كيف أعاد الوباء العابر للحدود إغلاق فضاءات أوروبا المفتوحة!
١٢ فبراير ٢٠٢١لم يفكر رئيس المجلس الأوروبي السابق جان كلود يونكر كثيرا حين أجاب في لقاء مع DW العام الماضي على سؤال بشأن الموجة الثانية لكورونا، وقال:“ ألمانيا أغلقت الحدود من دون أن تفكر في مواطنين يمكن أن يصبحوا ضحية قرار قاس“. إلا أن يونكر شعر بالراحة في شهر فبراير هذا العام. فالحدود بين ألمانيا ولوكسمبورغ مفتوحة، ومن يسافر عبر حدود البلدين عليه عدم خشية المراقبة عبر الحدود أو الاضطرار إلى البقاء في العزل الصحي. إلا أن وزارة الخارجية الألمانية نصحت مواطنيها بعدم زيارة البلد المجاور بسبب ارتفاع عدد الإصابات في لوكسمبورغ، إذ بلغ معدل الإصابات الأسبوعية 170 حالة لكل 100 ألف شخص.
الحدود بين بلد رئيس المجلس الأوروبي السابق وبين ألمانيا تعتبر من الحدود القليلة بين دول الاتحاد الأوروبي التي مازالت مفتوحة بشكل شبه طبيعي، مقارنة بكثير من دول الاتحاد التي وضعت حواجز عند حدودها، حتى وإن كانت حواجز بيروقراطية. إذ تحاول سلطات الدول وضع حواجز من نوع إجراءات روتينية وتحضير أوراق وفرض العزل الصحي، حتى بالنسبة لحالات غير ضرورية، في حالات العبور بين الحدود.
من جانب آخر حصد سياسيون من وعودهم التي قطعوها بعدم فصل جائحة كورونا بين الناس مرة أخرى، حيث يسعى بعض السياسيين المحليين لتقليل خسائر الجائحة قدر الإمكان. كريستوف اريند، العضو في الجمعية الوطنية الفرنسية لبلدة فورباخ الحدودية مع ساربروكن الألمانية خلال العام الماضي أشار مرارا إلى أن الحدود في بلاده لم تعد تلعب دورا وأن عمليات الإغلاق ستمزق العائلات والقرى، ومع ذلك لم يتحقق شيئا.
وفي شهر يناير، كانون الثاني قررت الحكومة الفرنسية السماح لمواطني الاتحاد الأوروبي بالسفر إلى فرنسا بشرط تقديم وثيقة تثبت الخلو من فيروس كورونا. إلا أن اريند تمكن من تشديد هذه الشروط على المواطنين المتنقلين بين حدود فرنسا وألمانيا في بلدته، بشرط عدم بقائهم أكثر من 24 ساعة.
لا اعتراضات على المراقبة
لا توجد أي اعتراضات واسعة على قواعد الانتقال على طرفي الحدود الفرنسية الألمانية. بعكس ذلك فإن الوضع في جنوب ألمانيا يبدو مختلفا. فالنمسا اشترطت العزل الصحي لمدة 10 أيام بالنسبة للمسافرين لغرض السياحة. ومن يرغب بتجاوز هذه المرحلة فعليه إجراء فحص PCR على أن لا يتجاوز 72 ساعة. كل المسافرين يجب عليهم التسجيل ألكترونيا قبل السفر، حتى وإن كان الأمر يتعلق بالتزود بالوقود.
الجانب الألماني أيضا وسع من نطاق الضوابط بشكل كبير، مثلما يوضح المتحدث باسم رئاسة الشرطة في جنوب بافاريا ستيفان سونتاغ: "نحاول السيطرة قدر الإمكان". الجانب الألماني يركز في المقام الأول في فحص الحدود بعد انتشار فيروس كورونا المتحور الشديد الانتقال في ولاية تيرول الحدودية مع ألمانيا، وخصوصا أن تخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي دخلت حيز التنفيذ في النمسا في بداية الأسبوع.
الحفاظ على ما أنجز
هذه الخطوة تمثل بالنسبة للجانب البافاري الخطوة الأخيرة للحفاظ على ما أنجزته قواعد التباعد الاجتماعي والسيطرة على الجائحة في هذه الولاية المجاورة للنمسا. وانتقد رئيس حكومة الولاية ماركوس سودر الجيران في النمسا بشدة بشكل وقال: "أعتقد أنه من الجدير بالمناقشة كيف أن النمسا تسمح بتخفيف قواعد التباعد، على الرغم من أن معدل الإصابة هناك أعلى بكثير من بافاريا".
لم يكن الحديث على جانبي الحدود حول ارتفاع نسب الإصابات بفيروس كورونا خافتا خلال الفترة الماضية، لكنه أصبح أكثر وضوحا خلال الأسابيع الماضية بسبب محاولة ألمانيا الحفاظ على معدل إصابات أقل خصوصا بعد تمديد فترة الإغلاق حتى السابع من مارس القادم، وهي خطوة أكثر تحفظا من الخطوات التي اخذتها النمسا.
لا استثناءات
ليست ألمانيا وحدها التي تحاول من خلال تقييد إجراءات السفر والتنقل بين الحدود الحفاظ على نسب منخفضة للإصابات. حتى الدنمارك التي يصل فيها معدل الإصابة إلى 50 بين كل مائة ألف خلا أسبوع، أعلنت أن كل العالم منطقة خطرة. والسفر إلى أراضيها لأغراض سياحية ممنوع تماما، حتى بالنسبة لأصحاب القوارب وأصحاب مساكن العطل الذين ينتقلون خلال العطل للسكن فيها من بلدان مجاورة. لكن توجد حالات استثنائية بالنسبة للأشخاص الذين يعملون فيها ويسكنون في بلد مجاور أو العكس، والذين عليهم أيضا تقديم فحص سلبي لفيروس كورونا.
ورغم محاولة رؤساء حكومات ودول الاتحاد الأوروبي الوصول إلى اتفاقات وإجراءات موحدة، إلا أن الخلافات في طبيعة الإجراءات بقيت واضحة للعيان، وتعتمد على قرار الدولة نفسها. فالحكومة الفرنسية حاولت قدر المستطاع خلال القمة الأوروبية الأخيرة الوصول إلى فحص صحي موحد عبر الحدود بين دول الاتحاد، إلأ أن المفاوضات لم تصل إلى نتيجة بهذا الخصوص.
خلافات أوروبية
من وجهة نظر ألمانية فإن الوصول إلى استراتيجية #Nocovid يعني ضرورة الوصول إلى اتفاق معين بين هذه الدول. لا كوفيد #Nocovid هي مبادرة في ألمانيا تخطط إلى إقفال تام وصارم لمدة طويلة ينخفض خلالها معدل الإصابة إلى أقل من 10 أشخاص بين كل مائة ألف، وذلك قبل التفكير في تخفيف قواعد التباعد والإغلاق. مثل هذه الخطوة لا يمكن تصورها من دون مشاركة دول الاتحاد الأوروبي، الذي لم تتفق الدول الأعضاء فيه على استراتيجية وقواعد فحص كورونا موحدة حتى الآن، ولا حتى وقت محدد لفتح المدارس.
سواء ألمانيا أو فرنسا أو النمسا أو الدنمارك ، تعتمد في أوروبا جميع حكومات الدول على الحد من تنقل السكان من أجل إبطاء انتشار الفيروس.ولهذا يجب تطبيق قواعد في السيطرة على الحدود ضمن هذا المنطق. وفي العام الماضي نوقشت كذلك أفكار أخرى. وكان يأمل الخبراء أن تساعد تطبيقات التحذير من كورونا في احتواء الوباء، حتى عبر الحدود.
تطبيقات عبر الحدود
واقعيا تمكنت دول الاتحاد الأوروبي على الأقل من الإعلان عن نجاح تقني، إذ أن هناك عشرات تطبيقات التحذير التي تعمل مع بعضها البعض - تم العمل بتطبيق نمساوي أيضا قبل بضعة أيام. ومن خلال هذه التقنيات يتم الآن تحذير النمساوي الذي كان على اتصال يحتمل أن يكون خطيرا مع أحد مستخدمي التطبيق الألماني من خلال تطبيقه. تبادل البيانات هذا موجود أيضا في دول مجاورة مثل بلجيكا والدنمارك وبولندا.
على المستوى الأوروبي، ظهر أن فرنسا الدولة المهمة في الاتحاد تستعمل تطبيقا غير متوافق مع تطبيقات الدول المجاورة. بل أن هذا التطبيق يعتبر قد فشل تماما داخل حدود فرنسا نفسها. وحتى بلد رئيس المجلس الأوروبي السابق جان كلود يونكر لم تعتمد تطبيقا معينا بهذا الشأن وليس لها نية في الاعتماد مستقبلا.
أندرياس نول/ ع.خ