كيف يمكن أن يسحب لقاح كورونا البساط من تحت أقدام "داعش"؟
٢٦ يوليو ٢٠٢٠بعد شهور من الاضطراب ووفاة أكثر من 600 ألف شخص، ينتظر العالم بفارغ الصبر إنتاج لقاح فعّال وآمن ضد فيروس كورونا المستجد.وفي هذا السياق يحذر إليوت ستيوارت، محلل شؤون الشرق الأوسط، في تقرير نشرته مجلة ذا ناشونال انتريست الأمريكية، من الإرهابيين والمنظمات الإرهابية، أكبر المستفيدين من الجائحة على حد وصفه.
ويرى ستيوارت أن لهذه الجماعات الدافع والوسيلة لتقويض الجهود المستقبلية للتوصل إلى لقاح لفيروس كورونا، موضحاً أن تنظيم ما يعرف بـ "الدولة الإسلامية" (داعش) التنظيم صاحب الدافع الأكبر، إذ "أنه يحتفي بجائحة كورونا باعتبارها عقاباً من الله ضد أعدائه من "الكفار".
وبالفعل استغلت الجماعة العاصفة التي أثارها الاضطراب الاجتماعي والسياسي نتيجة تفشى الفيروس كفرصة لتعزيز رؤيتها العالمية البغيضة، واجتذاب مُجندين جدد وتحقيق مكاسب على الأرض. وكلما طال أمد الجائحة وما تسببه من مشكلات اقتصادية وسياسية، كلما زادت فرصة تحقيق داعش للمكاسب".
ويثير هذا إمكانية قيام الجماعة محاولة عرقلة الجهود المستقبلية لإنتاج للقاحات لكي تطيل أمد ما يعتبر بالنسبة لها أزمة مفيدة. ويضيف ستيوارت أنه في عالمنا الذي يتسم بالترابط الوثيق، يمكن أن تؤدي عرقلة إنتاج اللقاحات أو الحد من الاستفادة منها إلى الحيلولة دون القضاء على الأمراض،وعودة ظهور الأمراض التي يمكن الوقاية منها عبر اللقاحات، كما حدث مع الكوليرا، وشلل الأطفال والحصبة في السنوات الأخيرة.
عرقلة عمليات التطعيم
من أكبر التحديات التي يراها الكاتب أنه وعند إطلاق عمليات التلقيح قد يقوم "داعش" أو غيره من الجماعات المتطرفة الجهادية بالعمل على عرقلة التطعيم، عبر القيام بهجمات وحشية ضد مراكز التطعيم، ومن يقومون به. وما زال في استطاعة التنظيم الإرهابي على سبيل المثال القيام بذلك، فهو يمتلك - كما يرى المحلل السياسي الأمريكي - نحو 12 ألف مقاتل في العراق، كما أن هذه الجماعات تعتمد عادة على حجج تبث الخوف في نفوس العامة، وتزعزع الثقة في دور اللقاح، في أسلوب يمكنه أن يكون أكثر ضرراً من العمليات على الأرض.
استشهاد محتمل بوقائع
ومن الممكن أن تستشهد التنظيمات باستغلال وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لحملة تطعيم ضد التهاب الكبد الوبائى كستار لجمع المعلومات الاستخباراتية في إطار حملة البحث عن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي قُتل قبل سنوات. وهذا الاستخدام الخاطىء لحملة التطعيم أضفى مصداقية على الشكوك بأن الغرب يستخدم حملات التطعيم لتحديد أهداف لمهاجمتها بالطائرات المسيرة، أو حتى لتعقيم الأطفال حتى لا يستطيعون الإنجاب عند الكبر. ونتيجة لذلك تم اغتيال عدد ممن يقومون بالتطعيم على يد المتطرفين وتمّ حرمان عشرات الأطفال من التطعيم.
ويحث إليوت ستيوارت في تقريره المسؤولين على أخذ تهديدات الجهادين بصورة جدية، وأخذ الترتيبات اللازمة لحماية فرق التطعيم والعمل على تحصين المواطنين المعرضين للخطر ضد الفيروس والمعلومات المضللة التي تثار حوله. وبالإضافة إلى هذه المخاوف المباشرة، يمكن للمجتمع الدولي استغلال القيام بحملة عالمية للتطعيم ضد فيروس كورونا لتوجيه ضربة دائمة لـ "داعش" وغيره من الجماعات الجهادية.
وفي حالة النجاح في الوصول للقاح يكون من المهم للغاية ضمان حصول ذوي الدخل المنخفض والدول التي تمزقها الحروب والمعرضة للفيروس والمتطرفين، على فرصة تلقى إمدادات مبكرة من هذا اللقاح بصورة عاجلة وعادلة، وهو الأسلوب الأكثر إنسانية ومنطقية لإنهاء جائحة كورونا.
كما أن هذه تعتبر فرصة نادرة لدحض دائم للسخرية من موقف المجتمع الدولي السلبي، خاصة الغرب، وهو ما يستغله الإرهابيون الجهاديون لتعزيز قضيتهم.
وللاستفادة من هذه الفرصة، يتعيّن على الحكومات مقاومة إغراء اكتناز الكميات المحدودة المتوفرة من اللقاح لمواطنيها. ويتعين على الدول وخاصة الولايات المتحدة تبنى حل متعدد الأطراف، وعدم الانسحاب من المنظمات الدولية الحيوية. وإذا ما استطاع المجتمع الدولي الوفاء بالالتزامات بالنسبة للحصول على اللقاح بصورة عادلة ومنع الجهادين المفسدين من ممارسة أي عرقلة، فمن الممكن أن يكون لقاح كورونا مفاجأة للعالم بأنه سيكون قصة نجاح عالمي للحفاظ على الصحة ومحاربة الإرهاب، حسب كاتب المقال إليوت ستيوارت.
و.ب/ ع.غ (د ب أ)