لأول مرة في ألمانيا..مسلمون في مجلس محطة إعلامية عامة
٢٢ أكتوبر ٢٠١٢تخضع محطات الإذاعة والتلفزة العامة في ألمانيا إشراف من مجالس متخصصة وظيفتها الحيلولة دون حدوث ما شهدته البلاد خلال حقبة النازية من استخدام وسائل الإعلام للترويج لأهداف النظام الحاكم. والمقصود بوسائل الإعلام العامة هنا هي التي يتم تمويلها بأموال دافعي الضرائب وليس للحكومة سلطة عليها.
وتتركز مهمة أعضاء مجالس الإشراف في هذه الحالة على التأكد من حرية بث المعلومات والتنوع في الآراء داخل هذه المحطات لهذا فمن المهم ضمان التنوع بين أعضاء هذه المجالس والذين يجب أن يمثلوا كافة طوائف الشعب باعتبار أن هذه الوسائل تمول من أموال الشعب ومجالس الإشراف تعتبر ممثلة للشعب.
وقررت محطة " زودفيست روندفونك" التي تبث من شتوتغارت بجنوب ألمانيا، ضم عناصر مسلمة لمجلس الإشراف الخاص بها وبذلك تكون المحطة المعروفة اختصارا بـ "ًٍSWR" هي أول محطة عامة تقدم على هذه الخطوة.
ويرى أوميد نوريبور، الإيراني المولد وعضو البرلمان الألماني عن حزب الخضر، أن هذا القرار يتسم بالذكاء ويقول في تصريحات لـ DW:"مجلس الإشراف على محطة إعلامية يتم تمويليها من أموال الضرائب يجب أن يساهم في طرح أكبر قدر ممكن من وجهات النظر".
ويدرك نوريبور أن التأثير الفردي داخل المجلس المكون من 74 عضوا، لن يكون كبيرا. وبالرغم من أنه لا يمكن القول أن المسلمين في ألمانيا يمثلون مجموعة متناسقة وذلك بسبب وجود اختلافات كبيرة بينهم ترجع للدول المختلفة التي ينحدرون منها إلا أن البرلمان الألماني يرى أنه من المهم أن تكون وجهة نظر المسلمين بشكل عام محل اهتمام.
صورة نمطية للمهاجرين في الإعلام
كشفت دراسة أجراها معهد "ميديا تينور" لأبحاث الإعلام عام 2008 أن صورة المهاجرين في وسائل الإعلام تتركز غالبا على تمثيلهم كعناصر إجرامية أو كضحايا لجرائم سياسية. وتنتشر الصحون اللاقطة للبث التلفزيوني على أسطح وشرفات المنازل التي يسكنها أجانب في ألمانيا، وهو ما يعد دليلا على إقبال هؤلاء على مشاهدة محطات أوطانهم الأصلية والتي يتم استقبالها بالأقمار الصناعية.
بعد حوالي 60 عاما من بداية تدفق موجات المهاجرين إلى ألمانيا، أدرك المسؤولون أخيرا أن هناك حاجة لتعديل الاتجاه في الصورة التي يتم بها تقديم المهاجرين في الإعلام كما أدركوا الدور المهم للإعلام في عملية اندماج المهاجرين في المجتمع.
ولا يمكن إغفال المصلحة الاقتصادية في الأمر، فحوالي 16 مليون شخص لهم خلفيات مهاجرة يمثلون بالطبع قوى استهلاكية كبرى، وبالتالي فهم فئة مهمة لشركات الدعاية والإعلانات.
إعلاميون من أصول أجنبية
وألقت خطة الاندماج الوطنية التي تم إقرارها عام 2007، بمسئوليات أكبر على وسائل الإعلام في دعم عملية اندماج الأجانب في ألمانيا. وفي هذا السياق أشارت محطة WDR إلى أن خمس الموظفين الجدد لديها ينحدرون من عائلات مهاجرة.
ويفتح مشاهد القناة الثانية في التليفزيون الألماني "ZDF" عينيه على برنامج صباحي تقدمه دنيا حيالي، المنحدرة من أصول عراقية و ميتري سيرين المنحدر من أصول تركية سورية وأيضا شيرنو جاباتي المولود لأب هاجر إلى ألمانيا قادما من غامبيا.
ويمتد الظهور الإعلامي لمذيعين ومذيعات ينحدرون من أصول أجنبية للقناة الأولى في التليفزيون الألماني ARD التي يعمل بها تيل ناصف المولود لأب سوري وكذلك محطة RTLالتليفزيونية الخاصة والتي تظهر بها نازان إيكس المولودة لأسرة تركية هاجرت إلى ألمانيا.
ويبدو أن هذا التنوع آتى بثماره إذ أظهر استطلاع للرأي أن 76% من المهاجرين في ألمانيا يهتمون بمشاهدة البرامج الناطقة بالألمانية فيما يفضل 45% مشاهدة البرامج التي تبث بلغتهم الأم، مقابل أقلية ضئيلة من المهاجرين كبار السن والذين يعتمدون بشكل أساسي على المحطات التي تبث من الوطن الأم فحسب.
وبهدف تحقيق المساواة في مخاطبة الألمان والمنحدرين من أصول مهاجرة ، تبث قناة ZDFinfoبرنامج "منتدى الجمعة" الموجه خصيصا لمشاهديها المسلمين كما تقوم بعض المحطات العامة بإنتاج برنامجا إذاعيا بـ 14 لغة مختلفة بالاستعانة بفريق عمل متعدد الخلفيات الثقافية.
برامج من المسلمين للمسلمين
وتتيح محطة SWRلمستمعيها المسلمين فرصة الحديث عن عقيدتهم من خلال برنامج إذاعي يبث على شبكة الإنترنت مرة كل شهر تحت اسم "كلمة إسلامية". وفي هذا السياق يتذكر البروفيسور كارل هاينز ماير- براون، مدير القسم الدولي في SWR ومفوض قضايا الاندماج بالمحطة، الانتقادات التي تعرضت لها المحطة في البداية بسبب هذا التوجه ويقول:" واجهنا انتقادا كبيرا في البداية ليس من المواطن العادي، ولكن من الساسة. كانوا يسبونا ويصفونا بأننا محطة إسلامية".
لكن الوضع اختلف بعد بث البرنامج الذي قوبل بالثناء من مختلف الأطراف. ويعلق ماير-براون على الأمر قائلا: "يجب على المرء في هذا المجال إظهار الشجاعة ..تحولت /الكلمة الإسلامية/ الآن لبرنامج رائد".
ويرى ماير-براون أن محطته ساهمت في توضيح صورة الإسلام كما يشدد على ضرورة مواصلة وسائل الإعلام عملها لوضع نهاية للصورة السلبية للإسلام والتي مازالت منتشرة.