لماذا تهدد استراتيجية أوبك بلس تعافي الاقتصاد العالمي؟
١٢ أكتوبر ٢٠٢١أعلن تحالف "أوبك بلس" الذي يضم بعضا من أكبر مصدري النفط في العالم، الأسبوع الماضي بعدم زيادة انتاجه من النفط بما يتجاوز 400 ألف برميل يوميا التي كان يضيفها كل شهر، بمعنى الإبقاء على الزيادة المقررة في إنتاج النفط لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني رغم ارتفاع الأسعار.
وبهذا القرار، تجاهل تحالف "أوبك بلس" الضغوط من كبرى الدول المستهلكة مثل الولايات المتحدة والصين التي طالبت بكبح جماح أسعار النفط الآخذة في الارتفاع. وعزا التحالف قراره الذي اتسم بالحذر إلى حالة عدم اليقين بشأن جائحة كورونا.
يشار إلى أن قرارات "أوبك بلس" وهو تحالف يضم دولا من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بقيادة السعودية مع عدد من بلدان أخرى مصدرة للنفط لكنها خارج المنظمة مثل روسيا، قد أدت إلى ارتفاع في أسعار النفط الخام عدة مرات خلال السنوات الماضية. وقد زاد ذلك من الضغوط التضخمية التي تخشى الدول المستهلكة من أنها قد تعرقل التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا.
وخلال الاثنين الماضي الذي تزامن مع قرار "أوبك بلس" تجاوز سعر خام برنت 81 دولارا للبرميل، أي ضعف العام الماضي. فيما تجاوز سعر خام غرب تكساس 78 دولارا للبرميل، وسط ارتفاع الطلب على الوقود مع خطة الانعاش الاقتصادي السريع من الجائحة.
ولا يزال يتقلص المعروض من النفط مع إحجام كبار مصدري النفط عن ضخ المزيد، بما يقدر بملايين البراميل يوميا من النفط الفائض في الوقت الذي يسعى فيه منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة جاهدين إلى جذب الاستثمارات لتعزيز الإنتاج.
وفي ذلك، قال بيورنار تونهاوغين، رئيس أسواق النفط في ريستاد إنرجي، إن نتائج اجتماع أوبك بلس "لم تكن مفاجئة، لكن مع تجاوز أسعار خام برنت عتبة الـ 80 دولارا للبرميل، فإن هذا المستوى يربك العملاء ويسعد المنتجين؛ لكن يجب توخي الحذر".
وتعززت أسعار النفط بفعل قرارات تحالف "أوبك بلس" الذي يكافح للوفاء بالزيادة المقررة مسبقا والبالغة 400 ألف برميل يوميا إضافية على أساس شهري، إذ يرجع كثيرون الأمر بشكل أساسي إلى القضايا المتعلقة بالتشغيل في نيجيريا وأنغولا التي تعد ثاني أكبر مصدر للنفط في أفريقيا فضلا عن قضايا الصيانة في كازاخستان وتداعيات الأعاصير الذي ضربت خليج المكسيك.
وفي تعليقه على هذا الأمر، قال كيران كلانسي، الخبير الاقتصادي في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية للأبحاث، إذا استمر هذا الوضع كما هو الحال في الوقت الراهن بمعنى "فشل الانتاج في الوصول إلى أهداف المجموعة، فقد تظل أسعار النفط مرتفعة حتى العام المقبل."
زيادة المخاوف من التضخم
وتزامن الارتفاع الكبير في أسعار النفط مع ارتفاع آخر في العرض جراء الزيادة القياسية في أسعار الغاز الطبيعيوالفحم، وهو ما أدى إلى ارتفاع التضخم إلى مستويات تعد الأعلى خلال سنوات في أوروبا، ما ألقى بظلاله على الإنتاج الصناعي. ففي أوروبا، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية مع محدودية الإمدادات من روسيا فضلا عن زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال من آسيا. وما زاد الأمر سوءً، هو انخفاض مخزون الغاز في أوروبا إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد.
ويعني انخفاض إمدادات الغاز أن الشركات وجدت نفسها مرغمة على اللجوء إلى النفط والفحم كمصدر لإنتاج الطاقة وهو الأمر الذي بدوره أدى إلى زيادة الطلب على هاتين السلعتين.
ويوضح تونهاوغين بأن هذا الأمر قد يدفع إلى زيادة الطلب على النفط خلال الشهرين المقبلين، مضيفا أن خطط "التعافي الاقتصادي وقرب فصل الشتاء البارد والتحول من الغاز إلى النفط كمصدر وقود في آسيا ... كل هذا يشير إلى زيادة سريعة في الطلب إلى ما يصل إلى 100 مليون برميل يوميا في ديسمبر/ كانون الأول". بيد أنه يستدرك ويقول "لكن إذا استمرت الأسعار في الارتفاع، فقد تبدأ المرونة في الطلب على النفط في إحداث تأثير، إذ سيعمد المستهلكون بدافع التكلفة إلى خفض الاستهلاك". ويضيف الخبير الاقتصادي بأنه يتعين على الدول المصدرة للنفط خاصة تحالف "أوبك بلس" توخي الحذر من عدم السماح "للأسعار بالتضخم أكثر من اللازم، لأنه في هذه الحالة قد نرى رد فعل سلبي قد ينعكس على التعافي الاقتصادي بعد الجائحة".
يشار إلى أن تحالف "أوبك بلس" قد وافق في أبريل/ نيسان من العام الماضي على إجراء تخفيضات على إنتاجه الإجمالي من خام النفط بمقدار 9,7 مليون برميل يوميا أي ما يعادل 10 بالمائة من إجمالي الإمدادات العالمية جراء تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية وما تسببت فيه من إرباك للاقتصاد العالمي. ويعمل التحالف على التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج مع انتعاش الطلب على النفط مرة أخرى.
وقد دفع هذا الأمر تونهاوغين للقول إن تحالف "أوبك بلس" بات يمتلك "السكين والكعكة في سوق النفط خاصة، وأن التحالف يؤكد على امتلاكه نصيب الأسد من الإمدادات المتبقية غير المستخدمة في العالم". ويضيف بأن هذه الهيمنة "تجعل أوبك بلس بمثابة اللاعب الوحيد في السوق الذي يمكنه إعادة توجيه ظروف السوق بشكل كبير. وذلك بصرف النظر عن أي انقطاع غير مخطط له أو حتى ظروف الطقس (الاستثنائية)".
أشوتوش باندي/ م ع