إن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستقول في نهاية أيار/مايو في تقريرها ما إذا كانت إيران مستمرة في احترام تعهداتها أو تنتهكها". وأضاف "لا تفرض العقوبات بناء على تصريحات، لكن الإيرانيين يعرفون تماما مخاطر تجاوز الخط" الأحمر. ولا يزال هناك هامش للأوروبيين.
وتملك ايران حاليا 124 طنا متريا من الماء الثقيل والحد المسموح به وفق الاتفاق هو 130 طنا. كما أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب يبلغ 163,8 كلغ مقابل 202,8 كحد أقصى في الاتفاق، بحسب أرقام الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكانت إيران تخلت عن تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 3,67 بالمئة.
ووصف الاتحاد الأوروبي الإنذار الذي وجهه الرئيس الإيراني حسن روحاني بأنه مناورة تفاوضية سيئة لكن "روحاني في وضع صعب جدا لأسباب اقتصادية"، بحسب أحد ممثليه في بروكسل. وبحسب المصدر ذاته، يتعين على الرئيس الإيراني أن يظهر للمتشددين في النظام من أنصار الانسحاب من الاتفاق النووي، أنه موضع استماع من الأوروبيين ولهذا السبب عليه أن يعتمد لهجة حازمة.
وخاب أمل روحاني لغياب رد فعل للأوروبيين على رفض حكومة ترامب تمديد الاعفاءات التي منحتها لبعض الدول لشراء الخام الإيراني. وتراجعت الصادرات الإيرانية من 1,5 مليون برميل يوميا إلى 700 ألف برميل، وهذا "غير كاف لتمكين البلاد من اقتصاد حيوي" بحسب مصدر أوروبي.
لكن أوروبا كانت تشتري كميات قليلة من النفط الإيراني. وبلغت قيمتها تسعة مليارات دولار في 2017 بحسب أرقام المفوضية الأوروبية. ومع ذلك فإن منتجات الطاقة تمثل القسم الأساسي في واردات أوروبا. من جانبها اشترت إيران منتجات بقيمة عشرة مليارات دولار من دول الاتحاد الاوروبي. وقال المسؤولون في بروكسل إن "الاتحاد الأوروبي لم يتعهد تعويض الآثار الاقتصادية للقرارات الاميركية" موضحين أنه "بالنسبة للعائدات النفطية، ستتوجه طهران إلى الصين والهند أهم حلفائها".
ومن المؤكد أن هناك انزعاج أوروبي من انتقادات طهران المستمرة. واتخذ الأوروبيون إجراء لإرساء آلية مقايضة أنشأتها فرنسا وألمانيا وبريطانيا (دول موقعة على الاتفاق النووي) لتشجيع التبادل التجاري مع إيران بدون استخدام الدولار وبالتالي تفادي العقوبات الأميركية.
لكن إيران تقول إن الآلية لم تتح أي تعاملات حتى الآن. فيما يرد الأوروبيون أن "على إيران أن تنجز الآلية الخاصة بها". وأتاح لقاء في بروكسل يوم الثلاثاء الماضي إحراز "تقدم"، لكن الآلية لا تزال غير كاملة لأن "الإيرانيين لم ينهوا عملهم"، بحسب ما قال مسؤول أوروبي بامتعاض.
ح.ع.ح/ه.د(أ.ف.ب)