كوبا الأقدم وإيران الأبرز.. هل يوجد تأثير للعقوبات الدولية؟
٢١ أغسطس ٢٠٢٢حظر على بيع الأسلحة، منع السفر، حصار تجاري، عقوبات نسمع عنها وتتسارع ضد دول مختلفة. آخرها خطوة الصين بمنع التصدير إلى تايوان، والعقوبات الغربية على روسيا بسبب غزو أوكرانيا.
وبينما تطبق الأمم المتحدة عقوبات على 14 دولة، تضم قائمة الاتحاد الأوروبي 35 دولة، وتبلغ قائمة الولايات المتحدة 38 دولة ومنظمة. لكن هل تنجح هذه العقوبات، التي تعد بديلا للنزاعات المسلحة؟ وهل تتجاوز كونها إشارة سياسية؟
في آخر تقرير له كشف المعهد الألماني للدراسات الدولية والإقليمية (Giga) نتائج مختلفة.
يظهر التقرير "أن أقل من نصف العقوبات تنتهي بتنازلات من قبل الأطراف الخاضعة للعقوبات". ما يعني أن "العقوبات أداة صناعة سلام متناقضة ومثلها مثل التدخلات العسكرية، يجب أن تدمج في استراتيجية سياسية، دبلوماسية واقتصادية شاملة".
وبحسب معهد (Giga)، كانت هناك "نجاحات واضحة". مثل إنهاء برنامج الأسلحة النووية الليبي (عقوبات 1978-2006)، وإجراءات مكافحة الفساد ضد بلغاريا (2007-2009) وعقوبات الأمم المتحدة على الحرب الأهلية في ساحل العاج (2003-2016). كما تعتبر العقوبات المفروضة على نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في التسعينيات ناجحة أيضا.
من القائمة الطويلة للبلدان الخاضعة للعقوبات، ومعظمها يقع في جنوب الكرة الأرضية، اختارت DW ست دول لإلقاء نظرة على تأثير العقوبات المعنية على تلك الدول.
تركيا
منذ 14 تشرين الثاني/ أكتوبر 2019 ، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أنقرة، بسبب التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط قبالة سواحل قبرص. وتشمل الإجراءات حظر السفر وتجميد أصول الأفراد والشركات العاملة في إنتاج الغاز.
كما فرضت الولايات المتحدة أيضا عقوبات على شريكتها في الناتو منذ كانون الأول / ديسمبر 2020. والسبب هو شراء أنقرة لمعدات عسكرية من شركة روسوبورون إكسبورت الحكومية الروسية لتصدير الأسلحة. وبذلك يعتبر أن أنقرة خرقت العقوبات الأمريكية الثانوية التي تحظر التعامل مع دول، تفرض عليها واشنطن عقوبات مثل روسيا. وأدت العقوبات إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في تركيا، لكنها لم تؤد بعد إلى تراجع الرئيس أردوغان.
فنزويلا
دول عديدة فرضت إجراءات عقابية ضد حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك وبنما وسويسرا.
عقوبات الولايات المتحدة على الحكومة في كاراكاس واسعة النطاق منذ عام 2015 وضد شركة النفط "PDVSA" المملوكة للدولة، وقد فرضت منذ عام 2019. لكن على ضوء أزمة الطاقة الحالية، تم تخفيف بعض القيود. ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 ، فرض الاتحاد الأوروبي أيضا تدابير تقييدية ردا على انتهاكات حقوق الإنسان والديمقراطية. كما أدت العقوبات إلى عزل فنزويلا سياسيا وجعلها أكثر اعتمادا على الصين وروسيا. والنتيجة لم يتحقق تغيير النظام المطلوب.
كوبا
أطول حظر تجاري على دولة في العالم، هو الحظر المفروض من الولايات المتحدة على كوبا منذ عام 1962، الذي فرضه الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي. وكان هدف العقوبات آنذاك هو الإطاحة بنظام الرئيس فيديل كاسترو والنظام الشيوعي في كوبا.
ومنذ عام 1992 تقدم كوبا اقتراحا كل عام إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة وإلغاء الحظر التجاري الأمريكي. وتؤيد الغالبية العظمى من الدول الآن وضع حد للإجراءات العقابية، خاصة دول أمريكا اللاتينية. كما رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته عن كوبا في عام 2008.
وخلال حقبة الرئيس باراك أوباما خففت واشنطن العقوبات، وعادت إليها خلال فترة ترامب، ويرغب الرئيس الحالي جو بايدن في تخفيف العقوبات عن كوبا من جديد. والغريب أن العقوبات الأمريكية زادت من قوة النظام في هافانا، الذي كان يلوم الولايات المتحدة على كل الأزمات التي تمر بها البلاد.
مالي
تعرضت مالي الواقعة في غرب إفريقيا إلى عقوبات متعددة: من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2017 ومن قبل الجماعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" وكذلك من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
وبسبب "الانتهاكات المتكررة لاتفاقية وقف إطلاق النار ومعاهدة السلام لعام 2015 والأنشطة الإرهابية والهجمات ضد بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام "مينوسما"، قررت الولايات المتحدة في 26 تموز/ يوليو 2019 فرض عقوبات إضافية على مالي.
وكانت مجموعة إيكواس الاقتصادية بغرب إفريقيا، التي فرضت أيضًا عقوبات على مالي بعد الانقلاب العسكري في آب/ أغسطس 2020، قد رفعتها في 7 تموز/ يوليو من العام الجاري. والسبب هو أنه مع الإعلان عن إقامة انتخابات برلمانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 وانتخابات رئاسية في عام 2024، تم استيفاء أساس رفع العقوبات.
ليبيا
قائمة العقوبات المفروضة على ليبيا طويلة جدا. فقد فرض مجلس الأمن الدولي سلسلة من القيود لأول مرة في عام 1993 بعد سقوط طائرة ركاب أمريكية فوق لوكربي بإسكتلندا. وقد تم رفعها في عام 2003 بعد أن أقر الرئيس الليبي آنذاك معمر القذافي بالذنب وجرى تعويض 270 من عائلات الضحايا.
وخلال الحرب الأهلية التي بدأت عام 2011، أقر مجلس الأمن مجموعة من العقوبات، بما في ذلك منطقة حظر طيران. كما جرى تمديد حظر تصدير النفط إلى 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بعدما كان من المفترض رفعه في 30 حزيران/ يوليو 2022. وفي 21 أيلول/ سبتمبر 2020، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات إضافية على انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات حظر الأسلحة. وكانت الإجراءات ناجحة جزئيا، وبالخصوص منطقة حظر الطيران.
إيران
إيران هي أكثر بلد يرزح تحت نظام عقوبات، والسبب يعود إلى البرنامج النووي الإيراني وانتهاكات حقوق الإنسان وتهم تتعلق بدعم الإرهاب.
ورفعت عقوبات الأمم المتحدة عن إيران على خطوتين. في 16 كانون الثاني/ يناير 2016 بعد التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي مع دول خمسة زائد واحد، التي تضم الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2020 رفع الحظر المفروض على الأسلحة من قبل الأمم المتحدة. العقوبات على إيران تعتبر أيضا ناجعة.
لكن سلسلة العقوبات لم تنتهِ، فالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تفرضان عقوبات على إيران بسبب خروقات لحقوق الإنسان. ورغم تخفيفها للعقوبات نوعا ما، تفرض واشنطن نظام عقوبات معقد على طهران.
وللعقوبات تبعات اقتصادية ضخمة في إيران. وبعد زيارة لإيران في أيار/ مايو من هذا العام، أبدت مبعوثة الأمم المتحدة ألينا دوهان "قلقها الشديد" بشأن المشكلات الإنسانية في البلد.
أستريد بلانغا دي أوليفيرا/ ع.خ