سباق العملات الرقمية يشتعل.. وإسبانيا تقتحمه بـ "بيتكور"
٢٣ مايو ٢٠٢١طالما حلم دانيل سانتوس بتحقيق ثراء من خلال "عالم التشفير" وأطلق على نفسه اسم "السيد سانتوس" في قناة دشنها على موقع اليوتيوب تحمل هذا اللقب لتحظى بمتابعة أكثر من 300 ألف مشاهد نشط.
وبسبب معرفته ودرايته القوية بكافة الأمور المتعلقة بالعملات المشفرة، دشن سانتوس قبل أربع سنوات شبكة للعملات الرقمية في المكسيك أطلق عليها اسم (Woonkly) وتهدف إلى تمويل المشاريع الاجتماعية بالعملات الرقمية المشفرة.
وعاد سانتوس لتوه من الولايات المتحدة حيث أقام لعدة سنوات ليستقر به الحال في إسبانيا التي قال إنها باتت أفضل الأماكن في أوروبا فيما يتعلق بالسوق والمجتمع العالمي الخاص بالعملات الرقمية المشفرة.
ويوجد في إسبانيا حاليا قرابة 1200 شركة متخصصة في إنشاء العملات الرقمية البديلة.
وفي هذا السياق، قرر سانتوس الانضمام إلى (Crypto Plaza) وهي حاضنة أعمال مقرها مدريد تدعم الشركات الناشئة عن طريق توفير أماكن عمل وكافة نواحي التكنولوجيا المرتبطة بما يسمى بيئة شبكات (blockchain) أو "سلسلة الكتل".
التربع على عرش تقنيات العملات المشفرة
وكانت إسبانيا البلد الواقع على الطرف الجنوبي للاتحاد الأوروبي، من أوائل الدول التي تبنت تكنولوجيا (blockchain) أو "سلسلة الكتل" حيث احتضنت بشكل سريع عددا كبيرا من العملات الرقمية التي ظهرت كأشكال جديدة من خدمات الدفع الافتراضية.
وأصبحت سلسلة متاجر (الكورتي إنغليس) الإسبانية الشهيرة أحدث من دخل سوق التشفير أو العملات الرقمية المنتعش في إسبانيا. وتقول سلسلة متاجر (الكورتي إنغليس) بفخر إنها أكبر سلسلة متاجر من نوعها في أوروبا من حيث إجمالي الإيرادات.
وكانت الشركة في طليعة رواد الدفع عبر الإنترنت في القارة الأوروبية بل إنها دشنت بطاقات خاصة بالدفع الرقمي أطلقت عليها (Cortisoles) قبل وقت طويل من اختراقها مجال العملات الرقمية.
وحاليا أسست الشركة عملة رقمية مشفرة أطلقت عليها اسم (Bitcor) أو "بيتكور" وذلك بهدف حجز مكان للشركة في عالم خدمات الدفع الرقمي الجديد قبل الأخرين.
وفي ذلك، قال خافيير ريفاس، الخبير في مجال "سلسلة الكتل" والمحاضر في كلية EAE لإدارة الأعمال في مدريد، إن شركة (الكورتي إنغليس) تسير على خطى عملاق البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة "وول مارت" والذي دشن عملة رقمية أطلق عليها اسم (WalmartCoin) أو وول مارت كوين عام 2019 وتم ربطها بالدولار الأميركي وقدمت الشركة الأميركية خصومات نظير استخدام هذه العملة الرقمية.
وفي مقابلة مع DW، أضاف ريفاس أن متاجر الكورتي إنغليس الإسبانية قامت بالترويج لخدماتها المالية بما في ذلك مجالات الائتمان الاستهلاكي ومحافظ التأمين.
وأشار إلى أن عملة بيتكور الرقمية يُتوقع أن تصبح طريقة الدفع المفضلة لحاملي بطاقات الخصم الذين يفوق عددهم 11.5 مليون شخص.
البنوك في مأمن
ولم يكن الأمر بالمفاجي أن تحقق إسبانيا قفزة كبيرة ومثيرة للإعجاب في عالم التشفير في إسبانيا.
فعندما تم توسيع شبكات السكك الحديدية في إسبانيا قبل عشر سنوات، استغلت الحكومة الفرصة وقامت بإنشاء شبكة ألياف ضوئية كاملة التي أصبحت فيما بعد حجر الأساس الذي مهد الطريق أمام هذا النجاح الحالي فيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي.
وقبل عشر سنوات أيضا، أنشأت الحكومة في مدريد ما أطلق عليه "نظام الحماية الوطني" وهي منصة اختبار تعمل على مدار الساعة من أجل ضمان الامتثال التنظيمي وفحوصات الأمان للعمليات المالية بما يشمل شبكات العملات الرقمية وشبكات "سلسلة الكتل".
وعلى إثر ذلك، استثمرت العديد من المصارف الإسبانية مثل بنك "كايكسابانك" الأكبر في البلاد، في منظومة حماية رقمية خاصة به وذلك من أجل مواكبة هذا التطور الكبير.
وبفضل هذا التطور، احتلت إسبانيا المرتبة الخامسة على مستوى العالم للدولة التي تمتلك ماكينات صرف آلي خاصة بالبتكوين وهي العملة الرقمية الأكبر في العالم، وفقا لشركات مراقبة السوق.
فيوجد في إسبانيا 110 ماكينة صرف آلي خاصة بالبتكوين متاحة للعامة مقارنة 9046 ماكينة في الولايات المتحدة و921 في كندا و290 في المملكة المتحدة و150 في النمسا.
ومؤخرا، قال مسؤولو السياحة في مدريد إنهم يعملون على إنشاء عملة رقمية مشفرة من أجل تسهيل الدفع في هذا القطاع.
وفي هذا السياق، قامت سلسلة الضيافة المعروفة ب "حمام الأندلس" بجمع 24 مليون يورو أم ما يعادل 29.30 مليون دولار عن طريق اصدار عملة رقمية أُطلق عليها اسم (Helysia) بدعم من هيئة سوق الأوراق المالية في إسبانيا.
وترغب الشركة من وراء هذا الأمر إلى تمويل التوسعات الجالية وتقدم خصما يصل إلى 10 بالمائة على الاستثمار في هذه العملة المرتبطة باليورو.
التغيير للأفضل
وصبت شركات إسبانية مثل الكورتي إنغليس وسلسلة الضيافة "حمام الأندلس"، جل تركيزها على اصدار عملات رقمية لضمان الاحتفاظ بالعملاء على المدى البعيد، حسبما يؤكد خافيير ريفاس. ويضيف "أفضل أن اطلق عليها اسم " رموز رقمية" (التوكن) وليس عملات رقمية جديدة".
وفي هذا يشير ريفاس إلى الفارق بين مصطلح "العملات الرقمية" ومصطلح "الرموز الرقمية" أو (التوكن) وهي التي لا تعمل على شبكة "سلسلة الكتل" خاصة بها على غرار العملات الرقمية مثل البتكوين أو إيثيريوم.
وأيا كان المسمى، فقد أظهرت مدينة ليبريخا الإسبانية هذا العام أنه يمكن الاستفادة من كلاهما.
فقد اصدرت المدينة عملة رقمية أو رمرز رقمي عُرف بـ (Elio) من أجل دفع المساعدات الخاصة بوباء كورونا فيما حرصت السلطات على دعم المتاجر والشركات المحلية بعملات رقمية.
وحققت عملة (Elio) نجاحا بل ساهمت في اقناع من يعيشون في المدينة ولا يزالون يشككون في قوة العملات الرقمية المشفرة أو التقنيات الجديدة التي يطلق عليها حاليا "طرق التمويل اللامركزية" أو (DeFi).
ومع ذلك، لا يزال المتحمسون لهذا المجال كدانيل سانتوس أمامهم طريق طويل لتحقيق قبول واسع النطاق للعملات الرقمية وتشجيع الناس على الدفع بها.
وقال سانتوس في اجتماع افتراضي نظمته (Crypto Plaza) "أريد تغيير العالم للافضل" حيث أشاد بالعملات الرقمية باعتبارها وسيلة تحمي من التضخم المتسارع الواقع في العملات العادية.
وفي مشروعه الأخير والذي وصفه سانتوس بمثابة بنك جديد وأطلقه عليه اسم (Saurus) ويرمي من وراءه إلى تسهيل الدفع عبر العملات الرقمية للسلع والخدمات عن طريق التغلب على العقبات التنظيمية التي تضعها المصارف التجارية والبنوك المركزية.
وبشكل عام فإنه يوجد في اسبانيا مقارنة بأي بلد أوروبي آخر، عدد أقل من المشككين او غير المصدقين في جدوى العملات الرقمية وذلك لأن قطار البتكوين قد أنطلق بالفعل في إسبانيا.
شتيفاني كلاوديا مولر/م.ع